|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
13 - 05 - 2012, 06:58 AM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
صبر .. وتعزية .. ونصرة .. فى آتون التجارب "وجميع الذين يريدون أن يعيشوا فى التقوى فى المسيح يسوع يضطهدون" (2 تى 3: 12) "متحيرين لكن غير يائسين. مضطهدين لكن غير متروكين مطروحين لكن غير هالكين" (2 كو 4: 9) "تعزياتك تلذذ نفسى" (مز 94: 19) منذ أن وطأت قدماى المقر البابوى لم يمض يوم دون أن أرى قداسة البابا وهو يسكب دموعاً غزيرة على المذبح المقدس أو فى قلايته ، ألماً وحزناً وتوجعاًعلى الكنيسة ومشاكلها، فقد كان يقابل يوماً العديد من المشاكل ، وتصل أسماعه أنباء الكثير من التصرفات المحزنة المبكية ، ومهاجمة بعض العاقين وعدمطاعتهم وجحودهم . لقد كان سيلاً دافقاً من المشكلات لم ينقطع طوال اثنى عشر عاماً، كل منها يدمى قلبه الرقيق ، ويتعب نفسه الوديعة ، وكان قداسته يعبر عنحمله الثقيل بقوله (لو كان هم واحد لاحتملته ، ولكنه هم وثانى والثالث). وفى وسط هذه المشاكل لم يقف وحيداً ، كان يخطو فوق الأشواك يعانى من ضراوة الحرب والمعاندين ، ولكن ذراع الرب الرفيعة كانت تؤازره ، وباللجاجة فىالصلاة كان يخرج من الأكل أكلاً ومن الجافى حلاوة، مردداً تنهدات قلبية عميقة "عيناى تنظران للرب فى كل حين .. لأنه يجتذب من الفخ رجلى .. أنظر إلىارحمنى لأنى ابن وحيد وفقير أنا.. أحزان قلبى قد كثرت أخرجنى من شدائدى يارب .. أنظر إلى مذلتى وتعبى وأغفر لى جميع خطاياى. أنظر إلى أعدائى فإنهمقد كثروا .. بغضاً ظلماً أبغضونى .. احفظ نفسى ونجنى. لا أخزى لنى توكلت عليك". وقد أثارت قوة تحمله وصبره وجلده فى مقابلة المشاكل والصدمات العنيفة دهشة الكثيرين، حتى قال مرة أحد المسئولين "إن هذا الرجل جبل وليس إنسان" .وعندما تكاثرت عليه مشاكل الكنيسة بشكل أثر على صحته صرح أحدهم متأثراً "إننا لا نستحق هذا الرجل". ولكن الرب كان دائماً يفيض عليه بالتعزيات فى جهاده وآلامه ، فكان يزوره القديسون والسواح. فقد زاره أبونا عبد المسيح المتوحد (البراموسى) أبان فترة عصيبةمرت بالبابا ، وتعزيا فيها معاً بكلمات النعمة. (أبونا عبد المسيح راهب أثيوبى حضر من بلاده إلى مصر سيراً على الأقدام رغبة فى الرهبنة. وقد التحق بديرالبراموس، ثم توحد فى مغارة تبعد عن الدير بمسافة ساعتين سيراً على الأقدام . وزيارته للبابا تعتبر من المرات النادرة التى تر كفيها الصحراء، وسببها هوتضايقه من كثرة الذين يذهبون لزيارته- رغم قلتهم بصحبة رهبان الدير ، فجاء شاكياً للبابا، طالباً منه أن يصدر أمره بمنع الزوار عنه. وأصدر البابا أمراً بذلكقائلاً: "اتركوه لعل الله يرفع غضبه عن العالم بصلواته" . وتبادل مع البابا أحاديث التعزية . وقد سأله البابا عن رتبته الكهنوتية ، فأجاب انه لا يعرف . وسأله عنمدة إقامته فى مصر ، فأجاب انه حضر قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية بثلاث سنوات. وأعطاه البابا قليلاً من الترمس ، ولكنه