رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مخافة الله قراءات كتابية: تك 20 إن عبارة "مخافة الله" (آ 11) التي هي الموضوع الاساسيّ الذي نودّ التأمّل فيه. كان استعداد أول مع فعل "خاف" في آ 8. هو خوف لدى عبيد ابيمالك. ولكنهم هم لا يعرفون سبب هذا الخوف. "خافوا جداً". يقول النصّ هذا الكلام، فيدلّ على أن هذه العاطفة الدينيّة موجودة عند اليهود وعند اللايهود. إن مخافة عبيد أبيمالك تشبه مخافة أناس وجدوا نفوسهم أمام إله يرعبُ الناس. قد نكون أمام مخافة دينيّة تشبه مخافة العبد من العصا. ولكن مجمل الخبر يتيح لنا أن نفهم أنهم مستعدون لأن يعيشوا مخافة أخرى تصفها آ 11. فمضمون مخافة الله في هذه الآية واضح: هي الطاعة لقواعد أخلاقيّة يحافظ عليها الاله. اذن، لسنا فقط أمام عاطفة سيكولوجيّة، بل أمام طاعة لشريعة الله، وجب على بني اسرائيل أن يعيشوها ولكنهم لم يفعلوا. فصاروا مثل يونان الذي لم يعرف أن يصلّي ساعة هاج البحر، بل استغرق في نوم عميق وكأنه لا يريد أن يسمع صوت الله. وصاروا مثل أورشليم التي ما أرادت أن تتوب كما فعل أهل نينوى. ذاك سيكون الوضع في الكنيسة الفتيّة. احتشد أهل مدينة أنطاكية بسيدية ليسمعوا كلام الله. فلما رأى اليهود الجموع، امتلأوا غيرة وأخذوا يعارضون كلام بولس بالكفر والشتيمة. فقال بولس وبرنابا بجرأة: "كان يجب أن نبشّركم أنتم أولاً بكلمة الله، ولكنكم رفضتموها، فحكمتم أنكم لا ترون أنفسكم أهلاً للحياة الابديّة. ولذلك نتوجّه الآن إلى غير اليهود، إلى الوثنيين" (أع 13: 44- 46). ما جهل أبيمالك الشريعة التي تمنع الرجل أن يأخذ أمرأة جاره. ولكنه جهل أن سارة امرأة متزوجّة. وهكذا، حين علم بالخبر دلّ حالاً على أنه عائش في مخافة الله. وهكذا بدت حياته الاخلاقية أسمى من المؤمن بالله. وهذا ما يجب أن يطرح علينا سؤالاً. هل تتوافق حياتنا مع إيماننا؟ فقد يجدّف الناس على الله بسببنا، لأننا نقول لا تسرق ونسرق... وشي خبر نعمان، لا نجد موضوع مخافة الله مع أننا في وسط نبويّ. هذا يعني أن خبر ابراهيم في جرار هو خبر متأخّر. هو يرتبط بأسفار الحكمة التي قالت: "رأس الحكمة مخافة الله". وهكذا بدا أبيمالك حكيماً مثل هؤلاء الحكماء الذي عرفهم الشرق من مصر إلى بلاد الرافدين وذكر بعضَهم سفرُ أيوب. تلك كانت قراءة ثانية للبنتاتوكس أو أسفار موسى الخمسة حيث اكتشفنا مع دور الملك والنبيّ، مخافة الله التي يجب أن يعيشها المؤمن، كل مؤمن. سواء آمن بالاله الواحد أو آمن بإله الأرض التي يعيش فيها. فإن كان من تسلّم الوحي قد نال من الله شريعة ووصايا، فالذي لم يتسلّم وحياً يعرف من خلال ضميره، من خلال صوت الله فيه، ما يجب أن يعمل ليرضي الله الذي يجازي كل انسان حسب أعماله. ففي النهاية، ما يطلبه الله من الانسان هو السعادة له ولمجتمعه. وحفظ الوصايا أفضل طريق في هذا السبيل، ومن تحلّى بمخافة الرب حفظ وصاياه. درسنا بشكل خاص مقطعاً من سفر