|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب ملوك الأول 21 - تفسير سفر الملوك الاولقتل وورث! جاء هذا الأصحاح في الترجمة السبعينيَّة قبل الأصحاح السابق وكأن ما حدث بخصوص الاستيلاء على كرم نابوت اليزرعيلي سبق الحرب التي قامت بين آخاب وبنهدد واتبع يوسيفوس المؤرِّخ نفس الترتيب الوارد في الترجمة السبعينيَّة. كان آخاب مشغولًا بقصوره وحدائقه، فاشتهى أن يقتني كرم نابوت اليزرعيلي الملاصق لقصره الشتوي في يزرعيل. كان مستعدًا أن يدفع الثمن لنابوت أو يقدِّم له كرمًا آخر عوضًا عنه. رفض نابوت أن يبيع ميراث آبائه، فخطَّطت إيزابل الشرِّيرة لقتله. اتهمته كاهنة البعل بأنَّه مجدِّف على اسم الله وعلى الملك، كأن قاتلة الأنبياء مهتمَّة باسم الله. قتلت وورثت، وإذ جاء إيليَّا النبي يوبِّخ آخاب نراه لأول مرة يلبس مسوحًا ويصوم ويسير في تواِضع. الله في رحمته الفائقة يقول لإيليَّا النبي: "هل رأيت كيف اتَّضع آخاب أمامي؟! فمن أجل أنَّه اتَّضع أمامي لا أجلب الشرّ على بيته" [28]. 1. آخاب يطلب كرم نابوت [1-4]. 2. إيزابل تقتلنابوت [5-16]. 3. إيليَّا يلتقي بآخاب [17-26]. 4. اتضاع آخاب [27-29]. من وحي 1 ملوك 21 1. آخاب يطلب كرم نابوت: الملك آخاب زوج إيزابل يطلب من نابوت اليزرعيلي أن يعطيه الكرم أما عن آخاب فالآن يكسر الوصيَّة العاشرة ويشتهي ما لأخيه.كان يمكنه أن يستأجر الكرم مدى حياته، وكان يمكنه أن ينسِّق الكرم وينزل فيه كما يشاء، لكنَّه لم يكن يطلب إلاَّ أن يمتلكه، وإذ ضاق به الأمر مرض! كان نابوت إسرائيليًا يخاف الله، يعتز بميراث آبائه، حتى بالكرم الذي ورثه. لم يكن في قلب نابوت أن يهين الملك أو يخالف أوامره، لكنَّه كان يشعر بالالتزام بتنفيذ الشريعة الإلهيَّة التي تمنع بيع الشخص ميراثه لآخر نهائيًا، خاصة إن كان من سبط آخر. وإن باعه لسبب أو آخر يسترد الأرض في السنة السابعة أو في اليوبيل (لا 25: 23-28، عد 36: 7). رفضه للبيع لم ينبع عن تعلُّقه بالكرم، ولا عن عنادٍ مع الملك، وإنَّما قائم على طاعته للوصيَّة الإلهيَّة. "وحدث بعد هذه الأمور أنَّه كان لنابوت اليزرعيلي كرم في يزرعيل بجانب قصر آخاب ملك السامرة. فكلَّم آخاب نابوت قائلًا: اعطني كرمك فيكون لي بستان بقول، لأنَّه قريب بجانب بيتي، فأعطيك عوضه كرمًا أحسن من، أوإذاحسن في عينيك أعطيتك ثمنه فضَّة. فقال نابوت لآخاب: حاشا لي من قبل الرب أن أعطيك ميراث آبائي" [1-3]. ما كان يشغل قلب آخاب الملك هو مسرَّته، حاسبًا أنَّه بسلطانه أو ماله يحقِّق كل شيء حتى وإن كان مخالفًا للشريعة. أمَّا ما يشغل قلب نابوت فهو الوصيَّة الإلهيَّة. لم يجد مجالًا للتفكير ما دام الأمر فيه كسر للوصيَّة. بلا شك كان نابوت أحد السبعة آلاف الذين لم يحنوا ركبة لبعل ولا قبلوه بشفاههم. أطاع الله أكثر من الناس. كان يرى في التنازل عن نصيبه في أرض الموعد من أجل الملك فيه إشارة إلى تهاونه في الميراث الأبدي لأجل أرضاء إنسان،مهما بلغ مركز هذا الإنسان. يقول القديس أمبروسيوس[219] أن نابوت لم يمت من أجل تمسُّكه بكرمه، فإنَّه كان يعلم أن الملك سيعوِّضه بكرمٍ أفضل، لكنَّه تمسَّك بميراث آبائه. * دافع نابوت عن كرومه بدمه، فإن كان لم يسلِّم كرمه هل نسلِّم نحن كنيسة المسيح؟ إن كان نابوت لم يسلِّم ميراث آبائه فهل أسلِّم أنا ميراث المسيح...؟ كأسقف يلزمني أن أجيب: ليعمل الإمبراطور كإمبراطور. ليأخذ حياتي ولا يفقدني إيماني![220] القديس أمبروسيوس اتفق آخاب مع زوجته الشرِّيرة، وقد جاء الاتفاق في الشرّ: * في حالة آخاب كان الاتفاق أكثر خطورة من أي حرب. الاتفاق ليس صالحًا في كل الأحوال، فإنَّه حتى اللصوص يتَّفقون معًا[221]. القديس يوحنا الذهبي الفم "فدخل آخاب بيته مكتئبًا مغمومًا من أجل الكلام الذي كلَّمه به نابوت اليزرعيلي قائلًا:لا أعطيك ميراث آبائي. واضطجع على سريره، وحوَّل وجهه ولم يأكل خبزًا" [4]. كان تصرُّف الملك طفوليًا. عوض التفكير الجاد في الموقف أصيب بحالة من الاكتئاب والغم، ممَّا دفع بجسده إلى المرض، فألقى به على السرير، يعاني من آلام نفسيَّة وأمراض جسديَّة. دفعه كبرياؤه وطمعه وشهوته للملذَّات أن تُصاب نفسه كما أيضًا جسده بالأمراض. في الأصحاح السابق رأينا آخاب يعود إلى قصره مغمومًا وكئيبًا، إذ كشف له النبي عن خطئه. والآن نراه مغمومًا وكئيبًا لأن نابوت يريد أن يطيع الله أكثر منه. كان آخاب في قصره الملكي، بين يديه مباهج أرض كنعان، وفي بيته خزائن مملوءة بكل ما هو ثمين، وفي يده سلطان، ويجلس على العرش في كرامة، ومع هذا فكانت روحه مريضة ونفسه تئن من التذمُّر والضيق وجسده مريضًا. إن سأله أحد يبرِّر ذلك بأن نابوت رفض أن يعطيه كرمه! المشكلة الحقيقيَّة هي في أعماق قلب آخاب، لا في قرار نابوت. الكآبة هي ثمرة إعطاء الظهر لله ينبوع الفرح. عوض أن يشعر الإنسان بالشبع والكفاية فيشكر متهلِّلًا، يظنّ أنَّه في مأزق يعجز عن الخروج منه، فيعاقب نفسه بنفسه بالكآبة والغم. فالرسول بولس كان في سجن داخلي مقيَّد اليدين والرجلين بمقطرة، وجسمه ينزف دمًا، كانمحرومًا من الحريَّة لكي يكمِّل رسالته بين الشعب، ومع هذا كان متهلِّلًا ومسبِّحًا، لا تقدر الكآبة أن تبتلعه، ولا الغم أن يجد له موضعًا فيه. ألقى بجسمه على السرير، وأعطى وجهه للحائط ربَّما لأنَّه لا يريد أن يرى أحد وجهه كئيبًا، أو لكي لا يعطي فرصة لأحد أن يسأل عن سبب كآبته ومرضه. وامتنع عن الأكل. لقد أحب الملك الكرم، وتجاهل خالق الكرم. * تسأل: لماذا يلزمني ألاَّ أحب العالم ما دام الله هو الذي خلقه؟ أيُّها الاخوة، الإنسان الذي يحب أي شيء ليس من أجل الله فإن محبَّته لله قليلة جدًا. إنَّه ليس يجب ألاَّ تحب الأمور المخلوقة، وإنَّما أن تحبَّها لأجل ذاتها فهذا طمع وليس حبًا[222]. * لك الخيار: أمَّا أن تحب الأمور الزمنيَّة وتعبر معها، أو لا تحبَّها وتبقى مع الله إلى الأبد[223]. * نهر الزمن يجرف، لكن يوجد ما يشبه شجرة مزروعة على المياه، هي ربَّنا يسوع المسيح. لقد صار إنسانَّا، لكي يزرع نفسه بجوار نهر الزمن. إن شعرتَ في نفسك أنَّك تنجرف إلى أسفل نحو التيار، أمسك الشجرة. إن أمسك بك حب العالم أمسك بالمسيح. فإنَّه من أجلك دخل في الزمن لكن لم يكف عن أن يبقى أبديًا[224]. القديس أغسطينوس 2. إيزابل تقتل نابوت: "فدخلت إليه إيزابل امرأته وقالت له: لماذا روحك مكتئبة ولا تأكل خبزًا؟. فقال لها: لأنِّي كلِّمت نابوت اليزرعيلي، وقلت له أعطيني كرمك بفضَّة وإذا شئت أعطيتك كرمًا عوضه، فقال: لا أعطيك كرمي. فقالت له إيزابل: أنت الآن تحكم على إسرائيل، قم كل خبزًا وليطب قلبك، أنا أعطيك كرم نابوت اليزرعيلي" [5-7]. سألت إيزابل زوجها عن سبب كآبته وامتناعه عن الطعام. فأخبرها بما حدث بينه وبين نابوت اليزرعيلي، دون أن يشير إلى سبب رفضه البيع، وهو "الوصيَّة الإلهيَّة"، ربَّما لأنَّه كان يخشى أن يشير إلى الله في حديثه معها. تحت مظهر تقديم تعزية وراحة لزوجها الحزين غذَّت كبرياءه وألهبت الجمر المتَّقد في داخله. لقد حسبت في تصرُّفه هذا وفي كآبته وامتناعه عن الطعام إهانة لمركزه كملك صاحب سلطان، يأمر وينهي، فإن الأمر أصغر بكثير من أن يفكر فيه الملك. الدخول في حوار مع أحد العامة مثل نابوت، في نظرها، فيه مهانة له ولعرشه وتاجه الملوكي، أنَّه لا يليق به أن يحاور ويبيع ويشتري، إنَّما يأمر فيطاع. هكذا أعطت للملك درسًا في التشامخ والعجرفة واستغلال السلطة. أخبرته أنَّها وهي الملكة ستقدِّم له الكرم بلا تعب وبلا مقابل. كأنَّها تقول له: من هو الملك أنت أم نابوت؟ إن كان نابوت يرفض طلبك، إذن فهو الملك الذي له سلطان أن يرفض وأنت لست بملكٍ إذ تخضع لرفضه. "ثم كتبت رسائل باسم آخاب وختمتها بخاتمه، وأرسلت الرسائلإلىالشيوخ والأشراف الذين في مدينته الساكنين مع نابوت. وكتبت في الرسائل تقول: نادوا بصوم، وأجلسوا نابوت في رأس الشعب. وأجلسوا رجلين من بني بليعال تجاهه ليشهدا قائلين: قد جدفت على الله وعلى الملك، ثم أخرجوه وارجموه، فيموت" [8-10]. بعد أن قدمت درسًا للملك عن مفهوم الملك والسلطة، أرادت أن تقدم درسًا لنابوت عن مفهوم الخضوع والطاعة للملك حتى وإن كان على حساب الوصيَّة الإلهيَّة. فإنَّها لن تقبل أقل من سفك دمه ثمنًا لتكريمه الوصيَّة الإلهيَّة أكثر من الأمر الملكي. بعثت الملكة برسائل إلى الشيوخ والرؤساء مختومًا باسم الملك آخاب. ختم الرسالة يشير إلى أن ما ورد بها ملكي، وأمر خطير للغاية يمس كيان الدولة وأمنها. عرف الفراعنة الختم على الرسائل منذ حوالي 2000 ق.م. وتوجد أختام لسنحاريب والملك سيرجون. وذكرت الختوم في أيَّام استير الملكة (إس 3: 12). كان اليهود يضعون عجينة من الفخار على الرسالة ويختمونها (أي 38: 41). يظهر من عدد [8] أن الرسالة كتبت من القصر الذي في السامرة إلى الشيوخ الذين في يزرعيل على بعد حوالي 7 أميال. وكان هؤلاء أدوات تحرِّكها الملكة كيفما شاءت. يبدو أنَّه لم تكن هذه هي المرة الأولى التي فيها استعارت إيزابل ختم الملك لتكتب حسبما تشاء. لعلَّها استخدمته حين كتبت رسائل تأمر فيها بقتل الأنبياء. كتبت رسالتها إليهم تطلب فيها الشهادة الزور ضد نابوت والحكم عليه بالموت، دون أن تقدم السبب لفعل هذا. لم ترسل شهود زور من قبلها، بل طلبت من القضاة أن يبحثوا هم عن شهود زور، من أبناء بليعال، ثم يصدروا الحكم وهو عارفون أنَّه يقوم على شهادة كاذبة. هذا ما كان يمكن أن يتم لولا معرفتها التامة أنَّهم أناس فاقدي