لم يأخذ سوى ثلاث حبات فقط ،وعندما ألح البابا عليه ليتناول المزيد اخرج من جيبه قربانة وقال أنه يحمل الغذاء، ولا يستطيع أن يأخذ مما أخذ ، وهذا يعنى أنه لم يتناول طعاماً منذ الصباح، وقدبات الرجل ليلته على كوم من الرمل فى فناء البطريركية.) كما حدث أيضاً فى ليلة عيد القيامة المجيد سنة 1965 أن كان البابا موجوداً بدير مارمينا بصحراء مريوط ، وكان فى جعبته مشاكل أقل ما يقال فى وصفهاأنها مرة. مما جعله حزيناً منكسر القلب ، وأثناء الصلاة أمرنا بإطفاء الأنوار اكتفاء بالشموع، وانهمرت الدموع غزيرة من عينيه وتساقطت على القربانةالمقدسة، وهو يحاول منعها دون جدوى ، وكان القداس طويلاً انتهى فى الساعة الثالثة والنصف صباحاً وبعد القداس قال لى : "هل رأيت الضيوف الذين كانوافى الكنيسة يا ابنى" فقلت له : "أين كانوا يا سيدنا ، وقداستكم أمرتهم بمغادرة الدير منذ الصباح" فقال: "لا أقصد هؤلاء بل أن الكنيسة كانت ملآنة يا ابنى حتىأنى لم أجد مكاناً لآخر يدخل ، وهم الذين أمرونى بإطفاء الأنوار". ثم غادر البابا الكنيسة متعزياً بعد أن أرسل الله له هؤلاء السواح القديسين (السواح هم كبار القديسين ، الذين مازالوا فى الجسد . وهم يجتمعون فى الكنائسويرفعون الصلوات ، ولا يراهم إلا القديسين العظام الذين كشف عن أعينهم . ولكن يحدث أن يكشف الله عظمة قديسيه فيسمع بعض الناس، ولو من غير المؤمنينأصوات تسبيح هؤلاء السواح دون أن يروهم) … وهو عندما رآهم ازدادت دموعه . ولا شك انهم قد رفعوا قلوبهم إلى السماء طالبين من أجل سلامة الكنيسة وقداستجابت فبعدها بأيام معدودات حلت معظم المشاكل. شكراً لله فقد كانت الصعاب تذلل إذ تمتد يد الله مظهرة عظمة الرجل وثبات صبره وعمق أتضاعه. والغريب حقاً أنه فى وسط مشاكله وأتعابه وأمراضه كان يقابلالناس بابتسامته الوديعة التى لم تفارق شفتيه يوماً وبكلماته الحلوة المعزية كان يقول لأولاده السائلين عن صحته مطمئناً إياهم (الحمد لله الصحة كويسة والندى عليناشبرين)… نعم .. "بين هؤلاء (القديسين) يتكئ الحبيب ويقدسهم محولاً مرارة ريقهم إلى حلاوة تفوق حد التعبير ، ويجعل السمائيين يعزونهم ويقودونهم" . ماراسحقالسريانى ولنقترب إلى أتون التجارب . لنرى ماذا صنع رجل الله ، وكيف كان الله معه. مات .. ومات مشروعه السقيم ففى السنوات الأولى من حبرية البابا كيرلس ناصبه أحد المطارنة العداء ، وسعى لإصدار قرار لعمل مجلس وصاية عليه مدعياً أنه رجل غير متعلم ، ولا هم لهإلا الصلاة فقط وانه لا يكفى أن يكون البطريرك رجل صلاة، وجال فى أنحاء الجمهورية يجمع توقيعات من الأباء أعضاء المجمع المقدس. وقد حزن البابا كثيراًعندما علم أن من بين أحبائه من وقع له. وبعد أن فرغ هذا المطران من جمع ما استطاع من توقيعات عاد إلى ابروشيته ليقدم مشروعه إلى الجهات المختصة ووصل خبر عودته إلى البابا وهو فىالإسكندرية وعند دخوله إلى الكاتدرائية المرقسية لرفع بخور عشية ، رفع وجهه نحو السماء، وقال بصوت حزين : "يا مارمرقس ستكون هذه آخر