ما هو الفرق بين الروح والنفس؟
What's the Difference between Spirit Soul & Body
كَلِمَةُ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ. إنَّهَا أَمضَى مِنْ أَيِّ سَيفٍ ذِي حَدَّيْنِ، َتَختَرِقَ الحُدودَ الفَاصِلَةَ بَينَ النَّفسِ وَالرُّوحِ....
(عبرانيين 4: 12 الترجمة العربية المبسطة)
يتضح من الشاهد السابق أن الروح والنفس شيئان مختلفان.
بدأت منذ سنوات عديدة في أوائل الخمسينيات دراسة مكثفة عن هذا الموضوع. حصلت على الكتب المستخدمة في مختلف الندوات ومدارس اللاهوت الرائدة للخمسينيين ولطوائف أخرى لأرى ما كانوا يعلِّمونه عن موضوع الإنسان. لكني لم أجد اكتفاءً من كل تلك لأنهم لم يكونوا كتابيين. كانوا كتابيين في بعض الأجزاء وحسب، لكن ليس في الكل. سألت الخدام ومعلِّمي الكتاب المقدس عبر أرجاء البلد –ربما تعرف بعض أسمائهم إن ذكرتها لك. أذكر أني ذات مرة سمعت شخصًا يسأل واحد من أكثر الخدام المعروفين اليوم: "ما هو الفرق بين النفس والروح؟" فنظر إليه الخادم بدهشة وقال: "ظننت دائمًا أنهما ذات الشيء". وكانت تلك هي الإجابة التي حصلت عليها من معظم الخدام الذين سألتهم.
لكن كيف يمكن أن يكونا نفس الشيء؟ لقد قال بولس بالروح القدس أنه يمكن فصلهما بكلمة الله (عبرانيين 4 : 12). وإن كنت تستطيع الفصل بينهما فلا يمكن أن يكونا ذات الشيء.
مع ذلك، فكلمة الله وحدها هي القادرة أن تفصل الروح والنفس. والسبب في أننا لم نقدر أن نميز بينهما هو لأننا لم نتعمق بما يكفى في الكلمة.
منذ سنوات مضت كان لدينا في الجانب الغربي للولايات المتحدة ما نسميه "حمى الذهب". فقد اندفع الناس إلي الغرب ليكوِّنوا ثروة في عجالة. جمع معظمهم الذهب من الوديان بينما وجد البعض القليل من الكتل الذهبية مُلقاة على الأرض. لكن من أراد أن يجمع ثروة ضخمة، كان عليه أن يحفر ويتعمق. ينطبق ذات الشيء على الأمور الروحية: تستطيع أن تتصفح الكتاب سريعًا وتجمع القليل من الذهب من هنا وهناك، وربما تجد حتى كتلة ذهبية بالصدفة. لكن إن أردت حقًا أن تجمع ثروة، فعليك أن تحفر بعمق في كلمة الله.
قد درست باجتهاد لمدة خمسة عشر عامًا ساهرًا حتى منتصف الليل لكي أعرف الفرق بين الروح والنفس. ثم وصلت أخيرًا إلي طريقة الفصل، فكتبتها هكذا: إنني اتصل بالعالم المادي من خلال جسدي (ولا جدال في ذلك). وأتواصل مع العالم الروحي من خلال روحي. وهكذا يتبقى جزء واحد يتصل بعالم آخر. علمت عندئذٍ أني أتصل بعالم الفكر عن طريق النفس (وهذا يشمل المشاعر والإدراك). فكتبت قائلاً: "إنني اتصل بالعالم الفكري عن طريق نفسي". وهذا هو الشاهد الذي ساعدني:
1 كورنثوس 14: 14
لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُصَلِّي بِلِسَانٍ، فَرُوحِي تُصَلِّي، وَأَمَّا ذِهْنِي فَهُوَ بِلاَ ثَمَرٍ.
تقول الترجمة الموسعة، "إن كنت أصلى بلسان (غير معروف)، فروحي (بمساعدة الروح القدس داخلي) تصلى، أما ذهني فهو بلا ثمر...".
يعتبر الإدراك أو عقل الإنسان الطبيعي جزء من النفس.
نلاحظ أن بولس قال: "رُوحِي تُصَلِّي..."، ولم يقل: "عندما أصلى بلسان، فنفسي تصلى". أو "عندما أصلى بلسان، فعقلي يصلي." لكنه قال بالفعل: "عندما أصلى بلسان فأنا لا أصلى من نفسي، لكني أصلى من روحي.. من قلبي وأعماق كياني الداخلي".
