شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري
صموئيل الاول 18 - تفسير سفر صموئيل أول
آية(1):- و كان لما فرغ من الكلام مع شاول أن نفس يوناثان تعلقت بنفس داود واحبه يوناثان كنفسه.
صداقة يوناثان لداود صداقة عجيبة ليس ما يماثلها في التاريخ. فكان يوناثان شجاعًا ورجل حرب ورجل إيمان ومحبوب عند الشعب وكان ولى العهد. ومع ذلك أحب داود ولم يشعر بأي غيرة نحوهُ بعد أن أحب الشعب داود. وقد حذره أبوه الملك من داود وأنه سيكون السبب في ضياع كرسي المملكة عنهُ لكنه لم يهتم سوى بهذه الصداقة النقية وهذه الصداقة كانت عجيبة لأنها مؤسسة على محبة كليهما للرب وتشابه كل منهما في صفة الإيمان القوى فأحدهم هاجم الفلسطينيين وحدهُ والآخر قتل جليات. وهنا توافرت كل شروط الصداقة الصحيحة 1- هدف واحد (هو مجد الله) وغيرة نحو شعبه 2- صفات مشتركة (هي الإيمان) 3- كل منهما على استعداد أن يضحى بكل شيء (حتى المملكة) في سبيل الآخر.
آية(2-5):- فاخذه شاول في ذلك اليوم ولم يدعه يرجع إلى بيت أبيه. وقطع يوناثان و داود عهدا لانه أحبه كنفسه. وخلع يوناثان الجبة التي عليه وأعطاها لداود مع ثيابه وسيفه وقوسه ومنطقته. وكان داود يخرج إلى حيثما ارسله شاول كان يفلح فجعله شاول على رجال الحرب وحسن في اعين جميع الشعب وفي اعين عبيد شاول ايضا.
يوناثان رفض أن يستمر داود في ملابس الرعاة فأعطاه ما لهُ. جبته: هي لباس الشرفاء. هو أحبه كنفسه أي صاروا روح واحدة في جسدين.
الآيات (6-9):- و كان عند مجيئهم حين رجع داود من قتل الفلسطيني أن النساء خرجت من جميع مدن إسرائيل بالغناء والرقص للقاء شاول الملك بدفوف وبفرح وبمثلثات. فاجابت النساء اللاعبات وقلن ضرب شاول الوفه وداود ربواته. فاحتمى شاول جدا وساء هذا الكلام في عينيه وقال اعطين داود ربوات واما أنا فاعطينني الالوف وبعد فقط تبقى له المملكة. فكان شاول يعاين داود من ذلك اليوم فصاعدا.
يوناثان أحب داود كنفسه: 1 صموئيل 18: 1 مثلثات: مثل التريانتو في الكنيسة. ولاحظ بداية حسد شاول لداود وبداية كراهيته حين بدأت الغيرة. ربوات:عشرات الألوف. وهذه سمة الإنسان المتكبر فهو لا يستطيع أن يسمع أي مديح لإنسان آخر سواه وهو يحب أن يكون المديح لهُ وحده هو فقط.
آية (10):- و كان في الغد أن الروح الردي من قبل الله اقتحم شاول وجن في وسط البيت و كان داود يضرب بيده كما في يوم فيوم وكان الرمح بيد شاول.
هذه الكبرياء اللعينة كلما زادت سقط في يد الشيطان بالأكثر يعذبه فيجن.
آية(11):- فاشرع شاول الرمح وقال اضرب داود حتى إلى الحائط فتحول داود من امامه مرتين.
أراد قتل داود فصار مثلًا سيئًا للغضب والحسد. وحينما ظهر حسده خارجًا ظهر أنه يطلب مجدا لنفسه وليس مجد لله ولا منفعة شعبه. فداود كان يفلح في كل شيء وسبب خير للمملكة فلماذا يقتله؟ حسده أفقده سلامه الداخلي وأسلمه لشيطان أعنف وهو القتل فحاول قتل داود بل حاول قتل ابنه يوناثان لأنه دافع عن داود (22:20) كما قتل الكهنة (1صم22). والحسد يجعلنا نخسر حياتنا الزمنية حين نخسر سلامنا وحياتنا الآتية ويجعلنا ضعفاء محتقرين من الجميع ولاحظ أن الروح الرديء حين إقتحم شاول أفقدهُ سلامهُ ثم عقلهُ. بينما داود المملوء من الروح القدس مملوء سلامًا بل هو يضرب على عوده ويرتل مزاميره فيهدأ شاول. وداود لم يكن لهُ سلاح ولا سلطان لكن شاول كان خائفًا منهُ وشعر أنه يصغر أمامهُ هكذا فالحسد يضر الحاسد وليس المحسود فالمحسود إذا كان في يد الله لا يستطيع مخلوق أن يمسه.
آية(12-15):- و كان شاول يخاف داود لأن الرب كان معه وقد فارق شاول.فابعده شاول عنه و جعله له رئيس الف فكان يخرج ويدخل أمام الشعب. وكان داود مفلحا في جميع طرقه و الرب معه. فلما راى شاول أنه مفلح جدًا فزع منه. أبعده: حينما عاد إلى عقلهُ خاف أن يقتل داود إذ كان الشعب يحبه وقد أفلح في طرقه رئيس ألف: ربما شاول فكّر أنه حين يذهب للحرب يموت في الحرب. ولكنه نجح بالأكثر.
