رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خمسة آلاف جنيه الصلاه سلاح عظيم ، كنز لا يفرغ ، غنى لايسقط أبدا ، ميناء هادئ ، سكون ليس فيه إضطراب القديس يوحنا ذهبى الفم خمسة آلاف جنيه في بداية خدمة أحد الكهنة بكنيسة مارمرقص بمصر الجديدة، دخل عليه رجلاً في الستين من العمر تقريباً وهو من رجال الأعمال وكان الكاهن وحده في الكنيسة في ذلك الوقت. - أهلاً يا أبونا... أنا رجل الأعمال فلان... + أهلاً بحضرتك - أنا عايز أعترف عشان مش عارف أقابل أب اعترافى اللى في كنيسة بعيدة. + أهلاً وسهلاً وبعد صلاة أبانا الذى... بدأ الرجل في سرد اعترافه بسرعة. ولم يقاطعه الكاهن إذ كان يبدو على عجلة. وعند نهاية اعترافه نطق بآخر خطية وكانت...؟؟؟! - دفعت فلوس يا أبونا لولد عاطل عشان يقتل انسان خلال الأسبوع الجاى! بسرعة قذف بالاعتراف الأخير ولكن بهدوء ورزانة رجال الأعمال الكبار... وكأنه لم يقل شيئاً البتة. + حضرتك بتقول قتلت انسان؟! - لا يا أبونا لسه لكن خلال الأسبوع ده! + ازاى بس.. ازى؟! - باختصار يا أبونا الراجل ده واحد مبتدئ في السوق وأخذ منى شغلانة بطريقة غلط وعلشان كده لازم يموت عشان يبقى عِبرة لغيره. واحتار الكاهن ولم يعرف ماذا يقول!! + ده قتل انسان... مش حيوان! - لا يا أبونا ده ما يساويش حيوان. + أزاى حضرتك عايز تاخد حِل بالتناول وفى خطية قتل مع سبق الإصرار.. مش ممكن تتناول.. مش ممكن يا ابنى. - ازاى مش ممكن؟! + ده حتى حضرتك ما عندكش ندم ولا توبة.. يبقى ازاى عايز تحليل.. لازم توقف الخطية دى.. أو المصيبة دى. - مش ممكن يا أبونا.. أصلك مش فاهم. أنا أعطيت الولد خمسة آلاف جنيه.. وباقى حوالى عشرة آلاف جنيه بعد التنفيذ والمسائل دى ما فيهاش رجوع.. يعنى الاتفاق يبقى زى العقد وحتى لو جيت أرجع في كلامى فلن يرجع هذا الولد في كلامه. ضاق الكاهن وصارت كلماته أكثر حسمًا وصوته جريئًأ جدًا. + لازم تعمل حاجة.. ما ينفعش اللى إنت بتقوله.. ازاى بس عايز تتناول.. أنا شايف (سامحنى) دى جرأة من حضرتك إنك عايز تتناول ومُصر على الخطية آسف مش ممكن أقرأ التحليل لحضرتك. بما أن كلانا يتحدث لغة مختلفة تمامًا.. فما قلته لم يفهمه الرجل الذى نظر إلى نظرة استغراب.. وقال لى: - " ألم يقل السيد المسيح " كل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء ". + بشرط التوبة طبعًا وإلا سوف يكون هناك حِلاً بالزنا والقتل والسرقة والمسيح نفسه قال في الوصية " لا تقتل ". تركنى الرجل ولم يبدِ أى اهتمام وانطلق خارجًأ ولم تبدُ منه كلمة أخرى، مجرد أنه خرج هكذا ببساطة.. وأنا أيضًا لم أستوقفه إذ بدا مُصرًا على موقفه ولا يريد الاستماع. انصرف الرجل تاركًا الكاهن في ضيق شديد، فأخذ يحدث نفسه: + كيف أوقف هذا.. الموقف أكبر منى.. اعتدت في مثل هذه المواقف أن أجد المساندة من أب اعترافى ولكنه ذهب في اجازة لمدة أسبوع.. لماذا يسافر الآن؟ وأنا في أشد الاحتياج للحديث معه وإخراج ما في صدرى. فأسرعت إلى هيكل الشهيد العظيم مارجرجس وقبَّلت ستر الهيكل وقبضت عليه بيد قوية وبدأت أصلى... أزاى يا رب... ازاى ده يحصل وأنت ضابط الكل.. لازم تتدخل وتوقف الجريمة. ورغم تعبى الشديد، شعرت بصوت داخلى يقول لى.. ربنا سمح لك بكل هذا علشان تصلى بجد. ظللت مدة ثلاثة أيام متصلة أصلى بلجاجة من أجل هذا الموضوع طوال الوقت، وكانت لى طلبة واحدة أكررها.. أنت يا رب تقدر تتصرف.. أكيد تقدر إعمل حاجة.. أُمال الملاك ميخائيل بيعمل إيه؟ طيب مارجرجس وأبو سيفين... واحد منهم بس أرجوك يا رب، أرجوك يا رب، أرجوك اعمل حاجة... أنا تعبت وأنت أبويا. يواصل الكاهن حديثه فيقول: بعد خمسة أيام من مقابلتى لرجل الأعمال، كنت جالساً في القاعة الملحقة بالكنيسة أثناء خدمة أسرة ثانوى بنات؛ من أجل أخذ الاعترافات. وأثناء اعتراف البنات، دخل علىّ شاباً طويل القامة مقتحمًا النظام قائلاً: - عايزك يا أبونا في موضوع مهم. + حاضر ممكن تنتظر شوية لغاية ما أخلص البنات. - لأ.. عايزك دلوقتى. + وأمام وجهه الجامد، لم أستطع أن أرفض فأخذته جانباً وبدأ يتكلم. - أنا مش بتاع كنايس.. وساكن بعيد جداً.. ومن الآخر ما أعرفش ربنا.. وقلبى ميت وكل فلوسى من الحرام. ولأول مرة في حياتى أشعر إنى عايز أتكلم مع قسيس، مع إنى عمرى ما سلمت على قسيس، حتى لو بينى وبينه مسافة شبر...! أنا كنت قلقان جدًا واللى حقوله صعب وقلت لنفسى أختار كنيسة بعيدة فين كنيسة بعيدة؟! أنا لا أتذكر أى كنيسة بعيدة.. فجيت هنا ولقيتك. عايز أقولك على حاجة حصلت من عشرة أيام. + أتفضل يا ابنى. - جانى واحد من (الكار) يعنى زميل فساد وفاتحنى في شغلانة نعملها سرًا في مقابل خمسة عشر ألف جنيه، نأخذ مقدم خمسة آلاف جنيه وعشرة آلاف جنيه بعد النهاية... باختصار رجل أعمال عايز يتخلص من منافس ليه في لقمة العيش واحنا الوسيلة، فرحت بالشغلانة وخاصةً إن الدنيا كانت ناشفة وده مبلغ كبير... وبدأنا نراقب الزبون إمتى ينزل وامتى بيرجع... كل شئ بالتدقيق... والعملية كانت سهلة..! + وشرح لى الشاب خطة القتل... وشعرت بنبضات قلبى آخذةِ في السرعة... ثم قال لى - بس يا أبونا لأول مرة في حياتى ألاقى نفسى مش عاوز.. مش عارف.. من يومين وأنا متوتر.. لازم أنفذ ومش قادر أنفذ. واتكسفت أقول لشريكى مشاعرى يا ترى سوف يسخر منى، أم يجد شريكًا آخر.. وبعدين سُمعتى هتبقى في الأرض. استجمعت كل قوتى وصارحت شريكى، الذى فاجأنى هو الآخر بعدم رغبته في العملية دى ومتشائم منها. والعجيب يا أبونا إن شريكى ده ليس أفضل منى في شئ ولا يعرف ربنا ولكن ما أدهشنى إنه قال... باللفظ الواحد... إن ربنا مش عايزنا نعمل كده. ربنا؟! منذ متى؟! احنا أساسًا مش بنذكر اسم ربنا إلا في السب والحلفان ولكن ربنا يمنعنا؟! كلمات عجيبة وجديدة ولكنى ارتحت جدًا، فأنا وشريكى اتفقنا على الخير لأول مرة في حياتنا. وأتى الليل علىّ في الفراش وذهب القلق بعيدًا، لكنى حسيت بصوت بيقول لى لازم تحكى لقسيس. لازم تروح لكنيسة تقول كل اللى جواك وتنور شمعة للعدرا وزى ما قلت لك دورت على كنيسة بعيدة. لكن يا أبونا فيه مشكلة الخمسة آلاف جنيه اتصرفوا + ولأول مرة اخرج عن صمتى وقلت له: مش مهم... مش مهم يا ابنى... كل ده كان حرام في حرام.. دى فلوس حرام. - بص يا أبونا أنا مرتاح دلوقتى ورايح أولع شمعة. + اسمك إيه يا ابنى أنا معرفتهوش؟ - مش مهم الاسم يا أبونا. + طيب عنوانك؟ - ولا ده أقدر أعطيه لك. + اطمئن عليك ازاى؟ - ربنا يسهل + فشلت محاولاتى في معرفة أى شئ عنه وذهب وتوارى ولم أراه ثانيةً ولكن كنت في غاية الفرح وأخذت أشكر الله من كل قلبى إنه استجاب لصلاتى أنا الضعيف. ويضيف الكاهن: بعد شهر من هذه الواقعة دعيت لخطبة في منزل وأثناء الخطبة وجدت أمام عينى رجل الأعمال، الذى ابتسم وحيانى من بعيد.. وبعد نهاية الصلاة جذبنى من يدى وأخذنى جانبًا وهمس في أذنى: - يا أبونا أحب أطمئن قدسك؛ الولد طلع نصاب وأخذ الفلوس وما عملش حاجة.. أكيد.. أكيد قدسك صليت... + لم أجب على تعليقه بل قلت له: لسه شايف إنك لم تخطئ بعزمك على القتل؟ - فعلاً يا أبونا كنت أعمى وكان معاك حق لكن ربنا ستر ولم يتمم حماقتى وأنا اعترفت تانى.. وأب اعترافى سمح لى بالتناول بعد شهر.. وأعطانى عقوبة ووعدته ألا أفكر في مثل هذه الأمور. إن كانت حروب الشيطان قوية وشعرت بعجزك عن مقاومتها، فثق أن قوة الصلاة قادرة أن تحميك وتبعد الخطية عنك أو تغير قلبك فترفضها. وإن كنت ترى أحد أحبائك منغمسًا في الخطية ويرفض سماع صوت الله، أو ساقطًا في يأس ومستسلمًا للخطية، فاعلم أن الصلاة تستطيع أن تخترق كل الحواجز وتنقذ الضعفاء والمحتاجين؛ لذا فلا تكف عن الصلاة من أجل كل المعذبين من الخطية مهما فرضتها أو حتمتها الظروف أو كان الشيطان قد ألقى شباكه على الفريسة من كل جانب. فالصلاة قادرة على إنقاذه، كما أنقذت صلوات مونيكا ابنها أوغسطينوس من عمق الخطية. لأبونا يوحنا باقى |
|