ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان...بل بكلمة الله (المسيح )
القس بطرس سامى
كاهن كنيسة مارمرقس بالمعادى
الجمعة 15 مارس 2013
"صام المسيح مخلصنا الصالح عنا أربعين يوماً و أربعين ليلة بسر لا ينطق به" ، هكذا نؤمن وهكذا نحيا وهكذا نصوم وهكذا نصلى ولكن يجب أن نعلم لماذا صام المسيح وما هو مركز هذا الصوم من حياتنا ثم لماذا نصوم نحن وكيف نصوم.
عندما تقدم المسيح لمعمودية التوبة تردد القديس يوحنا المعمدان فكيف يتقدم المسيح لهذه المعمودية وهو الإله الذى تجسد لأجل خلاص جنس البشر فجاوبه رب المجد بأنه ينبغى أن يكمل كل بر، وفى هذه الإجابة الرد و السر وراء كل ما فعله المسيح من صوم وصلاة ومعمودية للتوبة وممارسات لم يكن محتاجاً إلى أن يمارسها، انتهاءًا بأكله و شربه من الجسد والدم قبل أن يناول تلاميذه منهما. فقد فعل المسيح كل هذا لكى يكمل كل بر من أجلنا. فكل بر نفعله لم يكن ليكتمل إن لم يكن المسيح قد ابتداه أولاً.
فالمسيح هو بحسب إيمان الكنيسة الارثوذكسى آدم الجديد أو آدم الثانى، وبحسب ما جاء فى سفر الرؤيا هو بداية خليقة الله (الجديدة) (رؤ14:3)
فكما دخل الموت إلى الإنسان بواسطة سقوط آدم الأول فى العصيان وكنتيجة لمعرفة الشر التى حكمت علينا بالموت، هكذا كان بتجسد الكلمة وحياته بلا خطية، لم يخطى ولم يوجد فى فمه غش "(اش 53:9 ) و "من منكم يبكتنى على خطية" (يو 46:8 ) حيث أكمل الناموس عنا، وكذلك بفدائه لنا على الصليب، فدخلت الحياه و سارت مرة أخرى فى الخليقة التى تؤمن وتصدق وتحيا فى المسيح.
ومن ثم لزم على المسيح أن يكون هو البادىء والمبادر بممارسة كل ما يحتاج إنسان العهد الجديد أن يمارسه من وسائط للخلاص، فصام المسيح عنا وتاب عنا ومات عنا ودفن وقام وأقامنا معه وأجلسنا معه فى السماويات فى المسيح يسوع (أف2:6)
لذلك عندما نصلى أو نصوم أو نمارس أى عبادة فإننا نمارسها ببر قد أكمله ربنا يسوع المسيح الذى مارسها عنا وهكذا نشترك و نتحد سراً معاً فى شخص مخلصنا الصالح فى ممارسة هذه الوسائط فنتقدم إلى الله كشعب مجتمع ومتحد داخل الكنيسة التى هى جسد المسيح ملء الذى يملأ الكل فى الكل (اف23:1)
وأيضا فالصوم الأربعينى المقدس هو اشتراك فى صوم المسيح من أجلنا ونجد المسيح يحارب عنا عدو الخير بأنه ليس بخبز العالم يحيا الإنسان لأن هذا يأكله الإنسان وأيضاً يموت إنما بخبز الحياة النازل من السماء الواهب الحياة للعالم (يو 6) يحيا الإنسان للأبد هكذا أجاب الله الشيطان على الجبل وهكذا نحيا و هكذا نصوم فى الصوم الأربعينى المقدس ثم نفطر ليس على خبز الأرض و لكن على خبز السماء الذى هو جسد الرب فنحيا به ونتحرك و نوجد (أع 17:28 )
فلنتقدم يا أحبائى إلى الصوم فى هذا العام ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله ربنا يسوع المسيح وهو يتقدمنا واثقين أننا أعضاء جسده من لحمه ومن عظامه أحياء به وفيه و لنا رجاء فى حياة حقيقية مختلفة عن هذه الحياة التى نحياها فى الزمن الحاضر، بل باتحادنا به فى السماويات نحيا الحياة الأبدية من الآن حتى و إن كنا مازلنا فى ظلال العالم المملوء بغضة و شراً و ظلمةً و ظلماً و لكننا نحن على خلاف العالم نمتلىء حباً وخيراً ونوراً وحقاً فهذه هى طبيعة مخلصنا الذى نتحد به فتظهر فينا فنحن رائحة المسيح الذكية فى الذين يخلصون وفى الذين يهلكون (كو2 -2:15).