ليلة أدخل فيهاعندك، وسأذهب إلى الصحراء ولا أعود لك مرة ثانية إذا تمت مشورة الرجل ده". وقبل عشية اليوم التالى ، فاضت روح هذا المطران إلى خالقها بعد تناوله مادة سامة بطريق الخطأ.. ومات معه مشروعه السقيم. طيب روح .. روح وآخر جاء إلى البابا عقب إصداره قراراً فى مشكلة من مشاكل الكنيسة ، وبدلاً من أن يستوضح حقيقة ألأمر، هاجم البابا ولامه وردد عبارات لا تليق : "أنتأخطأت .. هذا غير جائز .. هذا لا يحق" دون أن يكون له إلمام بالمشكلة فتضايق البابا، وقال له فى غضب (طيب روح .. روح) وبعد هذا مباشرة أصيب هذاالشخص بذبحة صدرية ، نقل بسببها إلى المستشفى حيث فاضت روحه. تشاوروا على مسيح الرب وآخرون تكتلوا بهدف واحد هو محاربة البابا حتى يفضل، فكانوا يحاولون سد السبيل أمامه بشتى الطرق، ساعين لإبعاده أو وضعه تحت وصايتهم .. ولكن اللهرأى ضيقة البابا، ، وكتب عنده سفر تذكرة . والبابا مع علمه بكل ما يصنعون خطوة بخطوة وكان يقابلهم بوداعة ويحادثهم فى محبة ، وكل ما يفعله : صلاةودموع .. لتسير البيعة فى أمان وسلام ، ولكنها صلاة المظلوم المتألم … ولم تمضى سوى فترة قصيرة حتى مضى الواحد وراء الآخر من عالمنا هذا. وحزن الباباعليهم لسنوات. وهو يقول : "عندما كان يموت أى منهم كان يأخذ جزء من روحى". روح ربنا يعرف شغله عندما أراد البابا يوماً رسامة أحد الأباء الرهبان أسقفاً لإحدى الايبارشيات ، حضر إليه شخص ادعى انه كبير أراخنة هذه الإيبارشية ، وعرفه انه لا يرضى بهذاالراهب أسقفاً، وأغلظ فى القول مع قداسة البابا حتى انه قال له : (لو رسمته يا سيدنا سنرجعه إليك مرة ثانية). وعندئذ غضب البابا وقال له : (روح … وربنايعرف شغله) … ولكنه لم يعد إلى منزله ثانية فقد توفى أثر حادث فى الطريق. تحرى الصدق دأبت إحدى الجرائد على مهاجمة البابا لفترة طويلة ولم تكن تتورع عن أن تنعته بصفات رديئة ، وتحاول أن تلصق به أموراً باطلة عارية من الصحة .. كل هذاوالبابا يقرأ ويصمت مع انه يستطيع أن يفعل الكثير .. حتى جاء اليوم الذى أغلقت فيه الجهات المسئولة تلك الجريدة. وسمع هذا النبأ أحد أبناء البابا الذين كانوايتألمون لهذا الهجوم ، وأقبل يهنئه ، فقال له البابا : (بتقول إيه .. جريدة (كذا) أغلقت .. دى يا ابنى فيها 200 عامل كلهم وراهم أسر ياكلوا منين ) . وأسف الباباجداً واتصل بالمسئولين ، ولكنهم عرفوه بأن هذه الجريدة قد انتهى أمرها إلى الأبد. فسعى قداسته حتى الحق عمالها جميعاً بأعمال طباعة. ومما يذكر انه أثناء فترة هجوم الجريدة عليه تقابل مع أحد كتابها ، فعاتبه فى محبة ولطف وقال له : "الصحافة يجب أن تتحرى الأمانة ، ولكنكم لستم أمناء .. كلما تكتبونه لا أساس له من الصحة. . لماذا لم تأتينى لتتأكد .. هل بابى مغلق " ، وصرفه بالبركة. هو أيضاً نبى قبض رجال الأمن يوماً على أحد موزعى المنشورات ضد قداسة البابا ، وكان هذا الشخص من أكثر الأشخاص نشاطاً فى هذا المجال فلما علم قداسة البابا ذلك أمرأحد رجال البطريركية بالاتصال فوراً بالمسئولين