تأمل فى الله وخلاص الإنسان تكملة الحديث فى ما سبق
فى الطبيعة أمثلة كثيرة تؤكد هذه الحقيقة (حقيقة الثالوث فى الواحد) فمثلاً :
(1) الشمس: لها ثلاث أقانيم، هى ـ ذات الشمس أو قرص الشمس، حرارة الشمس، وضوء الشمس، وهى شمس واحدة، لها ذات وحرارة وضوء، يمكننا ان نقول عن قرص الشمس أنه هو الشمس مع صفة الأصل، ونقول عن حرارة الشمس أنها هى الشمس مع صفة الحرارة، وضوء الشمس أنه هو الشمس مع صفة الضوء، لأن قرص الشمس وحرارتها وضوءها فى وحدة بغير انفصال، حالما ظهرت الشمس أرسلت الحرارة وانبثق منها الضوء .
نلاحظ هنا ان ذات الشمس هى كائن يمكن ان يظهر ويغيب، حرارة الشمس متولدة من الشمس وهى شئ مميز، ضوء الشمس مرسل من الشمس وهو مميز يختلف عن الحرارة، ثلاث أقانيم مميزة فى جوهر واحد هو جوهر الشمس .
(2) الإنسان : له جسد، وعقل، وروح، وهو إنسان واحد .
الجسد غير العقل غير الروح، كل منهم له صفة مميزة غير منفصلة، الجسد هو الإنسان مع صفة الكيان، العقل هو الإنسان مع صفة التفكير، الروح هو الإنسان مع صفة الحياة، وهم يمثلون جوهراً واحداً هو الإنسان، وهكذا فى الطبيعة أمثلة كثيرة ثالوث فى واحد .
اذن قولنا عن الله أنه ثالوث فى واحد ليس شركاً بالله، بل هو تعرف أكثر عليه، وان قال قائل: ما فائدة التعرف على الثالوث القدوس، فلنقل الله واحد وكفى ؟
إن قلنا أن الله واحد وكفى، يكون الله مجهولاً لنا، فقط نعرف أنه الواحد القوى الجبار، ونحن عبيد مخلوقون، نعبده دون أن نتعرف عليه، ونحاول أن نسترضيه خوفاً من عقابه .
ولكن بمعرفتى أن الله الآب هو الأب الكبير لكل الخلائق، يمكننى أن اتعامل معه على أنه أبى أنا أيضاً، تتكون بينى وبينه علاقة حب، أخاطبه كما يخاطب الطفل أباه، فما أحلى وأعظم هذه العلاقة .
وبمعرفتى أن الله الإبن هو عقل الله، وان الله يستعلن ويظهر فى الخليقة بكلمته أى بابنه، يمكننى أن أفهم أن الله خلق الكون بكلمته، فى هذا قال الكتاب "فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله هذا كان فى البدء عند الله، كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان" ( يو 1: 1 ـ 3 )، وأفهم ان كتاب الله هو كلمته لى، فمثلا الله كتب لوحى الشريعة وأعطاها لموسى النبى على الجبل، الكتابة هى كلمة الله مكتوبة، أى عقل الله مستعلن، إذن لولا إيمانى بابن الله ( عقل الله المستعلن )، لا يمكننى ان اقول ان هذا الكلام هو كلام الله، وبهذا المعنى كلمة الله تعنى ابن الله، كما قلنا أن معنى كلمة ابن هو عقل الله المستعلن أو الظاهر،هو عقل الله الناطق أو نطق الله العاقل .
وبمعرفتى أن الله الروح القدس، هو روح الله مصدر الحياة فى كل حىّ كما يقول الكتاب "فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس" ( يو4:1 )، وهو المرشد، الذى يرشدنى للحق ويقود حياتى، لذلك لو لم أؤمن بروح الله، اكون كالتائه فى صحراء بدون مرشد أو دليل، ولا يمكننى معرفة الحق .
ياله من امتياز عظيم، أن أعرف أن الله الواحد هو الآب والإبن والروح القدس، هذه الحقيقة واضحة فى الكتاب المقدس منذ بدء الخليقة، ولكنها وضحت أكثر فى العهد الجديد، لإلهنا الواحد القدوس، مثلث الأقانيم، كل مجد وكرامة إلى الأبد آمين .