رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يوبال والموسيقى المقدسة على أننا من الجانب الآخر ينبغي أن نرى الصورة المشرقة للعود والمزمار عندما يقدسان لمجد الله ولراحة الإنسان وخيره في الأرض!!.. والأصل في الموسيقى أنها النغم الصحيح دون نشاز، والفن الجميل دون لوثة، والترنم الأعلى للإنسان أمام الله في كمال الصدق والصحو!! ولابد لنا من الإشارة هنا إلى ثلاث ترنيمات خالدة ترتبط بالخليقة، وتاريخ الإنسان على الأرض، الأولى عقب الخليقة التي صنعها الله: "عندما ترنمت كواكب الصبح وهتف جميع بني الله".. والثانية عندما جاء الملخص وغنت الملائكة فوق بطاح بيت لحم: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة".. والثالثة عندما تطوي القصة البشرية ويغني المفديون جميعاً: "ترنيمة موسى والحمل". ولابد من الإشارة أيضاً أن الأساس في الموسيقى هو رفع النفس فوق المستوى الأرضي، والتحليق بها في عالم سماوي مجيد،.. وقد استخدمت لذلك في رفع شاول بن قيس فوق الروح الرديء الذي كان يباغته، حتى تطيب نفسه وتهدأ،.. وأحس أليشع بن شافاط ذات مرة أنه في حاجة إلى عواد يضرب أمامه ويهيء له الجو الذهني والروحي الذي ينبغي أن يكون عليه قبل أن تسمو روحه وترتفع إلى مراقي الشفافية والنبوة أمام الله!!.. ومن نافلة القول أنها أضحت جزءاً من حياة الإنسان المتعبدة المترنمة، عندما تسمو مشاعره فرداً أو مجموعاً على حد سواء، وهل يمكن أن ننسى أعظم جوقة عرفها التاريخ عندما ترنم موسى وبنو إسرائيل على بحر سوف، وأخذت مريم النبية أخت هرون الدف بيدها وخرجت جميع النساء وراءها بدفوف ورقص، وأجابتهم مريم: رنموا للرب فإنه قد تعظم، الفرس وراكبه طرحهما في البحر؟!! وهل يمكن أن ننسى مرنم إسرائيل الحلو الذي أمسك بعوده من الصبي، وسار فوق بطاح بيت لحم، بل تخطي الحياة والأجيال بمزاميره الخالدة التي ستعيش ما بقى الإنسان على هذه الأرض؟!! وهل ننسى فرق المرنمين في الهيكل، والآلات الموسيقية المختلفة؟ وهل ننسى أن آخر المزامير وهو يغني أمام الله طالب المؤمنين: "هللويا سبحوا الله في قدسه. سبحوه في فلك قوته سبحوه حسب كثرة عظمته سبحوه بصوت الصور سبحوه برباب وعود. سبحوه بدف ورقص سبحوه بأوتار ومزمار سبحوه بصنوج التصويت، سبحوه بصنوج الهتاف كل نسمة تسبح الرب هللويا"؟؟.. فإذا كانت الموسيقى قد أخذت مركزها العظيم في العهد القديم على هذه الصورة، فلماذا لم تأخذ ذات المركز في العهد الجديد؟.. إن المتتبعين للتاريخ الكنسي، يعلمون أنه في العصر الرسولي، والكنيسة المسيحية الأولى، لم تكن هناك الفرصة الكافية للموسيقى لتلعب دورها العظيم، في عصر الاضطهاد المرير، والإمكانيات المحدودة التي كانت لدى المؤمنين والكثيرون منهم كانوا من الفقراء أو الذين يكافحون كفاحاً مريراً لأجل لقمة العيش التي يصلون لها،.. كما أن استخدام الآلات الموسيقية والذي شاع في المسارح العالمية، أشاع التحفظ في قلوب المؤمنين في استخدامها على الأسلوب الواسع في العبادة الكنسية، وقد أضيف إلى ذلك ما اعتنقه الكثيرون في عصور مختلفة من التاريخ، وعلى رأسهم أوغسطينس وجرمي تيلور وأمثالهما قديماً وحديثاً، ممن ضاقوا بآلالات الموسيقية في الكنيسة، وبلغت العقيدة ببعضهم أن ضررها أكثر من نفعها، إذ تخرج بالمتعبد