التكوين نرى فيه مخافة الله لدى الشعوب الوثنية، وقد عرفناها في محيط الحكماء في أرض اسرائيل كما في خارجها. وها نحن نرافق هذه المخافة في حياة الآباء، في حياة ابراهيم وحياة يعقوب، عند يوسف وعند موسى. بعد ذلك، نعود إلى النصوص التشريعيّة التي تساعدنا على أن نضع موضع العمل هذه المخافة التي يجب أن تنير سلوكنا والتي هي أعظم مديح نقدّمه لانسان من الناس. نقول: هو يخاف الله. مثل هذه المخافة ليست عاطفة العبد الذي يرتعد أمام سيّده، بل عاطفة المحبّ مع حبيبه فيعمل ما في وسعه ليمنع كل ما يعكّر هذه العلاقة الحميمة التي تبقى سريعة العطب. 1- مخافة الله في حياة الآباء أ- دورة ابراهيم بعد أن قرأنا تك 20 وعرفنا أن ابراهيم نبيّ رغم كل شيء، كما عرفنا أن أبيمالك عاش مخافة الله، نقرأ بسرعة معاملة أبي الآباء لهاجر في تك 21: 9- 21. ليس وجهُه هنا الوجهَ المشرق، وسوف يتصرّف مع جاريته ومع ابنها انطلاقاً من عواطف بشريّة أو إطاعة لأمر سارة زوجته. قالت له: "أطرد الأمة وابنها" (تك 21: 10). وهكذا فعل. أعطاها بعض الخبز وقربة ماء، فراحت تهيم في الصحراء. ولكن الرب عوّض عن قساوة قلب البشر. صرخت هاجر فسمع الرب صراخها وأرسل لها من يدلّها على عين ماء. قال لها الرب: "لا تخافي" (آ 17). ويتابع النصّ: "وكان الله مع الغلام" (آ 20) أي مع اسماعيل حتى كبر. فمخافة الله التي غمرت هاجر، لم تملأ قلب ابراهيم حين فعل ما فعل. ولكنها ستظهر في تقدمة ابنه ذبيحة للربّ (تك 22). اعتاد الناس في المنطقة أن يقدّموا أبناءهم ذبيحة بها يعبرّون عن تعبّدهم لإلههم. وأراد ابراهيم أن يفعل كما يفعلون. ومع أن الذبيحة التي سيقدّمها هي: الابن، الابن الوحيد، اسحاق، الولد المحبوب، مع ذلك عزم على أن يقدّمه فلا يكون أقلّ سخاء من الناس الذين يحيطون به. ولكن الرب لا يريد مثل هذه الذبائح. فكلّم ابراهيم في أعماق قلبه. وأرسل له من يفهمه أن الله الذي قال لنا: لا تقتل، لا يريد أن نقتل أولادنا. هي عادة وثنيّة وإن دلّت على سخاء من قبل مقدّمها. لهذا يستعيض اليهودي عن هذه الذبيحة بكبش أو غيره من الحيوانات. وهذا ما فعل ابراهيم: "عمد إلى الكبش وأخذه وأصعده محرقة بدل ابنه" (آ 13). وهكذا كُتب تك 22 ليمنع الانسان من أن يقدّم ابنه ذبيحة كما فعل حيئيل فيّ أيام آخاب ملك السامرة. قتل بكره وجعله في أساس مدينة أريحا التي بناها. وقتل أصغر بنيه وجعله في أساس باب المدينة (1 مل 16: 34). وكما فعل أحاز، ملك يهوذا، لما أحسّ بالخطر: "أجاز ابنه في النار على حسب عادات الأمم الرجسة" (2 مل 16: 3؛ رج 21: 6 وما فعله منسى). أجل، ليس كذلك يقدّم الانسان ابنه لله. فالله هو إله الحياة لا إله الموت. إذن، نفعل كما فعلت حنة أم صموئيل حين كرّست ابنها للربّ ليخدمه كل حياته. قالت للكاهن: "أنا أقدّمه للربّ كل أيام حياته، فيكون تقدمة للرب" (1 صم 1:28). وكما سجد ابراهيم على الجبل بعد أن قدّم الكبش، سجدت حنة وزوجها للرب قبل أن يعودا من الحجّ إلى البيت. ولكن الكاتب الملهم انطلق من خذا الخبر القديم الذي تناقلته الاجيال عن أبي الآباء، فقرأه قراءة روحيّة. وضعَنا في إطار حوار بين الله والانسان. فالله يريد أن يعرف إن كان ابراهيم يحبّه حقاً. هل هو مستعدّ أن يقدّم له أعزّ ما لديه؟ هل يقبل أن يكون "الوثنيون" أسخياء مع آلهتهم أكثر من ابراهيم مع الرب الذي هو الاله الواحد؟ لهذا قال النصّ: "امتحن الله ابراهيم" (تك 22: 1). كما سوف يمتحن أيوب بعد أن أكّد الشيطان أن أيوب سيجدّف على الرب إن أصابته محنة. دلّ أيوب على أمانته لله. وكذلك فعل ابراهيم. بكّر في الغد. لم ينتظر يومًا ولا يومين، بل انطلق حالاً. وطالت المحنة. ثلاثة أيام من السير. ابراهيم واسحاق وحدهما. ومع ذلك تابع ابراهيم الطريق حتى وصل إلى الجبل الذي أراه الله أياه، جبل موريا، الذي سيصبح موضع هيكل أورشليم، وحيث سيُذبح ابن وحيد آخر، هو يسوع المسيح ابن الله الوحيد. وهكذا دلّ الكاتب أخيراً على أن ابراهيم تحلّى بمخافة الله حتى النهاية. قال ملاك الرب، أو بالأحرى قال الرب نفسه (والملاك يدلّ على حضور الله): "لا تمدد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئاً. فإني الآن عرفت أنك تخاف الله". والعلامة: "لم ترفض لي ابنك ووحيدك" (آ 12). نحن هنا في ذروة الخبر. ولم نعد فقط أمام مجرّد طاعة لقواعد أخلاقيّة يقرّ بها الجميع كما في ف 20، بل أمام طاعة غير مشروطة لله. فابراهيم هو الذي يخضع كلياً لله. يستسلم بكليّته. هو مستعدّ لأن يضحيّ حتى بمستقبل الوعد تاركاً الله يفعل ما يشاء، لكي يتمّ هذا الوعد. نحن هنا في مجال خبرات الايمان الرفيعة التي فيها يبدو الله عدواً لعمله، ناقضًا لمشاريعه. هذا في الخارج. ولكن في الحقيقة هو يختفي عنّا لكي نطلبه بحرارة ما بعدها حرارة. وهو يقول لنا إن ما يطلبه منا لا تستطيع أيّة سلطة على الأرض أن تطلبه. وهو يريد أمانتنا حتى النهاية لأنه هو الأمين الذي يظلّ أميناً حتى لو خنّاه. لأنه لا يستطيع أن ينكر نفسه (2 تم 2: 13). ب- دورة يعقوب ويوسف كان ليعقوب لقاء أول مع الله: في حلم بيت إيل (تك 28: 1- 22). فأحسّ بمخافة مقدّسة أمام الله القدوس. لاشكّ في أنه تخيّل نفسه أمام إحدى الزقورات وهي هياكل عالية في بلاد الرافدين تؤمّن لله الجبلَ (لا جبال في بلاد الرافدين) الذي يطأه لكي ينزل على الأرض. ولكنه ترك صورة الزقّورة واكتفى بصورة السلّم التي عليها يصل الله إلى الانسان. عرف يعقوب أنه هنا في بيت الله. فخاف. ولم يكتف بعاطفة خارجيّة. بل اتّخذ قراره. "إن كان الله معي وحفظني في هذا الطريق... يكَون الرب لي إلهاً" (آ 20- 21). أي أكرّس حياتي لله. وهذا الخوف الذي أحسّ به يعقوب في بداية حياته، والذي جعله يعرف أن الله معه (تك 31: 42)، قد أحسّ به لابان أيضاً. قال يعقوب: "أنا أقدر أن أسيء لك، ولربّما نويت. إلاّ أن إله أبيك قد كلّمني البارحة قائلاً: إياك أن تكلّم