للاطمئنان على هذا الشخص، فاتصل تليفونياً وعرفهم بأن هذا الشخص من أبناء قداسة البابا ويهمه أمره، فكانرد المسئولين "لا تقل انه ابن البابا فليس بين أبناء البابا مجرمين.. وعلى كل حال طمئن البابا فإننا لن نؤذيه وسوف نطلق سراحه … بداية الأمراض وآخر اجتمع مع قداسة البابا اجتماعاُ طويلاً ، وتحدث عن إحدى مشاكل الكنيسة . وعرف قداسته من سياق الحديث أن مديرى المشكلة هم من احب أبنائه إليه،فكانت طعنة موجعة له. وبعد ما انصرف هذا الشخص قال البابا : "أنه قد أتعب قلبى اليوم" . ومضى حزيناً مثقلاً ، فقد كان وقع الكلمات عليه مؤثراً . وفى المساءامرنى باستدعاء السيد الطبيب يوسف يواقيم الذى حضر وقرر أن البابا قد أصيب بجلطة فى ساقه، ولكنه لم يصارح البابا بذلك ، واكتفى بأن طلب إليه تعاطىالدواء فى مواعيده، وان يخلد إلى الراحة التامة . وسافر الطبيب إلى الإسكندرية، ومن هناك اتصل تليفونياً بالبابا. ولما عرف انه لم ينفذ تعليماته صرخ قائلاً: "لابديا سيدنا تأخذ الدواء" . وحضر مباشرة إلى القاهرة ، فوجد ان الجلطة سبحت بمقدار 10 سنتيمتر فى الدم.فاستدعى (كونسلتو) من الأطباء ، قرروا أن يلازم الباباالفراش مدة شهرين .. واستسلم البابا لأمرهم . وأمرنا أن نخفى أمر مرضه عن الشعب لئلا ينزعج أبناؤه. ولكن كل من كان له اتصال بالبطريركية كان يعلمبمرض البابا. ثم أصيب البابا بترسب الكالسيوم فى فقرات الظهر والمفاصل وظل طريح الفراش شهرين آخرين يعانى آلاماً صعبة .. كل ذلك وهو يأمر بإدخال أبنائه إليه وهوعلى فراشه فى أية لحظة، ويسأل عن كل كبيرة وصغيرة فى الكنيسة كلها دون أن يستريح. وحدث فى هذا الأثناء أن حضر الأنبا يؤانس مطران الخرطوم للعلاج بالقاهرة ن وكان يسأل عن البابا ولا يقوى على الدخول إليه وبقول : " لما يقوم بالسلامة" ،ولكن طال مرض البابا فاضطر الدخول للسؤال عنه. ولم يكاد أن يصل إلى السرير حتى انفجر باكياً قائلاً : "قم يا بابا .. فهذه ليست نومتك .. لمن تريد أن تتركنا.. الرب يبقيك لنا وللكنيسة وشعبك" فاستدار البابا متأثراً وقال له : "أنا بخير والحمد لله ، ولا ينقصنى سوى دعواتكم". ورفض أن يتناول شيئاً مما قدم له وهويقول: " لما يقوم بالسلامة". واسترد البابا صحته بعد مدة ليست بالقصيرة وأقبل نيافته فرحاً مسروراً بسلامة أبيه ، يهنئه ويقبله بالفرح. هذه لمحة سريعة عن الأحزان والتجارب التى تحملها خادم ورسول أمين للمسيح شأنه شأن كل المجاهدين الذين سبقوه مجتازاً من البابا الضيق سائراً فى الطريقالكرب. وهو لم يخر ولم يفشل وهذه علامة السائرين فى الحق، أولئك المكتئبين فى كل شئ لكن غير متضايقين ، متحيرين لكن غير يائسين ، مضطهدين غيرمتروكين ، مطروحين لكن غير هالكين. سيدى وأبى قد صبرت ، ليس صبر المغلوب على أمره إنما صبر القادر … كنت تستطيع ولكنك أثرت أن تنفذ الوصية. سيدى كنت تخفى عنا آلامك بابتسامتك ، ولا تدعنا نشاركك فيها ، إذ ما كنت تبغى عزاء من لدن إنسان، إذ أن الله يفيض عليك به. ليت روحك تظل معنا. |
||||
|