الضمير، بلا أمانة ولا كرامة. كتبت بأسلوب يفهم منه تأكُّدها التام من طاعتهم لها على حساب الحق. وكأنَّها بالحيَّة إلى تبث السموم خلالهم. غطت الخطَّة بثوب ديني، فالاتهام الأول هو تجديفه على الله ثم على الملك. اتِّهمته بما ترتكبه هي في صورة بشعة، أي التجديف على الله ومقاومته وقتل أنبيائه. وطلبت أن تتم المحاكمة بتدبير محكم كمن يلتزم بالعدالة. كان جزاء التجديف على الله هو الرجم (لا 24: 16؛ يو 10: 33). وبعد الرجم كانت العادة أن يقام عمود من الحجارة على القبر كشهادة عن طريقة موته ويسجِّل عليه الجريمة التي ارتكبها. التجديف على الملك ليس جريمة ثانية يحاكم عليها نابوت، وإنَّما هو امتداد للجريمة الأولى. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). فإن تجديفه هنا ليس على شخص الملك بل عليه كوكيل لله. طلبت إيزابل الشرِّيرة أن ينادي القضاة بصومٍ، كأن الأمر خطير للغاية ويتطلَّب تضرُّعًا وتذلُّلًا أمام الله. لم يكن هذا الصوم من قبل الله للتوبة والندامة والرجوع إليه، وإنَّما من قبل كاهنة وثن شرِّيرة لكي تغلف شرُّها بغلاف روحي مخادع. حقَّق الشيوخ بدقَّة شديدة ما ورد في الرسالة، أمَّا خوفًا من إيزابل، أو لنوال مكاسب ماديَّة منها أو لبغضهم تقوى نابوت. قتل نابوت علنًا، وقتل معه أولاده، حتى لا يطالبوا بالكرم كميراثٍ لهم، ولا يدافعوا عن والدهم الذي رجم ظلمًا. كان الأبناء يتحمَّلون العقوبة مع آبائهم (يش 7: 24-25؛ 2 مل 14: 6) وكما قال ياهو عند قتله يهورام: "ألم أرَ دم نابوت ودماء بنيه يقول الرب؟" (2 مل 9: 26). طلبت تنفيذ الشريعة في شكليَّاتها بكل دقَّة، فطلبت استئجار رجلين شاهدين، لأنَّه لا يجوز الحكم بالموت على الإنسان على فم شاهد واحد (تث 17: 6؛ 19: 5؛ عد 35: 30؛ مت 26: 60). يختاروا رجلين من أبناء بليعال لا يتردَّدان أن يكذبا ويقسما باطلًا. تطالب الدسقوليَّة بالاهتمام بشخصيَّة الشاهد في المحاكمات الكنسيَّة. فقد يحدث أن شاهدين أو أكثر يشهدون زورًا، كما حدث بالنسبة للشيخين الشاهدين ضدّ سوسنة في بابل (سوسنة 28)، أبناء المعصية الذين شهدوا ضدّ نابوت في السامرة (1 مل 21)، وجموع اليهود الذين شهدوا ضدّ ربَّنا في أورشليم (مت 26) وضدّ أول شهيد له اسطفانوس (أع 6: 7). جاء في الدسقوليَّة: [ليكن الشهود ودعاء، بلا غضب، متحرِّرين من الشرّ، أمناء، متديِّنين، فإن شهادة مثل هؤلاء الأشخاص حازمة بسبب شخصيَّاتهم، وصادقة بسبب طريقة حياتهم[225]]. الاتِّهام هو أنَّه مجدِّف وثائر، يهاجم الله بكلمات التجديف، ويهاجم وكيله على الأرض، محتقرًا كرامة العرشوالتاج. يرى البعض أنَّه يقدِّم بتهمة عبادة الأوثان وعقوبتها الرجم (تث 12: 6؛ 17: 2-7). وكأنَّها نسبت ما تفعله هي لنابوت. غير أن كثير من الدارسين رفضوا التفسير الأخير. كثيرون يظنُّون أن كلمة boark تعني المعنيِّين "بارك"، و"لعن"، تفسَّر حسب النص الواردة فيه. ولعلَّ وراء هذا أن البعض لا يريد أن ينطق بكلمة "لعن". هذا ما نلاحظه في سفر أيُّوب حيث قالت امرأته له "بارك الرب ومت"، ولم تترجم كلماتها حرفيًّا "العن الرب ومت" (أي 1: 5، 11؛ 2: 5). يرى البعض