رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ناحوم والقدرة الغالبة عندما سقطت نينوى العظيمة ، كان سقوطها رهيباً وشاملاً ، وقد رآه ناحوم فى النبوة كالتين الذى يسقط فى فم الآكل عندما يهز الشجرة : « جميع قلاعك أشجار تين بالبواكير إذا انهزت تسقط فى فم الآكل » .." نا 3 : 12 " وفقد الشعب فيها روح الجسارة والبطولة ، وهو يستسلم على النحو القريب : « هوذا شعبك نساء فى وسطك . تنفتح لأعدائك أبواب أرضك . تأكل النار مغاليقك » " نا 3 : 13 ". وعندما نســـــأل عن الســر فى ذلك ، نتحول من البشر إلى اللّه العلى !! .. « الرب إله غيور ومنتقم الرب منتقم وذو سخط . الرب منتقم من مبغضيه وحافظ غضبه على أعدائه . الرب بطئ الغضب وعظيم القدرة ولكنه لا يبرئ البتة . الرب فى الزوبعة وفى العاصفة طريقه والسحاب غبار رجليه .. ينتهر البحر فينشقه ويجفف جميع الأنهار ... الجبال ترجف منه والتلال تذوب والأرض ترفع من وجهه والعالم وكل الساكنين فيه . من يقف أمام سخصه ومن يقوم فى حمو غضبه ؟ غيظه ينسكب كالنار والصخور تنهدم منه . صالح هو الرب حصن فى يوم الضيق وهو يعرف المتوكلين عليه . ولكن بطوفان عابر يصنع هلاكاً تاماً لموضعها وأعداؤه يتبعهم ظلام » " نا 1 : 2 - 8 " « فإن الرب يرد عظمة يعقوب كعظمة إسرائيل لأن السالبين قد سلبوهم وأتلفوا قضبان كرومهم . ترس أبطاله محمر . رجال الجيش قرمزيون . المركبات بنار الفولاذ فى يوم إعداده . والسرو يهتز . تهيج المركبات فى الأزقة . تتراكض فى الساحات . منظرها كمصابيح . تجرى كبالبروق » ." نا 2 : 2 - 4 " « ها أنا عليك يقول رب الجنود فأحرق مركباتك دخاناً وأشبالك يأكلها السيف وأقطع من الأرض فرائسك ولا يسمع صوت رسلك » .. " نا 2 : 13 "« هأنذا عليك يقول رب الجنود فأكشف أذيالك إلى فوق وجهك وأرى الأمم عورتك والممالك خزيك . وأطرح عليك أوساخاً وأهينك وأجعلك عبرة . ويكون كل من يراك يهرب منك ويقول خربت نينوى من يرتى لها ؟ من أين أطلب لك معزين » ؟ ... " نا 3 : 5 - 7 " ونحن لا نرى هنا أمام الأوصاف الرائعة سوى اللّه ، ومع أن اللّه قد استخدم الكلدانيين فى القضاء عليهم ، لكن الكلدانيين ليسوا إلا عصا الرب وأداة انتقامه ، ... وكل النواميس والنظم والناس وسائر المخلوقات المنظورة وغير المنظورة ، ليسوا إلا جنوده لتنفيذ أوامره ومجده !! .. واللّه يبدو هنا الإله الساخط فى مواجهة الإثم والخطية والشر ، لأن هناك تنافراً أبدياً بينه وبين الفساد ، وهو لا يطيق الإثم ، ... منذ مائة وخمسين عاماً رحم نينوى رحمة واسعة وضاق بها يونان واغتاظ من أجلها ، ... لكن رحمة اللّه الواسعة كان لا بد أن تعمل فى إنقاذ المدينة ، ... واللّه كما وصفه ناحوم بطئ الغضب ، .. لكن بطء الغضب شئ والسكوت على الإثم وعدم المبالاة شئ آخر، ونحن لابد أن نتذكر أن اللّه « غيور ومنتقم » وغيرة اللّه وقائد أبدية ، ... وصانع الشمس الملهبة ، التى ترسل نارها على الدوام ، لا يمكن أن تكون طبيعته هو طبيعة باردة ، لا تفرق بين شر وخير، وبين حق وباطل ، وبين إثم وبر ، .. لأن إلهنا نار