لو بحثتَ في تاريخ الحروب، لوجدت أنَّهُ في معظمها تكون المعارك الأخيرة هيَ الأشرس..
فالجيش المتقهقر يلعب آخر أوراقه، ويُحاول المُباغتة والمراهنة على الوقت، وإطالة الحرب، لإضعاف عزيمة ومعنويات الجيش الآخر.
المعركة الأخيرة تكون قاسية، والمطلوب عندها هوَ الثبات وعدم التراجع، وٱستيعاب مناورات العدو وخدعه، والصمود في المواقع المُتقدِّمة حتى ٱنتهاء المعركة، وتحقيق النصرة النهائية.
تقول كلمة الرب:
" ولكن الذي يصبر إلى المنتهى، فهذا يخلص " (متى 24 : 13).
وتأتي كلمة " يصبر " أيضًا بمعنى " الصمود ".
إن الحرب هذه الأيام قاسية على بلدنا، وعلى الكنيسة، وعلينا كأفراد، والمطلوب هوَ الصمود إلى المنتهى.. حتَّى النهاية.. نهاية المعارك الأخيرة التي تسبق النصر الحقيقي.
كُن مُقادًا من الرب، وٱمضِ أوقاتًا أطول في الصلاة والجلوس مع الرب، لكي يُشجِّعك ويقودك ويُعطيك القدرة على المقاومة والثبات.
داود كان يُدرك تمامًا أهميَّة القيادة، ولم يكن يخوض حربًا قبلَ أن يستشير الرب.. كان يسألهُ كيف يخوضها.. متى.. ومن أين يبدأ.. كما كانَ يعلم أنَّهُ هناك وقت للاحتماء بالرب وللاختباء تحت ظل جناحيه، حينما تكون الحرب قد حُسمت، ولكنها تحتاج إلى بعض الوقت لتنتهي..
يقول الرسول بولس:
" أخيرًا يا إخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته، ٱلبسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس، فإنَّ مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات، من أجل ذلك ٱحملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير، وبعد أن تتمموا كل شيء، أن تثبتوا، فٱثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق ولابسين درع البر، وحاذين أرجلكم بٱستعداد إنجيل السلام، حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تُطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة، وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله، مُصلّين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح، وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لإجل جميع القديسين، ولأجلي لكي يُعطى لي كلام عند ٱفتتاح فمي لأُعلِّم جهارًا بسر الإنجيل ".
(أفسس 6 : 10 – 19).
هذا هوَ الحل.. ويُسمِّيه الرسول بولس: سلاح الله الكامل..
ممنطقين بالحق.. لأننا نعرف الحق، والحق يُحرِّرنا من كل أكاذيب وقيود وضعفات..
عندما نسمع لكلام الرب، فلا بُدَّ أن يتلاشى كل كلام آخر.. وما أكثر الكلام السلبي في هذه الأيام..
لابسين درع البر.. لكي لا نستمع لأي دينونة أو شعور بالتقصير والضعف، نُعلن أننا بر الله في المسيح يسوع، عالمين أننا ضعفاء ولكننا في المسيح أقوياء..
حاذين أرجلكم بٱستعداد إنجيل السلام.. فالسلام لن يأتي إلى لبنان إن لم نُعلن وننشر كلمة الله في هذا البلد.. فلا توجد مواسم للتبشير، لأنَّ الأيام شريرة ومجيء الرب يقترب.. فكُن مستعدًّا، لا بل مُداومًا على التبشير وإعلان كلمة الله، لأنَّها وحدها من يُغيِّر الظروف وهيَ لن ترجع فارغة..
حاملين ترس الإيمان.. لا تسمح لهذا السلاح أن يسقط من يدك ولو للحظة واحدة، لأنَّكَ من دونه لن تستطيع أن تثبت وتُطفئ السهام، فإن كنت قد فقدت إيمانك بسبب هذه الظروف الصعبة، ٱطلب من الله أن يرفع إيمانك من جديد، قوِّي إيمانك بالكلمة، لأنَّ الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله، فعندما تقرأ كلمة الله ستتشجَّع وستعلم من هوَ إلهك، وكم هوَ مهتم بكَ، وما فعلهُ مع المؤمنين عبر التاريخ..
