الإنسان العادي قد يركز كل اهتمامه في خلاص نفسه. أما الإنسان الروحي الذي ألتهب قلبه بالنار المقدسة، فإنه يهتم بخلاص كل من يدفعه الله إلى طريقه.
يلتهب قلبه بمحبة الله وملكوته، وعندما يصلي قائلا: " ليأت ملكوتك " إنما يقولها من كل قلبه وعمق مشاعره، ولا يصلي فقط من اجل الملكوت، وإنما يعمل أيضا بكل جهده من اجل هذا الغرض الروحي المسيطر عليه، ويبدأ في أن يعطي للخدمة كل وقت فراغه. ثم تتدرج به حرارته في الخدمة نحو التكريس. إنه في حرارته الروحية يريد أن يعطي الله كل وقته وكل عمره، متأكدا في أعماقه أن كل وقت يقضيه خارج الخدمة يحسب بلا شك ومن أجل ألتهاب قلبه نحو خلاص الناس، يفضلهم علي نفسه قائلا مع القديس بولس الرسول: " إن لي حزنا عظيما ووجعا في قلبي لا ينقطع فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محروما من المسيح، لأجل اخوتي انسبائي حسب الجسد " . يهتم أولا بمن يريد التوبة ثم يهتم بمن لا يريد. بكل حماس روحي يتعامل مع الحالات التي تصل من الخاطئين لكي يقودهم إلى الإيمان والي التوبة، ثم يتدرج إلى البحث عن الضالين الذين لا يهتمون بأنفسهم، والذين لا يهتم بهم أحد، يجول باحثا عن النفوس الضالة بكل تعب وجهد وبكل حرارة وحب.