رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كيف يستطيع الإنسان أن يكون مسكيناً بالروح ؟ [ س : كيف يستطيع الإنسان أن يكون مسكيناً بالروح وخاصة حينما يشعر في نفسه أن حياته قد تغيرت وحصل له نمو روحي ، وحصل على معرفة وفهم لم يكن يملكها قبل ذلك ؟ الجواب : قبل أن يحصل الإنسان على هذه البركات وينمو في النعمة لا يكون مسكيناً بالروح .. ولكنه يظن أنه شيء ، ولكن حينما يأتي إلى الفهم الروحي وينمو ويتقدم فإن النعمة نفسها تعلمه أن يكون مسكيناً بالروح ، وهذا معناه أن هذا الإنسان رغم كونه باراً ومختاراً من الله ، فهو لا يحسب نفسه شيئاً ، بل يحفظ نفسه في اتضاع وإنكار لذاته ، كأنه لم يعرف شيئاً ولا يملك شيئاً رغم أنه يعرف ويملك .. وهذا قانون طبيعي ثابت في عقل البشر .. إلا ترى كيف أبانا إبراهيم ، المختار من الله وصف نفسه بأنه " تراب ورماد " ( تك18: 278 ) ، وداود بعدما مسح ملكاً ، وكان الله معه ماذا قال ؟ لقد قال : " أما أنا كدودة لا إنسان . عار عند البشر ومحتقر الشعب " ( مز22: 6 ) .. لذلك أولئك الذين يريدون أن يكونوا وارثين مع هؤلاء ومواطنين معهم في المدينة السماوية ، وأن يكونوا ممجدين معهم ، ينبغي أن يكون لهم تواضع العقل هذا ، ولا يظنوا أنفسهم شيئاً بل يحتفظوا بقلب منسحق .. ورغم أن النعمة تعمل بطريقة خاصة في كل مسيحي على حده ، وتعمل أعمالاً متنوعة في الأعضاء ، إلا أن جميع الأعضاء هم من مدينة واحدة ، وطريق واحد .. فكل الأبرار سلكوا الطريق الضيق الكرب ، واضطهدوا وعذبوا وشُتموا ، " وطافوا في جلود غنم وجلود ماعز تائهين في مغاير وشقق الأرض " ( عب 11: 37 و 38 ) .. والرسل أيضاً قالوا : " إلى هذه الساعة نجوع ونعطش ونُعرى ونُلكم وليس لنا إقامة " (1كو4: 11) ، والبعض منهم قُطعت رؤوسهم وبعضهم صُلبوا وآخرون عُذبوا بطرق مختلفة .. بل أن الرب نفسه – رب الأنبياء والرسل – كيف كانت سيرته في هذا العالم .. لقد سلك وكأنه نسى مجده الإلهي .. وصار مثالاً لنا ، وألبسوه إكليل شوك باستهتار وعار ، واحتمل البصق واللطم والصلب .. فإن كان الله قد سلك هكذا على الأرض فينبغي عليك أنت أن تتمثل به .. والرسل والأنبياء هكذا سلكوا أيضاً ، ونحن إذا أردنا أن نكون مبنيين على أساس الرب ورسله ، فينبغي أن نتمثل بهم ، فقد قال الرسول بالروح القدس : " تمثلوا بي ، كما أنا أيضاً بالمسيح " ( 1كو11: 1 ) ولكن إن كنت تحب كرامات البشر ، وتود أن يسجد لك الناس وتطلب الراحة ، فإنك تتحول تماماً عن الطريق .. أنه يليق بك أن تُصلب مع المصلوب ، وتتألم مع ذلك الذي تألم لكي تتمجد أيضاً معه .. لأنه لا بد للعروس أن تتألم مع العريس ، وهكذا تصير شريكة ووارثة مع المسيح .. بدون الآلام وبغير الضيقة الكربة ، لا يكون دخول إلى مدينة القديسين حيث الوجود في الراحة والمُلك مع الملك ذاته إلى أبد الدهور .. ] |
|