رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أمصيا الكاهن بمرسوم ملكى تطرح قصة أمصيا - كما أشرنا آنفا - قصة الشرعية فى الخدمة ، من حيث الخادم والخدمة ذاتها ، ومع أننا لا نعلم بالضبط متى عين أمصيا كاهناً فى بيت إيل ، إلا أنه من المرجح أن خدمته فى بيت إيل فى أيام يربعام الثانى حفيد ياهو بن نمشى كانت فى حوالى عام 722 ق . م عندما سقطت السامرة ، وأخذ أمصيا مع المسبيين إلى السبى ليحرث هناك !! .. على أى حال لقد كان أمصيا آخر السلسلة العجيبة من الكهنة الذين بدأ يربعام الأول عام 932 ق.م فى تعيينهم ، ليكونوا كهنة مرتفعات ، وقد استمر هذا النظام حتى سقوط السامرة ، أى أن هذا النظام استمر قرابة مائتين وعشرة أعوام ، هى عمر المملكة الشمالية ، فهل تكتسب الشرعية فى الخدمة الدينية ، بمجرد مرور السنين أو القرون على ذلك ؟ . وهل يحسب الكاهن كاهناً ، لمجرد أنه ينتمى إلى تقليد قديم ربما نسى الناس أصله وفصله ؟؟ ، .. من الواضح من قصة أمصيا أنه كان ختاماً لمجموعة من الكهنة استمرت أكثر من قرنين من الزمان ، ولا يمكنه أن يكتسب الشرعية لمرور هذا الزمن الطويل حتى ولو تلاحقت عليه آلاف السنين ، إذ أن اللّه لم يعترف قط بهؤلاء الكهنة ، ولم يقبلهم أو يرض عنهم ، لأن الشرعية دعوة إلهية ، لا تكتسب بالتقادم على وجه الإطلاق !! .. إن من أكبر الخطايا التى سقطت فيها الكنيسة فى أوقات الظلام والفساد ، هو هذا الإدعاء ، بأن الخادم هو خادم شرعتى لمجرد أنه تسلم الخدمة ، ممن هو أقدم ، وأن هذا السلطان متوارث بصرف النظر عن المسلم أو المتسلم ، وسيتاح لنا عندما ندرس قصة عاموس فى شخصيتته الخاصة به ، أن نتحدث عن هذا باسهاب ، لندرك أن عاموس الذى لم يكن يستند إلى شرعية الوراثة المزعومة ، كان هو الخادم الصحيح ، وأن أمصيا ( ولو أن وراءه أكثر من مائتى عام من الشرعية المعترف بها من الدولة ) لم يكن إلا كاهناً كاذباً هو والذين قبله من أولهم إلى أخرهم !! كما أن الشرعية المزعومة يثبت فسادها من وجه آخر ، من الأسلوب الذى كانت تلجأ إليه وتستخدمه فى الوصول إلى كرسى الكهنوت ، فهى تستخدم كل الوسائل أو الوسائط البشرية ، ولا تعف عن استخدام الأساليب الدنيوية لما للكرسى من امتيازات أرضية ومادية كبيرة ، ومن هنا نشأ ما يعرف بالسيمونية " على مذهب سيمون الساحر : " ولما رأى سيمون أنه بوضع أيدى الرسل يعطى الروح القدس قدم لهما دراهم قائلاً: "أعطيانى أنا أيضاً هذا السلطان حتى أى من وضعت عليه يدى يقبل الروح القدس ، فقال له بطرس لتكن فضتك معك للهلاك لأنك ظننت أن تقتنى موهبة اللّه بدارهم . ليس لك نصيب ولا قرعة فى هذا الأمر لأن قلبك ليس مستقيماً أمام اللّه ، فتب عن شرك وأطلب إلى اللّه عسى أن يغفر لك فكر قلبك " " أع 8 : 18 - 22 " وما أكثر ما لعبت الدراهم دورها الرهيب فى هذا الشأن ، وقد تحول بيت اللّه إلى مغارة لصوص ويزداد الأمر سوءاً عندما تختلط السياسة بالدين ، فلا تكتفى السياسة بادخال المال إلى الساحة من أوسع الأبواب ، بل تدخل الأوضاع الأخرى التى هى أشد رهبة ونكراً ، ويحرص الساسة على أن يجعلوا على كرسى موسى الصدوقيين ، وليس الفريسيين ، وكان الصدوقيون ممن لا يؤمنون بالقيامة واليوم الأخير ، وهم لذلك أصلح الناس عند الرومان للقيادة الدينية ، وكان منهم حنان وقيافا والعدد الكبير من أعضاء السنهدريم ، وهم الواجهة التى تفسد الدين باسم الدين ، وليس هناك من هو أقدر على تضليل الجماهير مثل رجل الدين الذى يخدم السياسة باسم الدين ، وهو العدو الأول للحق الإلهى ، ولو ظهر مندثراً فى ثياب كهنوتية ، ويجلس على الكرسى الذى قال عنه السيد المسيح : " على كرسى موسى جلس الكتبة والفريسيون : فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه . ولكن حسب