إلى دور انفعالي قد يتحول عند رأيهم إلى التهوس أو ما يشبه ذلك، مما لا يجعل أن يكون في الإنسان الماثل بكل خشوع وعمق وإجلال وتأمل في حضرة الله!!.. وهم يتصورون أن هذا الصخب الموسيقي سيخرج المتعبد بعيداً عن الوتار، وعن الترتيل المطلوب بالذهن والروح، وهو قد يلفته إلى الموسيقى أكثر من الاتجاه العميق الروحي إلى الله!!.. وربما بدا هذا حقاً في بعض الألحان التي قد ينجرف فيها الإنسان دون وعي أو فهم إلى السحر الموسيقي في حد ذاته، يقول تايلور: إن استخدام الآلات الموسيقية قد يقدم بعض الفائدة للترنيم، لكن هذه الآلات يمكن أن تحول الديانة إلى صور هوائية خيالية وتجردها من بعض بساطتها، ولن يصلح العزف على الأورج أو يحل محل المواعظ والترانيم في التهذيب، وموسيقى الآلات في حد ذاتها لن تجعل الإنسان أحكم، أو تبنيه في شيء،.. وفي الوقت عينه لا يمكنني أن أحرمها متى استخدمت على وجه حسن لمساعدة الترنيم.. والموسيقى في أفضل الحالات لا ينبغي إدخالها في صميم الخدمة الدينية، حتى ولو قصر الأمر على مجرد الأداء الحسن بالصوت وحده".. إن خشية هذا الفريق الذي يعارض النغم الموسيقي في العبادة هو أن يؤخذ الإنسان بحلاوة النغم دون التأمل في المضمون والمعنى، وقد أدان الله قديماً الشعب الذي يستمع إلى الرسالة الإلهية كما يستمع إلى المطرب دون أن يعمل بها: وها أنت لهم كشعر أشواق لجميل الصوت يحسن العزف فيسمعون كلامك ولا يعملون به".. على أنه مهما يكن في هذا الهجوم على الموسيقى من بعض الصدق أو الحق، إلا أنه لا يصلح دليلاً لزعزعة التاريخ الطويل الممتد لخدمة الموسيقى في العهد القديم أو الجديد على حد سواء،. كان القديس فيليب نيري يذكر تلاميذه بأن الموسيقى على الأرض، هي الظل أو الشبيه لما سيراه الإنسان في السماء في مجد أبهر وأعظم، عندما يعيش المؤمنون أغنية الأبد أمام الله،.. وكان يؤكد بأن الألحان الموسيقية تحمل في ذاتها القوة الرافعة السرية للقلب المتعلق بالله، وتعلو بالإنسان فوق الواقع القاسي الأليم الذي يعانيه إلى حياة أسمى وأعلى وأرفع وأمجد. وعندما جاء الإصلاح عاد يوبال مرة أخرى أباً لكل ضارب بالعود والمزمار في الكنيسة المسيحية، ويكفي. أن لوثر دعى الموسيقى "أجمل هبات الله وأروعها"، وكان يطلب من الملوك والأمراء والسادة العظام أن يولوها أكمل عناية وأجل تقدير، فهي في نظره تهذب وتعلم وتسمو بالناس، فتجعلهم أكثر لطفاً ورقة وأدباً ودعة وتعقلاً!!.. كان لوثر يضع الموسيقى في المكانة التالية للدراسة اللاهوتية في الكنيسة!!.. ومنذ ذلك التاريخ والموسيقى تأخذ دورها العظيم في الكنيسة المسيحية جنباً إلى جنب مع خدمة الوعظ في المنبر، وسار تشارلس ويسلي إلى جانب أخيه جون ويسلي، وعاش سانكي مع مودي، وكرست أعداد كبيرة من المسيقيين آلاتهم الموسيقية لمجد الله، وكم ربحت الموسيقى في بيت الله ملايين الناس، إذ كانت النغم الحلو الذي صدح في آذانهم وقلوبهم بحب الله وإحسانه وجوده وصليبه وغفرانه،.. فجاءوا إليه لأن واحداً من أبناء يوبال عزف أمامهم على العود والمزمار أغنية الخلاص!!.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الغناء والموسيقى |
أن تعيش مع الزهور والموسيقى |
داود الشاعر والموسيقى |
الأغانى والموسيقى |
يوبال والموسيقى العالمية |