هل تتذكر ما قاله يسوع في يوحنا 7؟
يوحنا 7: 37– 39
37 وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلاً: "إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ.
38 مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ".
39 قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ.
قال يسوع أن مَن يقبل الروح القدس تجري من بطنه أنهار ماء حي.. من أعماق كيانه الداخلي تفيض أنهار ماء حي.
كانت ابنة أحد رعاة جماعة الإنجيل الكامل في السادسة من عمرها حين جلست مع بعض الأطفال في إحدى النهضات. وامتلأ بعض هؤلاء الأطفال الصغار بالروح القدس وبدءوا في التحدث بألسنة. أمسكت تلك الفتاة ببطنها وأسرعت إلى والدتها تصرخ: "ماما، ماما، قد خرجت هذه الألسنة من بطني".
كان قولها هذا كتابيًا. فقد كانت تتكلم بألسنة من بطنها.. من روحها وأعماق كيانها الداخلي. فهذا هو المكان الذي تخرج منه الألسنة –حيث الروح القدس الذي يسكن في روحك معطيًا إياها كلمات لكي ما تنطقها أنت.
لنتأمل في هذه الشواهد معًا: "رُّوحُ الإِنْسَانِ سِرَاجُ الرَّبِّ يُفَتِّشُ كُلَّ مَخَادِعِ الْبَطْنِ... مِنْ بَطْنِهِ تَجْرِي أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ".
كل ما نلته من قيادة وإرشاد قد أتى من روحي. وجاء معظمها بينما كنت أصلى بألسنة. ربما تستطيع أن تدرك السبب.. فروح الإنسان تنشط عندما يصلي بألسنة.
من أحد أسباب فشل الكنيسة فشلاً ذريعًا على مستوى العالم هو اعتمادها الزائد على نوع واحد من الصلاة وحسب، وهي الصلاة بالذهن أو الصلاة العقلية. حاول المؤمنون أن يحاربوا معارك روحية بقدرات عقلية.
قد تعلمت ذلك على مدار سنوات كثيرة. ففي كل أزمة من أزمات الحياة تعلَّمت أن انظر إلى روحي في الداخل، وأن أصلي بالألسنة. فبينما أصلى هكذا، ينبثق الإرشاد من داخلي. هذا لأن روحي تكون نشطة، بينما ذهني وجسدي لا يكونا نشطين. لكن روحي تكون نشطة ومن خلالها يقودني الله.
أحيانًا أترجم ما أصليه بالألسنة، ومن خلال الترجمة أحصل على نور وإرشاد (1كورونثوس 14: 13).. لكن هذا لا يحدث كثيرًا. ففي معظم الأوقات وبينما أصلي بألسنة، أشعر بشيء ما يبزغ في أعماقي، ثم يبدأ يتكون ويتخذ شكلاً. لا أستطيع أن أخبر بإمكانياتي العقلية كيف أعرف ذلك، لأن العقل لا دخل له بالأمر. لكنى أعلم في داخلي بما يجب أن أفعل.
فأتبع هذا.. وأصغى إلى روحي؛ لأن روح الإنسان هي سراج الرب.
خلاص النفس
... فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ.
(يعقوب 1: 21)
إن روح الإنسان هي ذلك الجزء الذي يُولد ولادة ثانية وينال حياة أبدية، التي هي حياة وطبيعة الله. فهي تصبح خليقة جديدة في المسيح يسوع. لكن النفس ليست هي الكيان الداخلي على الإطلاق ولا تُولد ثانية. لذلك فإن أمر خلاص النفس هو عملية تتطلب وقتًا.
ظل يعقوب 1: 21 واحدًا من الشواهد التي تزعجني عندما كنت خادمًا طائفيًا قبل أن أمتلئ بالروح القدس. لم أكن أعرف ما أعرفه الآن، فقد كنت أستخدم كلمتي الروح والنفس بالتبادل، مشيرًا إلى الروح باعتبارها النفس، والنفس كأنها الروح. لم أكن أفصل بينهما كما يفعل الكتاب، لذلك تركت هذا الشاهد وحده حتى كبرت روحيًا وأستطعت أن أدرك ما يقوله.
