رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حنانيا وعقاب اللّه القاسى على أن السؤال الذى يمكن أن يثار بعد هذا كله : هل كان لابد من هذا العقاب السريع القاسى المباغت الذى أخذ حنانيا وزوجته معاً فى ظرف ثلاث ساعات، .. ولماذا سمح اللّه بهذه الشدة فى مطلع الكنيسة الأولى ؟ ... لقد أراد اللّه أن يبين بعض الحقائق ، ولعل أهمها ، : مركز المؤمن فى العهد الجديد ورسالته ، وقد وصفها دكتور ثيودور آدمز وهو يتكلم عن علاقة المسيحى بسيده : " إنه يدعونى لأعمل معه فى ملكوته ولا يجعلنى أستريح لأى شئ حولى فى الحياة ، مما لا يتفق مع مبادئه وروحه ، وهو يقودنى إلى شركة مع الآخرين تتخطى حواجز الجنس والعقيدة أو الزمان والمكان فيعطينى فى كنيسته مكاناً للعبادة والتدريب ، والشركة والخدمة ، ومع كل قصورى يؤكد لى أنه يمكننى أن أكون نافعاً لخدمته وتأدية الرسالة التى دعا أتباعه ليقوموا بها فى العالم ، وهو يساعدنى يوماً بعد يوم لأحيا فى المحبة والثقة والسلام الداخلى ، وهو يؤكد أن لى حياة أبدية وراء القبر ويدعونى لأعيش للأبدية من الآن " ... وقد كان من واجب حنانيا وقد أصبح عضواً فى الكنيسة أن يذكر هذا المركز العظيم المجيد ويتجاوب معه ! ... لكنه وقد هبط كثيراً عن ذلك كان لابد له أن ينال القصاص الذى وقع عليه !! .. كما أنه نسى أن البذل فى الكنيسة ومن أجلها ينبغى أن يكون بغير حدود ، وبكل سخاء وكرم ، ودون إحجام أو تردد ، .... وصف أحدهم الكنيسة كما يتخيلها فقال : هذه هى كنيسة أحلامى !! .. الكنيسة المقتدرة على تأدية الواجب !! الكنيسة الحارة القلب!!.. المفتوحة الذهن !! .. ذات الروح الجسور !! .. الكنيسة التى تهتم !! .. والتى تشفى الحياة المريضة ، والتى تعزى الشعب فى الشيبة ، والتى تتحدى الأحداث والشباب ، والى لا تعرف تفرقة لثقافة أو جنس ... ليس فيها فواصل اجتماعية أو جغرافية .. الكنيسة التى تطلب وتدفع ، تنظر إلى الأمام كما تنظر للخلف ، كنيسة السيد ، وكنيسة الشعب أيضاً - الكنيسة المرتفعة والكنيسة العريضة والكنيسة المنخفضة ! مرتفعة كمبادئ المسيح ، منخفضة كاتضاع البشر ، كنيسة عاملة ، كنيسة جذابة ، كنيسة تفسر الحق بعبارات الحق ، وتوحى الشجاعة لهذه الحياة والأمل للحياة الآتية ، كنيسة شجاعة ، كنيسة الناس الأبرار ، كنيسة اللّه الحى،... ومثل هذه الكنيسة لا يجوز أن يتوانى المرؤ عن بذل كل تضحية وخدمة لأداء رسالتها . كما أن الصورة التى ارتكب بها الخطية كانت على الأغلب عاملاً مشدداً للعقوبة والجزاء ، لقد تساءل دكتور جويت فى واحدة من عظاته : ترى ماذا يكون الحال لو أن بطرس اختار طريقاً أخرى فى معاقبة حنانيا ، فأتى به على حدة ، وحدثه عن التجربة التى سقط فيها ، وأن الجميع معرضون للتجربة ، وأنه من الأحرى والأفضل أن يعترف بخطيته ويتوب عنها ، وتساءل دكتور جويت عما تؤول إليه النتيجة وهل كان هناك من أمل فى توبة حنانيا فى عنصر المفاجأة والمباغتة التى واجهته بها التجربة ، ... لقد أخطأ حنانيا بعد الرؤية والتأمل والإصرار ، وكما أقدم آدم وزوجته على الخطية داخل الجنة ارتكب حنانيا وسفيرة خطيتهما داخل الكنيسة فى مهدها الأول فى أورشليم !! .. ويجمل بنا أن لا ننسى - قبل وبعد كل شئ - أن الجزاء هنا كان يقصد به الردع، فكما فعل يشوع ، فى خطية عخان بن كرمى ، وكما فعل أليشع فى خطية جيحزى غلامه ، هكذا فعل بطرس فى خطية حنانيا وسفيرة ، إذ أن الثقب فى السفينة سيدمرها مهما كان صغيراً ، والميكروب فى الجسم سيستشرى مهما كان بالغ الدقة، فإذا لم تقمع الخطية من اللحظة الأولى فإن خميرة صغيرة تخمر العجين كله ، وابتداء القضاء ينبغى أن يكون من بيت اللّه ، فإذا ظهرت الجريمة ، وجاء الجزاء سريعاً ، فإن الخوف سيقع على الجميع ، وستفعل الرهبة فعلها مع النعمة، وإذا بالمخطئ يخاف ، والمجرب يفزع ، والتوبة فى السر والعلن تكون رائد الجميع !!.. على أن السؤال الذى قد يعن للكثيرين بعد ذلك : ما هو مصير حنانيا وزوجته!!؟ وهل هلكا!! ؟ وقد اختلفت الإجابة على ذلك ، فإن هناك من يصرا على هلاكهما الأبدى ، باعتبار أن الصورة الأخيره لكليهما هى أنهما خاطئان ماتا فى خطيتهما دون توبة عنها ، وأى خاطئ لا يتوب ، لا شبهة فى مصيره على الإطلاق سواء أكان من داخل الكنيسة أو من خارجها على أن هناك الرأى الآخر : إن الحكم بالتوبة ليس فى قدرة أحد أن يحكم فيه على الإطلاق ، ويذهب أوغسطينوس فى هذه القضية ويشاطره كثيرون كجرمى تايلور وغيره من الدارسين للحكمة الإلهية ، إلى أنه كثيراً ما يكون الموت الفجائى للتائب بمثابة : " أن يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكى تخلص الروح فى يوم الرب يسوع " ( 1 كو 5 : 5 ) ، " لأن الذى يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب . من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون لأننا لو كنا حكمنا على أنفسنا لما حكم علينا ، ولكن إذ قد حكم علينا نؤدب من الرب لكى لا نُدان مع العالم " ( 1 كو 11 : 29 - 32 ) ... وعلى أية حال فإن أمرهما بين يدى اللّه وحكمه الأبدى ، .... لكن قصة الرجل وامرأته ستبقى على الدوام القصة التى تعلم الخطاة والمؤمنين هذه الحقيقة الخالدة : " مخيف هو الوقوع فى يدى الله الحى... لأن إلهنا نار آكلة " !! ... (ـ عب 10 : 31 ، 12 : 29 ) . |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مَنْ يملك مغفرة الخطية الموجَّهة ضد اللّه غير اللّه |
زرش وعقاب الطمع |
مفيبوشث وعقاب الخطأ |
عين اللّه تعالى جبرائيل أحد رؤساء الملائكة ومعنى اسمه «جبار اللّه» |
ربشاقي وعقاب أليم |