آية(16):- و كان جميع إسرائيل ويهوذا يحبون داود لانه كان يخرج ويدخل امامهم. أحبوه لأنه كان يدخل ويخرج أمامهم: فالشعب يشتاق أن يرى قائده وسطه وليس قابعًا في قصره كبرج عاجي لا يختلط بالشعب. الشعب يحب القائد المتواضع الذي يشاركهم آلامهم وأتعابهم ويخاطر بحياته من أجلهم. وهكذا أحب المسيح كل الناس وأحب الناس المسيح لأنه تجسد من أجلهم وعاش في وسطهم واشترك معهم في آلامهم (عب17:2).
الآيات (17-18):- و قال شاول لداود هوذا ابنتي الكبيرة ميرب اعطيك اياها امراة انما كن لي ذا باس و حارب حروب الرب فان شاول قال لا تكن يدي عليه بل لتكن عليه يد الفلسطينيين.فقال داود لشاول من أنا وما هي حياتي وعشيرة ابي في إسرائيل حتى اكون صهر الملك.
مكيدة جديدة من شاول فهو يغرى داود بأن يزوجه إبنته ميرب على أن يذهب ويحارب لعلّ الأعداء يقتلونه. ولاحظ خبث شاول فهو يسمى الحروب حروب الرب حتى يذهب داود للحرب فهو يعرف غيرته للرب والآن صار هناك هدف آخر وهو زواجه من ميرب. ولكن رد داود كان في اتضاع ليطفئ نيران حسد شاول. ولاحظ أنه حسب وعد شاول السابق كان لداود أن يتزوج ميرب دون أن يذهب للحرب فهو الذي قتل جليات. لقد إتضع داود أمام شاول مع أنه كان يمكنه أن يفتخر بقتله جليات لكنه لم يفعل.
آية(19):- و كان في وقت اعطاء ميرب ابنة شاول لداود أنها اعطيت لعدريئيل المحولي امراة.
وذهب داود للحرب لكن نكث شاول في وعده وزوّج ميرب لآخر ليغيظ داود. ونجد أن شاول نكث بوعده مع داود وحرمه من ميرب لكن الله أعطى داود الكثير:-
أ- حب يوناثان ب- نجاحه في كل شئ جـ- أغانى النساء لهُ وأعطينه كرامة
ء- كان هو الذي يشفى شاول هـ- شاول حرمه من ميرب فأحبته ميكال (الابنة الصغرى)
والعالم يتصور حين يحرم أولاد الله من شيء أنه قادر أن يذلهم لكن الله يُعوّض أضعاف.
الآيات (20-29):- وميكال ابنة شاول أحبت داود فاخبروا شاول فحسن الأمر في عينيه. وقال شاول اعطيه اياها فتكون له شركا وتكون يد الفلسطينيين عليه وقال شاول لداود ثانية تصاهرني اليوم. وامر شاول عبيده تكلموا مع داود سرا قائلين هوذا قد سر بك الملك وجميع عبيده قد احبوك فالان صاهر الملك. فتكلم عبيد شاول في اذني داود بهذا الكلام فقال داود هل هو مستخف في اعينكم مصاهرة الملك وأنا رجل مسكين وحقير. فاخبر شاول عبيده قائلين بمثل هذا الكلام تكلم داود. فقال شاول هكذا تقولون لداود ليست مسرة الملك بالمهر بل بمئة غلفة من الفلسطينيين للانتقام من اعداء الملك وكان شاول يتفكر أن يوقع داود بيد الفلسطينيين. فاخبر عبيده داود بهذا الكلام فحسن الكلام في عيني داود أن يصاهر الملك ولم تكمل الأيام. حتى قام داود وذهب هو ورجاله وقتل من الفلسطينيين مئتي رجل واتى داود بغلفهم فاكملوها للملكلمصاهرة الملك فأعطاه شاول ميكال ابنته امراة. فراى شاول وعلم أن الرب مع داود وميكال ابنة شاول كانت تحبه. وعاد شاول يخاف داود بعد وصار شاول عدوا لداود كل الأيام. وخرج اقطاب الفلسطينيين ومن حين خروجهم كان داود يفلح أكثر من جميع عبيد شاول فتوقر اسمه جدًا.
مرة أخرى يمكر شاول بداود ويطلب 100 غلفة من الفلسطينيين أي طلب قتل 100 منهم حتى يعرض داود للخطر لكنه قتل 200 وتزوج ميكال. (الله أعطى داود الضعف).
آية(30):- و خرج اقطاب الفلسطينيين ومن حين خروجهم كان داود يفلح أكثر من جميع عبيد شاول فتوقر اسمه جدًا. خرج أقطاب الفلسطينيين:- غالبًا هذه الحرب كانت للانتقام ممّا فعله داود ولا نعرف عن هذه الحرب شيء إلاّ أن داود أفلح فيها أيضًا.