لم ُتكتب رسالة يعقوب إلى خطاةٍ. فيعقوب لم يكتب خطابه إلى العالم، إنما كتبه إلي الكنيسة. ونحن نعلم ذلك لأنه في الإصحاح الخامس يقول: "أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ ..." (ع 14). بمعنى آخر، إن وُجد مريض وسط الكنيسة فليدعوا شيوخ الكنيسة. لنعود الآن إلى الإصحاح الأول من رسالة يعقوب ونبدأ من عدد 18.
يعقوب 1: 18- 21
18 شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ.
19 إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ،
20 لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللهِ.
21 لِذلِكَ اطْرَحُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ وَكَثْرَةَ شَرّ، فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ.
يتكلم يعقوب هنا إلى مؤمنين مولودين ثانيةً. فهو يقول أننا بمشيئة الآب قد وُلدنا ثانية بكلمة الحق. ثم يدعوهم بعد ذلك، "إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ".. هذا يعني أنهم كانوا في المسيح بالفعل. مع ذلك، فهو يشجع هؤلاء المؤمنين المولودين ثانية الممتلئين بالروح القدس أن يقبلوا الكلمة المغروسة بوداعة "الْقَادِرَةُ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ". وهذا يثبت أن نفوسهم لم تكن قد خلُصت بعد.
إن روح الإنسان –أعماق كيانه الداخلي وإنسانه الحقيقي– تنال حياةً أبديةً وتُولد ثانيةً. لكن إدراكه ومشاعره –اللذين يكوِّنان نفسه– لا يزالا يحتاجان إلى التعامل معهما. لأنهما لم يُولدا ثانية ويحتاجا أن يتجددا.
يتكلم بولس في رسالته إلى قديسي رومية عن تجديد الذهن.
رومية 12: 2
وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.
وتكلم داود المرنم عن ردَّ النفس:
مزمور 23: 3
يَرُدُّ نَفْسِي....
الأصل العبري المُترجم "يرُدّ" في العهد القديم يحمل ذات المعنى للأصل اليوناني المترجم "يجدد" في العهد الجديد. تحتاج النفس (الذهن) إلي التجديد أو الاسترداد.
تركت لي أمي مقعدًا كانت قد ورثته عن والدتها. لا أعلم بالضبط كم يبلغ قِدَم هذا الكرسي، لكنه قديم جدًا. أذكر أنه عندما قامت جدتي بإصلاحه وتجديده أنهم وضعوا عليه فرشًا جديدًا وقاموا بتلميعه. كان لا يزال هو ذات الكرسي بعينه، لكن تم تجديده وإصلاحه.
لا يُذكر في الكتاب المقدس أبدًا أن الله يرُدّ أرواحنا، إذ صارت خليقة جديدة بالكامل في المسيح يسوع. مع ذلك، فأنفسنا لابد أن تتجدد وتُسترد.
كيف يحدث ذلك؟ لننظر إلى هذه الشواهد التي تتعلق بالنفس.
"َاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ... َلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ... يَرُدُّ نَفْسِي" (يعقوب 1: 21؛ رومية 12: 2؛ مزمور 23: 3).
إن نفس الإنسان تخلُص أو تُسترَّد عندما يتجدد ذهنه بكلمة الله. فالكلمة وحدها هي التي تخلِّص نفوسنا وترُدَّها، وتجدد أذهاننا.
فعندما تتجدد أذهاننا بكلمة الله، عندئذٍ نستطيع أن نفكر في توافق مع ما يقوله الكتاب، ونصير قادرين أن نكتشف ونختبر إرادة الله الصالحة الكاملة المرضية.. هذا لأن كلمة الله هي مشيئته. ومن ثم لن نتساءل كثيرًا بخصوص مشيئته بمجرد أن تخلُص أنفسنا.
إن احتياج الكنيسة الأعظم اليوم هو أن يجدد المؤمنون أذهانهم بكلمة الله.
تقديم الجسد
أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ.
(رومية 12: 1)
إن الإنسان الداخلي هو الذي يصبح خليقة جديدة في المسيح وليس الخارجي. لكن يظل لدينا ذات الجسد الذي كان لنا قبل أن نصير خليقة جديدة. لذلك فإن ما يجب علينا فعله هو أن نسمح لذلك الإنسان الجديد الذي بداخلنا أن يسود علينا. وعن طريق هذا الإنسان الجديد نتحكم في الجسد ونقدمه ذبيحة مقدسة.
لننظر مرة أخري إلى رسالة كورنثوس الثانية 5: 17 التي تقول: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا". خليقة جديدة.. ذات جديدة.