يعقوب بخير أو شر" (تك 31: 29). هذه المخافة رافقت يعقوب أيضًا في عودته حيث رأى الله في فنوئيل (أي وجه الله) وظلّ على قيد الحياة (تك 32: 30). رافقته، فأزال الآلهة الغريبة ولاسيّما تلك التي جاءت بها راحيل معها (تك 31: 19)، وبنى مذبحاً للرب "الذي أجابني في شدّتي وكان رفيقي في الطريق الذي سلكته" (تك 35: 2- 3). هذه المخافة رافقت يوسف فما أراد أن يتعدّى وصايا الله ولاسيّما وصيّة الزنى. تعلّقت به امرأة فوطيفار وقالت له: "ضاجعني". أجاب: "كيف أصنع هذه السيّئة العظيمة وأخطأ إلى الله" (تك 39: 9)؟ وسيكلّفه رفضُه المعاملةَ السيّئة والسجن. ولكنّه فضّل مخافة الله على مخافة الناس. كيف استطاع ذلك؟ لأن الرب كان معه (تك 39: 20). وحدثت المجاعة في مصر، وكان يوسف الوزير الاول فيها. فجاءه اخوته يطلبون طعاماً: هو عرفهم. أما هم فما عرفوه. باعوه، وها هم يأتون إليه يطلبون الخلاص من الجوع. كان باستطاعته أن ينتقم بعد كل هذا العذاب الذي ذاقه. ولكنه لم يفعل. قال: "أنا أخاف الله" (تك 42: 18). وقد قيل في عالمنا الشرقيّ: "لا تخف ممّن يخاف الله". ومع ذلك ظلّ اخوته يخافون انتقامه. ولما مات والدهم جاؤوا إليه متوسّلين. قال لهم: "لا تخافوا" (تك 50: 19). أتريدون أن أحلّ محلّ الله. نويتم عليّ شراً، والله نوى خيراً. وقال لهم مرة ثانية: "لا تخافوا. أنا أعولكم وأطفالكم" (تك 50: 21). هو لا يريد لهم الموت كما ظنّوا، بل يقدّم لهم الحياة، يقدّمها لأولادهم. ج- موسى مع سفر الخروج ندخل في خبر يحدّثنا عن تكوين الشعب. وهذا ما سيفعله موسى في قلب الضيق الذي يعرفه العبرانيون بعد أن مات الملك الذي كان يعرف يوسف. وأول نصّ نكتشفه عن هذه المخافة يرينا امرأتين. هما شاهدتان لقدرة الله في الضعف. ملك مصر يأمرهما بأن يقتلا كلَّ ذكر ساعةَ يولد (تك 1: 16). هما قابلتان تعتاشان من عملهما. إنهما أمام حادث ضمير. ماذا تفعلان: هل تطيعان أوامر الملك أم ضميرهما؟ هما مصرّيتان والوالدات هن عبرانيات. لا بأس إن مات هؤلاء الاطفال الذين قد يتنامون ويهدّدون البلاد. لا، لم تسمع القابلتان للملك. قال النصّ: "كانتا تخافان الله. إذن، لم تصنعا كما قال لهما ملك مصر" (خر 1: 17)، ذاك الذي كان في القديم من أقوى ملوك العالم. إن الطاعة لله تعارضت مع الطاعة للسلطة السياسيّة التي تأمر بالموت ساعة يريد الله الحياة. وعاد النصّ مرّة ثانية وحدّثنا عن مخافة الله لدى القابلتين (آ 21). كما كلّمنا عن بركة نالتاها. صنع الله لهما بيوتاً. صارت كل امرأة "رئيسة عشيرة". كل هذا يهيّئ خبرَ مولد موسى الذي نجا من الماء، بواسطة ابنة فرعون (خر 2: 1- 10). أجل، كما رافقت مخافة الله القابلتين اللتين مثلّتا جميع القوابل، هكذا رافقت ابنة فرعون. تركت هذا الطفل يعيش مع أنها علمت أنه "من أولاد العبرانيين" (آ 6). عصت أمر الملك وتركت الطفل يعيش ولا يموت، فيكون سبب حياة وخلاص لشعب يعيش في العبوديّة. ويظهر