أعمالهم لا تعلموا لأنهم يقولون ولا يفعلون " . " مت 23 : 2 و 3 " . وكانت الشرعية المزعومة كاذبة من حيث الخدمة نفسها ، لقد تعاقب على المملكة الشمالية تسعة عشر ملكاً كانوا كلهم أشراراً ، وقد بدأ يربعام بن نباط هذا الشر بتحويل المجرى الدينى للخدمة ، إلى الوثنية البشعة ، لقد خشى أن تحن الأسباط إلى الوحدة مع يهوذا عندما يصعدون كل عام لتقديم الذبائح فى أورشليم فعمل عجلى ذهب ، أحدهما فى بيت إيل ، والآخر فى دان ، ليبعد بالإسرائيليين عن أورشليم وذكراها ، وكان يقصد بالعجلين أن يتصور اللّه فيهما ، لأن العجول فى البلاد الزراعية ترمز إلى الخير والبركة ، وكان الذهب يلمع فى عينيه كلما دخل إلى البيت أو خرج منه ، ومن المؤلم حقاً أن ذلك المكان الذى رأى فيه يعقوب سلم السماء ، تحول إلى هذه الصورة البشعة من الوثنية ومهما قيل عن الشريعة ، فإنها برهانها الأعظم هو فى حياة الخادم وأسلوب خدمته !! .. لقد ابتلعت عصا موسى عصى العرافين ، وكانت برهاناً على الفرق البين بين الحق والكذب ، وقال بولس للكورنثيين : " إذ أنتم تطلبون برهان المسيح المتكلم فى الذى ليس ضعيفاً لكم بل قوى فيكم " " 2 كو 13 : 3 " . كانت الخدمة عند أمصيا نوعاً من أكل العيش " وقد أفصح عن ذلك عندما تحدث إلى عاموس قائلاً : " وكل هناك خبزاً ، وهناك تنبأ " . " عا 7 : 12 " وما أكثر الذين يحيون ليأكلوا خبزاً ، ويشربوا خمراً ، ويأخذوا مركزاً ، فالخدمة عندهم لا تزيد عن المغنم الذى إليه يسعون ويتجهون. إن امتحان الشرعية يظهر فى وضعه الصحيح من اليد النظيفة : " من يصعد إلى جبل الرب ، ومن يقوم فى موضع قدسه ؟ الطاهر اليدين والنقى القلب الذى لم يحمل نفسه إلى الباطل ولا حلف كذباً " " مز 24 : 3 و 4 " وعندما تساءل قوم من الكورنثيين عن شرعية الرسول بولس ، ومركزه من الخدمة أجاب : " أهم خدام المسيح أقوال مختل العقل . فأنا أفضل . فى الأتعاب أكثر فى الضربات . أوفر فى السجون أكثر فى الميتات مراراً كثيرة . من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلده إلا واحدة . ثلاث مرات ضربت بالعصى . مرة رجمت . ثلاث مرات انكسرت بى السفينة . ليلاً ونهاراً قضيت فى العمق . بأسفار مراراً كثيرة . بأخطار سيول . بأخطار لصوص . بأخطار من جنس . بأخطار من الأمم . بأخطار فى المدينة . بأخطار فى البرية . بأخطار فى البحر . بأخطار من أخوة كذبة . فى تعب وكد . فى أسهار مراراً كثيرة . فى جوع وعطش . فى أصوام مراراً كثيرة . فى برد وعرى . عدا ما هو دون ذلك . التراكم على كل يوم ، الاهتمام بجميع الكنائس " " 2 كو 11 : 23 - 28 " وهل هناك برهان على صحة الخدمة أو حقيقتها أقوى من هذا البرهان ؟ !! . كان الشئ الأخير فى الشرعية عند أمصيا متصلا بالمكان أو دائرة النفوذ ، وهو لذلك لا يقبل أن يقتحم عليه عاموس مكانه ، .. لقد أخذ هو بيت إيل بمقتضى المرسوم الملكى ليكون مركز نفوذه وسلطانه ، وهو على استعداد أن يصارع أى إنسان آخر يدنو من كرميه أو يعمل بين رعيته ، .. ومن المؤسف أنه ما تزال إلى اليوم هذه الصورة على وضعها البشع ، فى كثير من الأماكن ، وبين المذاهب المسيحية المختلفة .. فعندما يكرز خادم من خدام اللّه بالكلمة يسأل : من أى مذهب هو ، وما سلطانه وحقه فى الكلام بين أبناء المذاهب الأخرى ؟؟ ، وتصبح الأذن صماء بالنسبة لرسالته ، لأنه يتكلم وهو ابن مذهب معين إلى آخرين ينتمون إلى مذهب مخالف لمذهبه !! .. ومن المؤسف أيضاً أن أبناء المذهب الواحد يتصارعون على الأعضاء ، وكيف يتحدث راع من كنيسة أخرى إليهم أو يزورهم أو ينادى لهم برسالة الإنجيل أو يبشرهم بكلمة الخلاص ؟ ، وبدلا من أن يشكر على هدايتهم ومعونتهم ، يقال له ما قاله أمصيا لعاموس : " أن اذهــــب ... إلى أرض يهوذا ... وهناك تنبأ !! .. |
|