نسمع أحيانًا في بعض الكنائس أشخاصًا يتكلمون عن "إماتة الذات." مع ذلك لا توجد مثل هذه العبارة في الكتاب المقدس. فنحن لا نحتاج أن نُميت ذواتنا إذا صارت ذوات جديدة. لكن ما نحتاج أن نفعله هو أن نصلب الجسد. فهذا هو ما يتكلم الكتاب عنه.
صلب الجسد ليس شيئًا يفعله الله لك. إنما هو أمر تفعله أنت بنفسك. لذلك كتب بولس لكنيسة رومية: "أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ..." (رومية 12: 1).
مَن الذي سيقدم جسدك؟
أنت الذي تفعل ذلك.
مَن أنت؟
الإنسان الذي في الداخل المولود ميلادًا ثانيًا وأصبح خليقة جديدة.
عليك أن تفعل شيئًا ما بجسدك. وإن لم تفعله أنت، فلن يكون لجسدك أي نفع.
1كورونثوس 9: 27
بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا.
يتكلم بولس هنا عن حقيقة أنه يفعل شيئًا بجسده. فيقول: "أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ".
مَن هو الفاعل المُشار إليه في هذه العبارة؟
إنه الإنسان الحقيقي.. بولس الحقيقي. الإنسان الداخلي الذي أصبح خليقة جديدة في المسيح يسوع وامتلأ بالروح القدس. هذا الإنسان هو الذي قمع جسده واستعبده.
لمَن سوف يُخضع بولس جسده؟
إلى إنسانه الداخلي. فبدلاً من أن يترك جسده يسود على إنسانه الداخلي، حرص بولس أن يسود الإنسان الداخلي على الخارجي.
هل لاحظت هذا؟ هاك الرسول العظيم، رجل الله القدوس الذي كتب نصف العهد الجديد، هذا العملاق الروحي كان جسده يريد أن يفعل أمورًا خاطئة. وإن لم يكن ذلك صحيحًا، لما أحتاج أن يقمعه أو حتى يُخضِعه.
لمجرد أن جسدك يريد أن يفعل أمورًا خاطئة فهذا لا يعنى أنك لم تخلُص أو تمتلئ بالروح القدس. (إن كان هذا هو الوضع، فبولس لم يخلُص). لكنك ستحتاج أن تقاوم الجسد طالما أنك تعيش في هذا العالم.
طلب مني أحدهم: "أخ هيجن، أريدك أن تصلى لأجلى".
فأجبته: "لأي شيء؟" إذ أود دومًا أن أعرف لأي شيء أصلي.
أجابني بنظرة تملئها الجدية وبدموع في عينيه: "أريدك أن تصلى لكي لا أواجهه أي مشاكل مجددًا مع إبليس".
فسألته: "أتريدني أن أصلي لكي تموت؟"
أجاب: "لا.. لا أريد أن أموت."
قلتُ: "الطريقة الوحيدة لكي لا تواجه أي مشاكل مع إبليس هي أن تترك الأرض وتذهب إلى السماء".
سوف تواجه مشاكل مع إبليس طالما أنك تعيش في هذه الحياة. وستقابل مشاكل مع الجسد طالما أنك تعيش فيه. لكن مبارك الرب إلهنا فقد أعطاك كل قدرة وسلطان من خلال الكلمة الله لتتعامل مع إبليس والجسد.
لم يترك بولس جسده يسود عليه. إذ لابد للإنسان الذي في الداخل المولود ثانية والممتلئ بالروح القدس أن يسود على الإنسان الخارجي.
أنت أيضًا تستطيع أن تفعل ذلك. بل دعني أوضح أيضًا أنك أنت هو الشخص الذي يجب أن يفعل ذلك. لم يقل بولس أن الله سيفعل ذلك لأجلك أو أن الروح القدس سينوب عنك في فعل ذلك. إنما قال: "قدَّم جسدك لله.. لا تتشبه بهذا العالم.. تغيَّر عن شكلك بتجديد ذهنك". أنت الذي تفعل ذلك.. تقدم جسدك وتجدد ذهنك بكلمة الله. أنت المسئول عن هذا.
إن حياة وطبيعة الله موجودة في روحك. دع الإنسان الذي في الداخل يكون هو السائد والمسيطر.. أصغِ إليه. إنها روح الإنسان التي هي سراج الرب، ومن خلالها سوف يقودك الله.