|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ (في2 : 7 ) د/فريز صموئيل جاء في رسالة الرسول بولس إلى أهل فيلبي: "٥فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا: ٦الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. ٧لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. ٨وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. ٩لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ ١٠لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، ١١وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ." (في2: 5- 11) ..لقد كانت عبارة "أخلى نفسه" مثار نقاش كثير وقال البعض بمفاهيم خاطئة عن كيفية الإخلاء وفي هذا المقال نناقش ثلاث نقاط: أ- تفسير النص ب- مفاهيم خاطئة ت- المفهوم الصحيح أولاً: تفسير النص إن هذا النص ورد بمناسبة تقديم نصائح عملية ليكون لنا فكر المسيح وموقفه في الانتقال من المجد إلى عالمنا الأرضي، ليصير إنساناً ويتألم على الصليب. وهنا يوصف المسيح بأنه: 1) "الذي كان في صورة الله": وفعل الكينونة هنا لا يعبر عن الماضي (كما هو في اللغة العربية ولكنه في اللغة اليونانية يأتي في صيغة المضارع، ويعني "استمرار الوجود" أي أن المسيح قبل التجسد هو الله، وبعد التجسد هو الله، فالمسيح الذي كان في صورة الله منذ الأزل، كان مستعداً أن يخلي نفسه آخذاً صورة عبد، وأطاع حتى الموت. 2) النص لا يذكر أن المسيح كف أن يوجد في صورة الله، ولكنه بالحري أضاف صورة عبد، وكلمة "صورة – Morphei" تتحدث عن المظهر الخارجي، فهي تشير إلى أن المسيح في الأزل أعلن صفاته الإلهية في المظهر الخارجي، وعندما تجسد أخذ صورة عبد، أي المظهر الخارجي للعبد، والطبيعة الإنسانية التي تتفق معه. 3) "وجد في الهيئة كإنسان "أي ظهر وتصرف كإنسان، وكلمة "هيئة" باليونانية تدل على المظاهر الإنسانية مثل التعب والعطش والجوع. وهذا لا ينفي لاهوت المسيح، بل يؤكد لنا أن يسوع المسيح إلهاً كاملاً ولو ظهر كإنسان (الطبيعة الناسوتية). ثانياً: مفاهيم خاطئة للإخلاء 1) أخلى نفسه من الإلوهية. وهذا خطأ فكيف يتخلى الله عن ذاته، وإذا تخلى إنسان مثلاً عن ذاته ليصير لا شيء. 2) أخلى نفسه من صفاته النسبية (الوجود الكلي، المعرفة الكلية، القدرة الكلية) وهذا أيضاً غير صحيح لما يلي: أ- لأن الصفات المتأصلة في جوهر الشخص لا يمكن أن تُستبعد، والصفات الإلهية لا تتغير. ب- إن محاولة التمييز بين الصفات المطلقة والصفات النسبية لا مبرر لها تماماً، لأن كليهما جوهري للاهوت. ت- من المستحيل التنازل عن صفة بدون تغيير خاصية الجوهر الذي ينتمي إليه، فمثلاً، إذا أخذنا من ضوء الشمس أياً من ألوانه ستتغير خاصية ضوء الشمس، وإذا أخذنا من الله أية صفة سنهدم لاهوته. ومن ثم إذا لم يكن للمسيح جميع صفات الله فلا يمكن أن يقال إنه هو الله. ث- إن القول إن المسيح تنازل عن صفاته النسبية، قول غير صحيح، فالمسيح أثناء حياته على الأرض أكد أنه كلي المعرفة "كان يعرف الجميع" و "قد علم ما كان في الإنسان" (يو2: 24و 25)، وأنه "عالم بكل ما يأتي عليه" (يو18: 4) وكان كلي القدرة: فهو لم ينتهر الأرواح الشريرة، ويقيم الموتى فحسب، بل دعا الناس أن يؤمنوا به لأجل الأعمال التي يعملها إن لم يؤمنوا بكلامه" (يو6: 36، 10: 25، 37، 38، 14: 11، 15: 24) ثالثاً: المفهوم الصحيح - المسيح لم يتخل عن إلوهيته، ولم يتخل عن صفاته النسبية، ولكن في تجسده حجب مجده السابق للتجسد (يو17: 5)، فقد كان ضرورياً أن يترك المظهر الخارجي لله لكي يأخذ لنفسه صورة إنسان، فالمسيح لم يتنازل عن مجده، لكن مجده كان محتجباً لكي يظهر للناس ويتحدث معهم. وهذا التجسد (أي اتخاذ الطبيعة الناسوتية) تنازل كان ضرورياً لعمل الصلب، فقد افتقر طواعية تاركاً أمجاد السماء، لكي نستغني نحن بفقره (2كو8: 9). - كتب والفورد: "يمكن فهم إخلاء النفس بطريقة صحيحة على أنه يعني أن المسيح لم يتنازل عن صفاته كالله، لكنه حد طواعية الاستخدام المطلق لتلك الصفات حتى تتمشى مع قصده من المعيشة بين البشر". وقال مولر: "إن المسيح أخلى نفسه، حين أخذ صورة عبد، ولم يرد أي شيء عن تنازله عن طبيعته الإلهية أو عن صورة الله، أو عن صفاته الإلهية. فقد أخلى نفسه بأن اتخذ لنفسه طريقاً للسلوك في الحياة في شكل أو طبيعة أو صورة عبد. وقد ظل تجسده على صورة الله، فهو بذلك رب وسيد وحاكم الجميع، إلا أنه قبل أيضاً طبيعة العبد كجزء من تجسده كإنسان. - إن المسيح في تجسده لم يتنازل عن صفاته النسبية، وقد ظهرت كثيراً في معجزاته ولكنه طواعية تنازل عن استخدام هذه الصفات لكي يحقق أهدافه الخاصة، أي لم يمارسها لنفسه لكي يجعل طريقه سهلاً، بل قد عانى من جميع متاعب البشرية. الخلاصة: الإخلاء: لا يعني أن المسيح تنازل عن إلوهيته أو صفاته، ولكنه يعني أنه طوعاً حجب مجده، وحد من استعمال صفاته بقصد الحياة مع الناس في حدودهم البشرية. • المراجع: 1. محاضرات في علم اللاهوت النظامي، هنري تيسن. 2. يسوع المسيح ربنا، والفورد. |
|