رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأبرص وجواب المسيح له كان جواب المسيح على نداء الأبرص جواب الحنان في اللمسة التي لمسه بها، كان الأبرص يقابل من الجميع بالتقزز أو الرجم بالأحجار، وكان لا يجد له مكانًا عند القريب أو البعيد على حد سواء، ولكنه - فيما أعتقد - عاش طيلة حياته يتحسس المكان الذي لمسه فيه المسيح!! أجل!! من حظنا على الدوام أن نقول: يا ترى أي صديق مثل فادينا الحبيب يحمل الأثقال عنا وكذا الهم المذيب وكذا.. كانت ليئة مكروهة من أختها، وكانت محبوبة من الله، كان يوسف مطرودًا من أخوته، ولكنه كان في حضن الرب، نبذ يعبيص من أقرب الناس إليه، ولكن إله إسرائيل آتاه بكل ما سأل، تنصل أبوا المولود الأعمى منه، ووجده يسوع المسيح!! لقد حطم المسيح الناموس الطقسي بهذه اللمسة ليحيي ناموس المحبة. كانت هناك فتاة في مدينة، وقد تلوثت ببرص الخطية، وكانت تعيش منعزلة في غرفة وضيعة، وهناك أصابها الداء والجوع، ولم يكن من يعني بها، وسمعت بها سيدة مسيحية، فسعت إليها وأخذت تنظف لها غرفتها، وتقدم لها الطعام، وفي ذات يوم سألتها إن كانت ترغب في الصلاة معها، ولكنها رفضت إذ قالت بجفاء: أنت لا تحسنين إلى بدافع الشفقة، بل بدافع رغبتك في أن تأخذي السماء مكانك الأخير!! صمتت السيدة المحسنة واستمرت في المساعدة حتى شفيت المريضة وفي آخر يوم قالت لها وقد أوشكت على استرداد صحتها وقوتها: ها أنا أزورك للمرة الأخيرة، فهل لا تسمحين لي أن أقبلك قبل أن أمضي!! وإذا التقت الشفاه النقية بالشفاه الملوثة في قبلة المحبة، صنعت القبلة عجبًا، وجاءت الفتاة إلى المسيح!! رأى ولد صغير في الرابعة من عمره فيبروكلين بالولايات المتحدة رجلاً عجوزًا يسير في الطريق ببطء وهدوء، وتصور بخياله الصغير أن هذا الرجل هو سانت كلوز فأسرع إليه ليقول له: يا سانت كلوز أريد دبًا، وهو يقصد أن يحضر له سانت كلوز في عيد الميلاد لعبة من لعب الأطفال على شكل دب صغير، وسار الرجل هادئًا مبتسمًا، وفي يوم عيد الميلاد طرق بيت الصغير يحمل له الهدية، وهو يقول: لقد ظنني سانت كلوز. ولا يمكن أن أخيب ظنه، وكان في كل عيد ميلاد يحمل إليه هدية سانت كلوز، إذ كان معروفًا في المنطقة بطيبة قلبه!! كان لابد للمسيح أن يكشف عن قلبه للرجل بهذه اللمسة الرقيقة الحانية، في الحرب العالمية الأولى، كان هناك جنديان يقاتلان في معركة، وسقط أحدهما صريعًا بالرصاص، ونجا الآخر، غير أنه قال للضباط الذي يقودهما: أريد أن أذهب لآتي به، فقال له الضابط: لا فائدة من المخاطرة إذ أنه يموت، ولا معنى لتعريض حياتك أنت للخطر، ولكن الجندي ألح حتى أذن له الضابط، وذهب، وحمله، وأتى به، ولكنه مات في الطريق، فقال الضابط: ألم أقل لك لا فائدة من الذهاب، ولكن الجندي أجاب، لقد كانت هناك فائدة مؤكدة إذ أنه قال لي: لقد كنت واثقًا من انك ستعود ولن تتركني!! كان المسيح أكثر من هذا الصديق الوفي ، وهو هنا يخطو خطوات أبعد وأعمق من خطوات أوفى الأصدقاء، وأحب المحبين، فما أكثر ما يرى الناس صور المحبة العاجزة التي تظهر بهذه الصورة أو تلك.. لقد تبلورت المحبة في عيون مرثا ومريم دموعًا باكية، وهما واقفتان أمام القبر المغلق على أخيهما، لكن المسيح وحده هو الذي بكى وتقدم خطوة أخرى أبعد وأعظم عندما أقام لعازر من الموت بكلمة قدرته السرمدية!! ومن المناسب أن نلاحظ أن اليد التي لمست بالحنان الأبرص، هي أيضًا اليد المقتدرة التي شفته من برصه، وكم فعلت هذه اليد؟ وهي إلى اليوم تفعل ذات الشيء، إذ تشفينا من آثامنا وآلامنا وتمنحنا الحياة والقوة والنعمة والبركة!! وإذا صح أن يقال عن أحد السياح، الذي كان يسير مع دليله فوق جبال الألب، وجاءا كلاهما إلى فجوة أسفلها هوة سحيقة ومد الدليل يده وأمسك بالصخرة في الجانب الآخر من الفجوة، وطلب من السائح أن يعبر فوق يده، وإذ تخوف الساذح وترددفي العبور قال له الدليل: اعبر اعبر، فإن هذه اليد لم تهلك أحدًا قبل الآن، فتشجع السائح وعبر بكل هدوء وأمان، وسواء صحت هذه الرواية أو لم تصح، فإنه من المؤكد أن يد المسيح لا يمكن أن تهلك إنسانًا تطلع إليها بلغة الرجاء والأمل. كان اليهود يعتقدون أن البرص من الله ولا يمكن أن يذهب إلا بقوة الله، وجاء في تقالييدهم أن المسيا عندما يأتي إلى باب روما ويجلس هناك، ويجتمع إليه الناس بشقائهم وبرصهم وآلامهم، وهناك يشفيهم إذ لا برص مع وجود المسيا، وما أجمل أن ينتظر المتعب لمسته القوية المباركة. في قصة كتبها دكتور فرنك لوباخ في كتابه عن الصلاة قال: تألمت إمرأة سبع سنوات من داء مؤلم في عمودها الفقري، وكانت آلامها مبرحة، وقد اتصلت بمستشفى مايو وعينوا لها ميعادًا لمقابلة الأطباء، وبعد الفحص أعلن الأطباء أن كل ما يستطيعون عمله، هو تخفيف الألم وقتيًا، وذهبت المرأة وزوجها إلى مؤتمر ديني بالقرب من المستشفى حيث أقيمت صوات كثيرة من أجلها، وقد أعلن أن جلن كلارك سيعظ في الكنيسة في يوم الأحد صباحًا، وصلت المرأة أن يعطيها الله القوة لتسمعه، وكان سفر أيوب هو أفضل الأسفار عند هذه السيدة، وإذا بها تسمع الواعظ يعظ في ذلك اليوم عن الآية: «هوذا يقتلني. لا أنتظر شيئًا. فقط أزكي طريق قدامه» (أيوب 13 : 15).. وكما حدثت المعجزة مع أيوب، حدثت معها، إذ أحست - والرجل يعظ - أن هناك يدًا تلمس رأسها وتستمر في لمس عمودها الفقري إلى أن وصلت اليد إلى نقطة الألم، وأزالته!! إن الأطباء في أعظم مستشفى في العالملم يستطيعوا أن يعطوا تعليلاً عملياً لما حدث، ولكن هناك يد الطبيب الأعظم التي لها اللمسة القادرة على كل شيء!! لم تكن لمسة المسيح، لمسة الحنان، والقدرة فحسب، بل إلى جانب ذلك كانت لمسة التطهير، لم يتنجس المسيح في الأبرص، بل طهر الأبرص بلسمة السيد، وفي الحقيقة أن الفادي المبارك إن كان يهتم بآلامنا الجسدية إلى الحد البعيد، فإنه يهتم أكثر بآلامنا وأمراضنا الداخلية. وهل كان المسيح يقول للرجل: «أريد فأطهر» وهو يقصد فقط الطهارة الخارجية، كلا وألف كلا!! إنه في الواقع يقترب إلينا لكي نكتشف النجاسة التي تملأ حياتنا، حتى لو لم يكن جلدنا أو مظهرنا يحمل أعراض البرص أمام العيون!! كان إشعياء - أغلب الظن - بهي المنظر جميل الهيئة وهو يدخل في سنة وفاة عزيا الملك إلى هيكل الله، واكتشف هناك - وهو يرى السيد - أنه لم يكن عزيا وحده هو الأبرص، بل كان هو والأمة بأكملها عندما تمثل في حضرة الله، وقد بدا هذا من مطلع سفره، «كل الرأس مريض وكل القلب سقيم، من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة بل جرح وأحباط وضربة طرية لم تعصر ولم تعصب ولم تلين بالزيت» (إش 1 : 5 و6) وكان الله يهتم بأن يطهر إشعياء من برصة وخطبته قبل أن يصبح نبياً وخادمًا لله، وكان الله يريد أن يخلص نعمان السرياني من برص الخطية أكثر من برص الجسد، وقد تألم المسيح أشد الألم للعشرة الذين طهروا، ولم يرجع سوى السامري الغريب الجنس لينال طهارة الجسد والروح معًا، ونحن نعتقد أن الأبرص المسكين الذي سجد للمسيح طالباً الشفاء. فناله. لم ينقطع عن السجود، فلم يفعل ما قاله الشاعر العربي: صلي وصام لأمر كان يطلبه فلما انقضى الأمر لاصلي ولاصام لقد خرج هذا الرجل - كما تكشف القصة - ينادي برحمة المسيح وإحسانه له، ومع أن السيد طلب منه ألا يذبع نبأ الشفاء حتى لا يتعطل حكم الكهنة بالشفاء، إذا عرفوا أن يرجع إلى لمسة المسيح، لكن مع ذلك لم يكف عن الشهادة لمنقذه وشافيه. هل نستطيع أن نرى قصة الرجل، وهي تنتقل من عصر إلى عصر، في حياتي وحياتك نحن الملوثين النجسين الذين لا نختلف عن الأبرص القديم في شيء، سوى أن برصنا قد لا يكون ظاهرًا على الجلد، ولكنه عميق متمكن من القلب، حتى تأتي اللمسة المباركة التي تطهرنا روحًا وجسدًا. والكلمة المنعشة الحلوة الرقيقة التي تسمعها آذاننا: «أريد فأطهر»...!. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المسيح لمس الأبرص، فطهَّره من برصه |
السامري الأبرص قدّر المسيح على شفائه |
المسيح - سؤال وجواب |
الأبرص والاتجاه إلى المسيح |
عظة عن شفاء الأبرص: مرض الانسان وشفاء المسيح |