في تحد جديد للتلاميذ قالت المعلمة لهم : سيأخذ كل واحد منكم علبة فارغة و عليه أن يعيدها بعد ثلاثة أيام و بها شيء يرمز للحياة و أفضل رمز سيحصل على جائزة، وزعت عليهم العلب الفارغة، ووقفت قليلاً بجوار مقعد سامي لتشرح له المطلوب مرة أخرى و لتتأكد من أنه فهم المطلوب ، فسامي تلميذ يعاني أمراضاً كثيرة و قدراته الاستيعابية قليلة و المعلمة تقدر ذلك و تتعامل معه باهتمام أكبر ،أخذ التلاميذ العلب الفارغة وعادوا إلى منازلهم يفكرون ترى ماذا سنضع داخل العلبة ليرمز للحياة؟
بعد ثلاثة أيام حضر التلاميذ و في يد كل منهم علبته و هو يمني نفسه بأن يكون الفائز بالجائزة، وضع التلاميذ علبهم على مكتب المعلمة ينتظرون وقت فتح العلب، وقفت المعلمة تفتح العلب واحدة واحدة بعد قراءة الاسم عليها، فهذه علبة منى بها بيضة صغيرة رمز الحياة التي تتجدد بالتناسل و التوالد، وهذه علبة كريم بها تربة صغيرة و نبات أخضر ، فالنبات يدل على الحياة التي تنمو بنمو النبات، و هذه علبة شادي و بها حبة قمح، فالقمح يدل على الخبز مقوم الحياة الذي يساعد الإنسان على البقاء حياً، و هذه علبة سمر التي بها صورة لقرص الشمس، فالشمس ترمز لاستمرار الحياة المتعاقبة في صورة أيام و سنين تتحدد بدوران الشمس، و هذه علبة سامي ...فتحتها المعلمة فوجدتها فارغة فأغلقتها مرة أخرى ووضعتها جانباً اعتقاداً منها أن سامي ربما لم يفهم المطلوب أو نسي ، هنا وقف سامي و طلب من المعلمة أن تعيد النظر في علبته مرة أخرى، ففعلت ذلك و قالت له: إنها فارغة! فقال لها نعم فهذا رمز من رموز الحياة، فنظر له الجميع باستعجاب، فأوضح لهم: الفراغ الذي في العلبة يمثل فراغ قبري، فمادام قبري فارغاً فأنا حي . و هذا أبسط معاني الحياة التي وجدتها، هنا ساد صمت رهيب على الفصل و امتلأت عيني المعلمة بالدموع ، و هي تفكر في ذلك التلميذ الذي يفصله عن قبره ربما شهور بسبب أمراضه، و يفكر في الحياة على إنها قبره الفارغ، صفق التلاميذ و المعلمة في هيبة و احترام لسامي و هو يستلم جائزته.
و يوماً حضر التلاميذ و لم يحضر سامي و لن يحضر فهو قد فارق الحياة متأثرا بأمراضه، و في مشهد جنائزي مهيب رحل سامي و خلفه معلمته و فصله و هم يحملون علب فارغة، رمز الحياة الذي اختاره سامي ، و هم يعلنون للجميع أن سامي علمهم أن فراغ القبر هو أبسط و أقوى رموز الحياة.