منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 31 - 03 - 2013, 06:30 PM
 
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  كيلارا غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

البابا ميخائيل الأول
(735 - 759م)
رجل الصلاة واحتمال الآلام بشكر
(يتبع)



ماذا نستفيد من استرجاع تاريخنا القبطي؟

فوائد كثيرة. فليس استرجاع تاريخنا القبطي قراءة أحداث وتواريخ وأسماء ولَّت وعَبَرَت ولا فائدة من ورائها لي أنا الذي أعيش اليوم في واقع آخر؛ بل التاريخ ليس مجرد حوادث وأسماء ومعلومات قديمة عَبَرَت، إنما هو دروس ثمينة يختصر التاريخ الوقت في تعلُّمها، حيث نتعلَّم كيف لا نكرر نفس الأخطاء التي وقع فيها أسلافنا، وننتفع من الحكمة التي تحلَّى بها القديسون الأقدمون. ولا يصحُّ أن تكون نظرتنا للتاريخ نفعية، فنسأل: وماذا فيه من منفعة لي اليوم؟ لكن الجهل بتراثنا القبطي القديم وسِيَر آبائنا المجاهدين هو أكبر خطر على جيلنا، وسبب ضعف وعتمة لرؤيتنا للصحيح والخطأ: الصحيح لنتبعه، والخطأ لنتفاداه.

الكنيسة والبابا ميخائيل يواصلان جهادهما،

وسط الاضطرابات السياسية التي أحاقت بمصر:


بعد إطلاق سراح البابا ميخائيل (راجع مجلة مرقس، عدد سبتمبر 2005، ص 37-40)، توجَّه إلى كنيسة الشهيدين سرجيوس وواخس، ورفع القرابين المقدسة شكراً لله، وتناول من يده جمهور غفير من الشعب. ويقول كاتب السيرة إن البابا منع أحد المصلِّين من التناول لأنه أفطر قبل مجيئه إلى الكنيسة، وعَلِمَ منه أنه هو وقوم كثيرون في الصعيد لم يكونوا يعرفون هذا الترتيب الكنسي بالصوم قبل التناول. فكانت فرصة أن حرَّر البابا منشوراً إلى كل الكنائس بضرورة الصوم قبل التناول.

ثم ابتدأ البابا ميخائيل في تعمير الكنائس التي هدمها أو خرَّبها الوالي أيام البابا ألكسندروس الثاني (تنيح 719/720م)، وفي تثبيت قلوب المؤمنين الذين وهنت عزيمتهم في الأيام الصعبة السابقة، منتهزاً فرصة تغيُّر قلب الوالي عبد الملك بن مروان، إذ امتلأ قلبه حباً للبابا الإسكندري وتقديراً له، وحيث أحسَّ بعطف كبير على المسيحيين. واعتاد الوالي بعد ذلك أن يزور البابا ميخائيل الأول وأساقفته ويتشاور معهم في جلائل الأمور.

ولا عجب، فقد كان البابا ميخائيل - كما وصفه بحق تلميذه كاتب سيرته - حلو الكلام، حسن المنظر، ذا هيبة ووقار، وكان كلامه كالسيف على العاصين، وتعليمه مثل الملح لأهل الصلاح والعفاف، منتصب القامة، نظيف اللباس في زهدٍ عن زينة المنظر! وكانت يد الله معه في كل هذه الشدائد التي أتاها عليه الوالي عبد الملك.

وكان لعبد الملك هذا ابنة فيها روح نجس، فصلَّى عليها البابا فخرج منها الروح النجس. فكان هذا سبباً في أن يزيد الوالي من إجلاله للبابا البطريرك.

? إن شخصية باباواتنا القديسين كانت تتسم بالروحانية الحقيقية، والتي تتمثل في أنهم كانوا رجال صلاة أولاً، ثم كانوا لهذا السبب ممتلئين من روح الله القدوس بمواهبه الشفائية التي تمجِّد الله في أعين هؤلاء الحُكَّام الغرباء عن الوطن، والمختلفين عنهم في الإيمان، والأشدَّاء في السطوة. لذلك على قدر ما كان يتألم آباؤنا - سواء كانوا إكليروساً أم من الشعب - على قدر ما كانوا يشعُّون من بهاء قداستهم الداخلية شهادة للروح القدس الذي فيهم، ومجداً لاسم المسيح الذي يؤمنون به كل الإيمان. لذلك رأينا في الباباوات الذين عاصروا أوائل حُكَّام الغزاة العرب، هذه الصفات بأجلى وضوح، مما كان سبباً في حفظ الكنيسة من الانهيار أمام سطوة وبطش هؤلاء الحُكَّام الجُدُد.