أكله !! .. وإذا كان الإنسان الحر يثور ضد الظلم والفساد والشر ، وهو على استعداد أن يبذل حياته للدفاع عن كل قضية عادلة ، ... فإن صانع هذا الإنسان ، هيهات أن يكون أضعف غيره منه ، أو أقل سخطاً ، على الأوضاع المقلوبة فى الأرض .. على أن اللّه ليس هو الإله الذى يسخط فحسب ، بل هو الإله القادر فى سخصه على أن يقلب الأرض كلها بإصبعه ، أو بأقل حركة من أصبعه ، وهو الذى يأتى بالطوفان العابر عند ثورة غضبه ، ... إن البشر قد يحولون غضبهم إلى بكاء أو دموع أو ثورة فاشلة ، ... لكن اللّه إذا كان بطئ الغضب ، لكنه فى الوقت نفســـــه عظيم القدرة ، ومن يقف أمام سخطه ، ومن يقوم فى حمو غضبه !! .. من الحق أن الرب طيب ولا حدود لطبيبته ، ... ولكن من أكبر الحماقات التى يرتكبها الإنسان ، أن يتصور الطيبة الإلهية بالمعنى الشائع للمثل الفرنسى « اللّه الطيب » والمقصود به المتساهل تجاه الخطية ، والذى يتجاوز عن الإثم ، والذى يقف موقف الإهمال وعدم المبالاة أمام صنوف العسف والظلم والطغيان والاستبداد ، وهنا ينسى مثل هذا الإنسان ، أنه لا يوجد من يجمع بين اللطف والصرامة على النحو الكامل المطلق سوى اللّه !! .. واللّه لطيف رحيم لكل من يأتى إليه تائباً مقراً باثمه وقصوره وشره ، ... ولكنه هو أيضاً ، كما وصفه أيوب فى الأصحاح التاسع من سفره : « هو حكيم القلب وشديد القوة . من تصلب عليه فسلم ؟ المزحزح الجبال ولا تعلم ، الذى يقلبها فى غضبه ، المزعزع الأرض من مقرها فتتزلزل أعمدتها ، الآمر الشمس فلا تشرق ويختم على النجوم ، الباسط السموات وحده والماشى على أعالى البحر صانع النعش والجبار والثريا ومخادع الجنوب . فاعل عظائم لا تفحص وعجائب لا تعد » ... " أيو 9 : 4 - 10 " كان اللّه الإله الرحيم على نينوى التائبة يوم يونان ، والمنتقم على عصيانها يوم ناحوم ! ومن اللازم أن نشير هنا إلى تبدل المواقع وتغير الأوضاع ، وابتداء القضاء من بيت اللّه ، فإذا كان اللّه قد أهاج الأشوريين أو الكلدانيين على إسرائيل ويهوذا لخطيتهما وإثمهما ، إلى الدرجة التى قال معها سنحاريب لحزقيا - يدرى أو لا يدرى معنى قوله : « والآن هل بدون الرب صعدت على هذه الأرض لأضربها . الرب قال لى اصعد على هذه الأرض واضربها » ... " إش 36 : 10 " فإن هذا الإله عينه هو الذى يتحول على الطغاة ليرد سبى شعبه للسبب عينه ، عندما يتوبون ويرجعون إليه ، وعندما يستمر الطغاة فى شرهم وظلمهم وإثمهم ، أو كما قال ناحوم : « قد ارتفعت المقمعة على وجهك ، احرس الحصن ، راقب الطريق ، شدد المقومين ، مكن القوة جداً، فإن الرب يرد عظمة يعقوب كعظمة إسرائيل لأن السالبين قد سلبوهم وأتلفوا قضبان كرومهم » ... ومقمعة اللّه فى كل التاريخ والعصور مرفوعة لتضرب كل وجه يتعظم فى حضرة اللّه ، أو يستبد أو يطغى أو يرتكب إثما وشراً فى حضرة إله قادر حى دائم منتصر ممجد !! .. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هل نبوة ناحوم عن طوفان نينوى حدث؟ ناحوم 1: 8 و2: 6 |
الحياة الغالبة |
الحياة الغالبة |
القوة الغالبة |
القوه الغالبة |