وسوف تتعلَّم منهم وسيرتفع إيمانك من جديد..
وخذوا خوذة الخلاص التي ستحمي أذهانكم من كل أكاذيب العدو.. والتي ستقف سدًّا منيعًا بوجه أي شك أو خوف أو قلق أو حزن، فالرب يسوع خلَّصنا، فلا نخشى شيء ولا يهمّنا شيء، لأنَّهُ منذُ أن خلَّصنا أصبحنا لهُ وأصبح كل شيء منهُ وبهِ ولهُ، وحسبنا كل شيء نفاية من أجله، فلا نسمح لأي شيء أن يسلب منَّا فرح وسلام الخلاص..
وسيف الروح الذي هوَ كلمة الله.. لكي نُدافع عن أنفسنا ونُلحق الخسائر بإبليس..
فالسيف هو سلاح للدفاع وللهجوم.. إعلن كلمة الله وواجه إبليس بإيمان وثقة..
إنَّ كلمة الله صادقة وكل إنسان وعيان وأرواح شريرة كاذبة.. عندما يقول لكَ إبليس أنَّكَ ضعيف.. قل لهُ: إننا أعظم من منتصرين في المسيح الذي يُقوِّينا .. عندما يقول لكَ إبليس أنَّكَ فاشل.. قل لهُ: كل ما سأصنعهُ سينجح، عندما يقول لكَ إبليس أنَّك مهزوم.. قل لهُ: أنا في السماويات فوق كل رياسة وسلطان، أنا أدوس العقارب والحيَّات وكل قوَّة للعدو ولن يضرني شيء...
" ٱحملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير، وبعد أن تتمموا كل شيء، أن تثبتوا ".
أحبائي: إنَّهُ وقت للثبات.. ربما تشعر أنَّكَ حاربت بما فيه الكفاية، وخضت كل الحروب التي قادك إليها الرب، وحققتَ ٱنتصارات في حياتك.. لكن الآن قد جاء الوقت لكي تثبت في مكانك ولا تتراجع في اللحظات الأخيرة التي تسبق النصرة النهائية.. وتنتظر الرب لكي يقودك إلى أماكن أُخرى..
إنها المعارك الأخيرة، ولا بُدَّ أن تكون أشرسها، لأنها تسبق ٱستسلام العدو وٱحتلال الأرض.. يُحاول العدو الكذب وإظهار كل ما لديه من التهويل كما لم يفعل من قبل، بغية إرباكنا وإضعافنا، لكننا اليوم كما قال كالب ويشوع نقول:
" نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها ".
نعم.. فنحن لا نُنكِر.. هناك بني عناق.. أرواح شريرة.. مخاطر.. ضغوط...
ولكن هناك أرضًا تفيض لبنًا وعسلاً.. نفوس ستأتي للرب وتخلص.. لبنان يخلص.. وتتحقق الرؤية..
لم ينفِ كالب أو يشوع وجود بني عناق.. لكنهما كانا يعلمان أنَّ الذي معهما أقوى من الذي عليهما..
فالإيمان لا يُنكِر العيان بل يُغيِّره.. فمهما هوَّلَ إبليس ومهما علا صوته، ومهما حاول أن يفعل، فلا أُريدك أن تنسى للحظة واحدة، بأنَّهُ عدو مسحوق الرأس ومهزوم ومُجرَّد من كل قوَّة وسلطان علينا..
لا تطرح ثقتك بل تمسَّك بالرب، وتمسَّك بيد كل أخ لكَ في الكنيسة لكي نكون رجلاً واحدًا في الحرب.. وعندما يضعف أخوك شجِّعهُ وٱرفعهُ، لكي يرفعك عندما تضعف أنت..
إثبت في مكانك ولا تتراجع أبدًا.. إنها مسألة وقت وليست مسألة هل سنخسر الحرب أو سنربحها، لأننا سنربحها بكل تأكيد..
لا نجهل أفكار العدو ولا نجهل خططهُ.. لأننا عالمين أن الحرب هيَ للرب..
آخر المعارك.. أشرسها.. ومن يصمد حتَّى النهاية هوَ من يربح الحرب ويمتلك الأرض..