ثورة البشموريين بسبب اختناقهم من تضاعف الجزية:

على أن السلام لم يَطُلْ أمده، لأن الخليفة مروان الساكن في دمشق أقام ابنه الثاني ويُسمَّى مروان أيضاً قائداً للجيش. وانتهز الوالي في مصر هذه الفرصة، فضاعف الجزية على الأقباط (وهم المصريون الذين لم يستسلموا للترهيب ولا للترغيب، فلم يرتدّوا عن إيمانهم)، الأمر الذي جعل أقباط البشمور في الوجه البحري وعلى رأسهم مقدِّمهم مينا بن بقيرة وقوم آخرين من سنباط، أن يتحصَّنوا في مدنهم ولم يدفعوا الجزية المفروضة عليهم. وسارت الأمور لصالحهم أولاً، إلى أن أحسَّ بهم عبد الملك، فخرج إليهم بجند كثيرين، فهزموه وقتلوا منهم الكثيرين بحدِّ السيف. فأرسل عبد الملك جنوداً آخرين وأسطولاً في النيل، فهزموهم وقتلوهم أيضاً.

وفي هذه الأيام، كان الخليفة مروان قد هرب من دمشق بعد أن حاصره أعداؤه الآتين من العراق (العباسيون)، فلم يجد ملجأً يهرب إليه إلاَّ مصر. وهكذا وصل إلى مصر حوالي عام 751م. فلما وصل إلى مصر وعَلِمَ بثورة البشموريين، كتب إليهم رسائل وعرض عليهم الأمان، فلم يقبلوا، فجرَّد عليهم جيشاً كبيراً من مصريين كانوا قد أسلموا تحت ضغط الترهيب والترغيب، فلم يقدر هذا الجيش أن يصل إليهم، لأنهم كانوا يتحصَّنون في مواضع مليئة بالوحل لا يقدر أحد أن يتخطَّاها، لأنه إذا زلَّت قدمه عن الطريق الضيق غطس في الوحل وهلك. وكان جنود الخليفة قد جنَّدوا جنوداً يحرسون مداخلهم من الخارج، فكان البشموريون يخرجون إليهم ليلاً من طُرق معروفة لديهم ويهاجمونهم ويُزعجون خيولهم ويسرقون أموالهم، فلما طال على هؤلاء الأمر، رحلوا عنهم.

وخاطب الخليفةُ البابا ميخائيل مُعنِّفاً إيـَّاه بكلام كثير بما معناه: ”كيف مكَّنْتَ أولادك المسيحيين أن يُقاتلونا“. وسهِيَ عن هذا الحاكم الغريب عن مصر أن البطاركة لا يُحرِّضون أحداً على الحرب. وأن هؤلاء الثائرين هم أبناء الوطن، فاض بهم الكيل ولم يقدروا على دفع الجزية الباهظة، فلم يجدوا سبيلاً إلاَّ الثورة على محتلٍّ وغازٍ غاصب وظالم. لذلك، أودع الخليفة البابا في السجن واضعاً الحديد في رجليه.

وكان تلاميذ البابا وبعض كهنته قد هربوا! ولم يَبْقَ منهم سوى أنبا مينا القس الإيكونوموس لكنيسة مار مرقس الإنجيلي والتلميذ، وولاتينوس الشماس كاتب القلاية البطريركية (هكذا كان يُسمَّى سكرتير البابا الذي كان شماساً)، وبرثولماوس الراهب من سمنود، هؤلاء كانوا قد قُبض عليهم مع البابا. كما قُبض على بطريرك الملكيين (الخلقيدوني) وكبَّلوا قدميه أيضاً بالحديد، لكنه استطاع أن يحصل على ألف دينار دفعها إلى قائد الجيش الأمير كوزارا فأفرج عنه الخليفة؛ أما البابا الإسكندري فلم يكن معه مال يدفعه، فظل محبوساً. ولما طلب منه الأمير أن يفعل كما فعل البطريرك الملكي، قال له البابا: ”ما في كنيستي شيء، وأنا أضع نفسي عِوَضاً عن المال. فكلما أردتَ أن تفعله، فافعلْه“. فبدأ يُضيِّق عليه ويعتدي عليه، وضربه بعصا على رأسه. يقول كاتب السيرة: ”وكان المسيح مُعينه، وحافظه، ولم يَنَلْه من ذلك شيء“، شهادة لرأس الكنيسة الرب يسوع المسيح الذي يحفظ ويُعين صفيَّه في ضيقته.