أن كلمة "بارك" تستخدم عندما يلتقي شخص بآخر فيحييه بالبركة، وأيضًا عندما يرحل عنه، لذا تحمل معنى البركة بالمفهوم الحسن كما تعني مفهوم "لتأمر بالانصراف" أو "لتمجِّد" أو "تطرد" أو "تلعن". وكأن من يجدف أو يلعن الله إنَّما كمن يطرده ويطلب أن ينصرف عنه. "ففعل رجال مدينته الشيوخ والأشراف الساكنون في مدينته كما أرسلت إليهم إيزابل، كما هو مكتوب في الرسائل التي أرسلتها إليهم" [11]. يوجد دائمًا أناس يبيعون ضمائرهم من أجل أرضاء الرؤساء والعظماء حتى ينالوا مكافأة. "فنادوا بصوم وأجلسوا نابوت في رأس الشعب. وأتى رجلان من بني بليعال وجلسا تجاهه، وشهد رجلا بليعال على نابوت أمام الشعب قائلين: قد جدَّف نابوت على الله وعلى الملك. فأخرجوه خارج المدينة ورجموه بحجارة فمات" [12-13]. تمَّت خطَّة إيزابل بدقَّة وهي في قصرها لم ترَ شيئا، بينما الله ضابط الكل والمحامي عن المظلومين كان يراقب كل الأحداث. أنَّه يسمح أحيانًا ولكن إلى حين أن يكون لإبليس سلطانًا فيبث شرُّه ظانًا أنَّه قادر أن يسيطر. يدهش سليمان لما يحدث فيقول: "يوجد باطل يجرى على الأرض أن يوجد صديقون يصيبهم مثل عمل الأشرار، ويوجد أشرار يصيبهم مثل عمل الصديقين، فقلت أن هذا أيضًا باطل" (جا 8: 14). كمؤمنين نشعر أن دموعنا تمتزج بدموع المظلومين وتنهُّدات قلوبنا مع تنهُّدات قلوبهم، قائلين مع الحكيم: "ثم رجعت ورأيت كل المظالم التي تجرى تحت الشمس، فهوذا دموع المظلومين ولا معزٍ لهم، ومن يد ظالمهم قهر، أمَّا فهم فلا معزٍ لهم" (جا 4: 1). خطَّطت إيزابل وأحكمت الخطَّة، وقام المنافقون بتنفيذها في هذا العالم. فالعدالة لن تتحقَّق تمامًا إلاَّ في يوم الرب العظيم حيث لا يترك الحكم في أيدٍ بشريَّة، بل هو ديان الأرض كلَّها، فاحص القلوب والكلى، صانع العدل والرحمة. "وأرسلواإلىإيزابل يقولون: قد رُجم نابوت ومات" [14]. أرسل الشيوخ يبشِّرون إيزابل بأن خطَّتها قد تمَّت بكل دقَّة، فقد مات نابوت وأولاده. أرسلوها من يزرعيل إلى السامرة. فيما بعد جاءت رسالة من ياهو إلى رؤساء يزرعيل الشيوخ يقول لهم فيها: "إن كنتم لي وسمعتم لقولي، فخذوا رؤوس الرجال بني سيِّدكم (آخاب) وتعالوا إليّ في نحو هذا الوقت غدا إلى يزرعيل" (2 مل 10: 6). هكذا قتل الشيوخ أولاد آخاب السبعين ووضعوا رؤوسهم في سلال وأرسلوها إلى يزرعيل. بالكيل الذي كالت بهم إيزابل كيل لها به، ومن ذات الكأس التي ملأتها شربت. "ولما سمعت إيزابل أن نابوت قد رُجم ومات قالت إيزابل لآخاب: قم رث كرم نابوت اليزرعيلي الذي أبى أن يعطيكإيَّاهبفضَّة، لأننابوت ليس حيًا بل هو ميت" [15]. في شيء من المرح انطلقت إيزابل تخبر آخاب بأن نابوت ليس بموجود بعد، بل هو ميِّت، وتسأله أن يقوم ويملك الكرم. لم يكن من حق الملك أن يرث كرم نابوت. لكن هذا كان حسب التقليد كانت ممتلكات الخائنين للملك متى قتلوا يرثها الملك (راجع 2 صم 16: 4). "ولما سمع آخاب أن نابوت قد مات قام آخاب لينزلإلىكرم نابوت اليزرعيلي ليرثه" [16]. كان من المتوقِّع أن يرسل الملك أحد رجاله ليستلم الكرم، لكن إذ كان متهلِّلًا بما حدث نزل بنفسه إلى الكرم لكي يرثه. |
|