رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
العمق في الصلاة
لقد تأثرت جدا من المزمور الذي تضرع فيه داود النبى (مز 130) والذي نبدأ به صلاة النوم، ونقول في أوله: من الأعماق صرخت إليك يا رب. يا رب استمع صوتى. من الأعماق صرخت: من عمق القلب والعاطفة. من عمق الاستغاثة، مثلما نقول في المزمور الكبير "من عمق قلبى طلبتك" (مز 119). من عمق الإيمان والثقة بأنك ستستجيب. نعم من الأعماق صرخت: من عمق تعبى واحتياجى، من عمق صعفى وعجزى وعدم قدرتى.. من عمق الهاوية التي أنا فيها.. إنها صلاة عميقة، كصلاة يونان وهو في بطن الحوت. نعم، من الأعماق صرخت إليك، لأنه لا يوجد غيرك مخلص ومنقذ.. تماما كصلاة الشعب مثلا، قبل نقل الجبل المقطم.. صلاة يتوقف عليها مستقبل الكنيسة كلها.. أو لعلها كصلاة في قلب دانيال، وهم يلقونه في جب الأسود.. أو صلاة في قلب الثلاثة فتية، وهم يلقونهم في أتون النار.. من عمق القلب. من عمق الاحتياج.. مثل صوت غريق، وهو ينادى قارب النجاة.. ليسرع في الوصول قبل أن يغرق.. كصلاة إيليا، وهو يطلب نزول الماء على محرقته (1مل 18).. أو صلاة الشعب وهو يطوف حول أسوار أريحا (يش 6). ليس المهم طول الصلاة، أو انتقاء ألفاظها، إنما عمق المشاعر فيها.. صلاة الفريسي كانت أطول من صلاة العشار. ولكن العشار "نزل إلى بيته مبررا دون ذاك" (لو 18: 14)،. لماذا؟ لأنها كانت صلاة من العمق: من عمق الاتضاع والانسحاق، والشعور بالندم والخزى.. وقف من بعيد، ولم يجرؤ أن يرفع نظره إلى فوق.. وكانت ألفاظه القليلة كافيه. لأن الرب نظر إلى أعماقه.. ومثل صلاة العشار، كانت صلاة اللص اليمين. صلاة قصيرة، ولكنها عميقة. صلاة إنسان في ساعاته الأخيرة، وهو على حافة الموت. ومن أعماقه يتطلع إلى أبديته كيف يكون، فيطلب من الرب أن يذكره. يقول ذلك وهو في عمق الانسحاق، وقد قال لزميله من قبل "أما نحن فبعدل لأننا ننال استحاق ما فعلنا" (لو 23: 41).. حقا إنها صلاة مصيرية، لذلك قيلت بعمق.. واستجيبت. جملة واحدة يقولها إنسان بعمق "يا رب ارحم" مثلًا. فيتقدم واحد من الأربعة والعشرين قسيسا، فيأخذ هذه الصلاة في مجمرته الذهبية، ويصعد بها إلى عرش الله كرائحة بخور مع صلوات القديسين (رؤ 5: 8). وإنسان آخر يقول هذه الصلاة عشرات المرات، ولا تصل واحدة منها، كأنه لم يكن يصلى!! كيف نميز إذن الصلاة التي بعمق؟ إنها صلاة فيها شعور صلة بالله. صلاة بعاطفة، بفهم، بتأمل، بتركيز.. بحرارة، بشعور، بحب.. صلاة باتضاع بانسحاق.. بإيمان، بثقة، برجاء. صلاة بروح وليست مجرد ألفاظ.. ليس المهم فيها مقياس الطول، بل مقياس العمق. لأن الكتبة والفريسيين أمثالهم، كانوا لعلة يطيلون صلواتهم!! (مت 23: 14). إن بولس كان يحب أن يقول خمس كلمات بفهم، أكثر من عشرة آلاف كلمة بلا معنى (1كو 14).. هكذا ينبغي أن نكون في صلواتنا، ونحرص أن تخرج من أعماقنا.. وإن اجتمع الطول مع العمق، يكون أفضل جدًا. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 42 - العمق نادى العمق بصوت ميازيبك |
كلمة خرجت من العمق و وصلت إلى العمق |
العمق في الصلاة |
الصلاة فى العمق كيف تكون ؟! |
دع العمق يتحدث الى العمق.......... |