ثم أمر الأمير بقطع رأس البابا، ومدَّ السيَّاف يده وجرَّد سيفه، وسأله مرتين - حسب المتَّبع - هل آخذ رأسك، فأَذِنَ له. وقبل أن يسأله، وكان الأمير قد ابتعد عنهم، قال السيَّاف (لِمَن حوله): وماذا نستفيد من قتل هذا الشيخ وقد منع البشموريين من قتالنا بكتاب كتبه إليهم في هذا الشأن (لكنهم لم يقبلوا رجاء البابا). ففكَّر هؤلاء في أن يحملوا البابا معهم في هربهم إلى رشيد، ويَدْعُونه هناك أن يكتب لهؤلاء البشموريين أن كل ما حلَّ به من عذابات كان بسببهم، فأمر الأمير بالإفراج عنه.

فلما بلغ الخبر البشموريين، خرجوا لأولئك الجند الذين كانوا يحاصرونهم، فقتلوهم وطردوهم. والذي نجا من الموت مضى إلى مروان - الخليفة الهارب - وعرَّفه بما جرى لهم. فكتب إلى باقي الجند يدعوهم أن يأتوا إليه بسرعة ليُدافعوا عنه ضد أعدائه الذين يتعقَّبونه في مصر، ولكنه أوصاهم أن ينهبوا كل بلدة وقرية في طريقهم ويقتلوا أهلها. فسار هؤلاء الجنود إلى الصعيد وقتلوا في طريقهم جماعة من الأراخنة، ونهبوا أموالهم، وسَبَوا نساءهم وأهلهم وأولادهم، وأحرقوا أديرة رهبان وقبضوا على راهبات.

مأساة راهبة دفعت حياتها ثمناً لعفَّتها:


وكان هناك دير راهبات في أخميم عددهن 30 راهبة، فاستولى عليه جنود مروان. وكان من بينهن راهبة اسمها ”فبرونيا“، دخلت الدير وعمرها 3 سنوات. فلما نظروها بُهتوا من جمالها وبراءتها، فأرادوا أن يفتكوا بها، فأخرجوها من وسط أخواتها. ولَمَّا علمت الراهبة بنيَّتهم الشريرة في إفساد عفَّتها، سألتهم عن قائدهم. فلما أتوا بقائدهم قالت له: ”عندي دواء كان آبائي يدهنون به أنفسهم إذا خرجوا للقتال، فلا يؤذيهم السيف ولا الرمح بل يصيران كالشمع، وإن كنتَ لا تُصدِّق كلامي فأنا أدهن رقبتي قدَّامك، وهات أجود سيف عندك، ودَعْ أقوى مَن في رجالك ليضرب عنقي، فلا يقطع فيَّ شيء لتعلم صحة قولي. وحينئذ، ردَّني إلى ديري سالمة“. ثم دخلت قلايتها وأخرجت قارورة فيها زيت مصلَّى عليه، ودهنت به رقبتها ووجهها وجميع جسدها، ثم خرجت إلى الجنود وصلَّت راكعة على ركبتيها، ومدَّت عنقها، وظن الجهَّال أن الأمر صحيح. ووثب جندي شاب متهوِّر بسيف يفتخر به، فسترت الراهبة وجهها ببلِّينها، وطأطأت رأسها، وقالت له: اضرب بكل قوتك ولا تُبالي. فضرب الجندي عنق القديسة الشهيدة، وطار رأسها، وطارت روحها قبل رأسها إلى السماء؛ إذ رأت أن تموت بالسيف ولا يلتصق بها نجاسات المتوحِّشين، ولا يتنجَّس جسدها الطاهر بهم!