الرب لموسى. ويطلب منه أن يخلّص الشعب. خاف موسى لا من الله، بل خاف على نفسه. تسرّع في المدافعة عن اخوته، فهُدّد. حينئذ هرب من وجه فرعون ومضى إلى أرض مديان (خر 2: 15). وسيخاف أن يعود، فيقدّم الاعذار الواهية لله. العذر الاول: لا يصدقونني. لا يسمعون لقولي. فأعطاه الرب أن يصنع أمامهم آيتين وهكذا يعرفون أن الله تجلّى له (خر 4: 1). العذر الثاني: لا أحسن الكلام. أنا "بطيء النطق ثقيل الكلام" (آ 10). ردّ الرب: "أنا أكون معك، أكون مع فمك وأعلّمك ما تتكلّم به" (آ 12). والعذر الثالث: "أرسل يا رب من تريد ولا ترسلني". لم نعد هنا أمام عذر، بل أمام رفض. فيقول النصّ: "غضب الربّ على موسى" كما يغضب الملك على أحد عبيده. هنا نتذكّر كلام يسوع لتلاميذه حين كانوا في السفينة وعصفت الريح: "لماذا اذا أنتم خائفون. أما عندكم إيمان" (مر 4: 40). لو كان عند موسى ايمان لما خاف. والمخافة المطلوبة ليست خوفاً من الناس، بل خوفاً من الله واهتماماً بأن نسمع له ونعمل مشيئته ونحفظ وصاياه. هذه المخافة هي في أساس الوصايا التي أعطيت على جبل حوريب. وسوف يدعو إليها الوثنيّ يترو، حمّو موسى، القضاةَ في أرض اسرائيل. "أنظر (تميّز) في كل الشعب أناساً قديرين يخافون الله، أهلاً للثقة (مستقيمين)، يكرهون الطمع" (لا يأخذون رشوة كما اعتاد القضاة أن يفعلوا زمن كتب الكاتب) (خر 18: 21). أربع صفات هامّة من أجل إقامة العدالة وأهمّها مخافة الله التي تؤسّس سائر المزايا المطلوبة من هؤلاء القضاة. ونصل إلى حدث حوريب وظهور الله على الجبل. يقول خر 20: 18- 20: "وكان جميع الشعب يشاهدون الرعود والبروق... فلما رأى الشعب ذلك، خافوا ووقفوا على بعد. وقالوا لموسى: كلّمنا أنت فنسمع، ولا يكلّمنا الله لئلا نموت. فقال موسى للشعب: لا تخافوا. فالله جاء لكي يمتحنكم، ولتكون مخافته فيكم فلا تخطأون". هذا الخوف سبق عطيّة الوصايا وتبعه. ففي 19: 16 ب نقرأ: "خاف الشعب كله". وفي آ 18 يتحدّث النصّ عن ارتجاف الجبل كله. مجيء الرب محنة. كما حدث لابراهيم، كذلك يحدث للشعب. فالله يتفحّص أمانة شعبه قبل أن يسلّمهم كلامه. من جهة الانسان، تولّد خبرةُ الله المخافة، أي موقفَ تقبّلٍ لكلمة يكشفها الله لشعبه، وانفتاحاً على مشيئته وما تطلبه من كل واحد منا. وهذه المخافة تتضمن موقف إيمان وطاعة تجاه كلمة الله. كل هذا يترافق مع الاقرار بالطابع الرهيب لحضور الله. أما إن غابت هذه المخافة، كان الشعب في الخطيئة ونسي الامانة لله ولكلمته. ما هو دور موسى في هذا الظهور؟ طلب الشعب منه أن يكون وسيطه لينقل إليه كلمة الله. تلك هي وظيفة النبيّ الذي لا يحلّ محلّ الله، بل يحمل إلى الشعب كلمة الله، ويضعه أمام مسؤوليته. أجل، ليس من انسان (حتى لو كان موسى) يستطيع أن يمثّل الشعب ويلزمه بموقف أمانة تجاه الله. فعلى الشعب أن يقول كلمته لله بعد أن اختبر حضور الله وسمع كلمته. هكذا يدلّ على أنه يعيش حقاً مخافة الله. |
|