حريق الفسطاط (القاهرة الفاطمية فيما بعد) يُشعله مروان الخليفة بعد هزيمته:


وبعد أن وصل البابا إلى رشيد، أمر الخليفة مروان أن يأتي البابا إليه في الفسطاط. وكان قد بلغ مروان أن البشموريين يتمادون في حربهم ويحرقون المدن ويقتلون مَن بها من الغرباء. وكان أعداء الخليفة الآتون من العراق يُحاصرونه في مصر ليقضوا عليه.

وفي يوم الأحد العاشر من أبيب وصل البابا ميخائيل مع الجنود إلى باب الكنيسة المقدسة في مدينة أوسيم. وأقام البابا القدَّاس الإلهي، ورفع القرابين المقدسة، وكان حاضراً الأسقف القديس مويسيس، وتقرَّب الجميع من الأسرار المقدسة من يد الأب الجليل أنبا ميخائيل.

ثم رجع الجميع إلى الفسطاط (القاهرة القديمة). ولما رأى الخليفة الهارب المهزوم أن أعداءه ضيَّقوا عليه الخناق، أمر بإحراق مدينة الفسطاط بعد ثلاثة أيام، وأعلن الناس بإخلاء المدينة، وتدافَع الأهالي إلى الجيزة والجزيرة، أو إلى المراكب في النيل، متدافعين في ارتباك وحيرة. وتناسى الجميع في رُعبهم المرضى والمقعدين والمكفوفين، فتركوهم لمصيرهم. وبعد ثلاثة أيام بدأ إحراق المدينة بمَن فيها، فراح جميع من بَقوا فيها ضحية اللهيب المتَّقِد.

وبعد أن انتهى الخليفة من فعلته الشنعاء، بدأ الهرب إلى الضفة الغربية من النيل. ولم يكُفَّ عن بطشه واستبداده، حتى أنه أمر جنوده بأن يأخذوا البابا ميخائيل وصحبه ويسيروا بهم حيثما سار هو، ويضعوهم تحت الحراسة المشدَّدة على مقربة من المكان الذي ينصب فيه خيامه.

ثم استدعى الخليفة البابا ميخائيل وسلَّمه إلى ضابط معروف بقسوته، فجهَّز آلات التعذيب له ولرفاقه. وبدأ الجميع يستعدون للاستشهاد بالصلاة بعضهم على البعض. لكن، وعلى آخر لحظة، نصح ابن الخليفة أباه أن لا يفتكوا بهؤلاء، لئلا إذا هرب الخليفة إلى جنوب البلاد فلن يقبلوه لأنه قتل باباهم. فاستمع الخليفة إلى نصيحة ابنه، واكتفى بحبسهم في زنزانة ضيِّقة. وهناك بدأ البابا ميخائيل يُعزِّي رفقاءه، وبدأ الجميع يرفعون صلوات التسبيح مواظبين على الصوم والصلاة.

تضييق الخناق على مروان وانتهاء أمره:

ولما رأى مروان أن أعداءه قد وصلوا إليه، هرب إلى جنوب البلاد تاركاً البابا وصحبه في السجن. وانتظر المصريون (مسلمين ومسيحيين) حتى مغيب الشمس ليتأكَّدوا من أن مروان لن يعود ثانية إليهم، ففتحوا باب السجن الذي كان يضمُّ البابا الإسكندري وصحبه. ولم يكتفوا بإطلاق سراحهم، بل ساروا معهم حتى أوصلوهم إلى دار الأنبا بطرس أسقف الجيزة، وفي الطريق انضم إليهم جمهور من الأقباط. وكان ذلك في ليلة الأحد الأول من شهر مسرى المبارك، وهي الليلة السابقة لبدء صوم العذراء، والذي ينتهي في اليوم السادس عشر من نفس الشهر. فكان هذا الموعد إشارة من السماء إلى قبول شفاعة القديسة العذراء مريم من أجل سلامة كنيسة المسيح، ليُقدِّم المسيحيون صومهم تعبيراً عن شكرهم لله وتسبيحاً لاسمه القدوس.

(يتبع)
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
البابا القديس كيرلس السادس| ستذوق حلاوة الصلاة و تشكر الله
مَن هو البابا ميخائيل الأول
البابا ميخائيل الأول
البابا ميخائيل الأول (735-759م) رجل الصلاة واحتمال الآلام
البابا ميخائيل الأول (735-759م) رجل الصلاة، والتدبير الحسن، والقيادة الروحية للكنيسة


الساعة الآن 06:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024