وكان العبيد والخدام واقفين وهم قد أضرموا جمراً..فلما.. نظروا جمراً موضوعاً وسمكاً .. وخبزاً ( يو 18: 18 ؛ 21: 9)
لقد أخطأ بطرس في حق الرب وبإهانة شديدة أهانه وأنكره. وبينما الجمع يقودون أسيرهم بعيداً، التفت الرب يسوع ونظر بطرس عند الجمر. كان قد سمع إنكار بطرس المتكرر. وكان بطرس لا يزال يدفئ نفسه، بينما كان سيده يُساق في تلك الليلة الباردة. ثم التفت الرب وعينا محبته استقرتا على بطرس. أي نظرة كانت تلك؟ لم تكن نظرة تأنيب. لم تكن النظرة التي اتهمت عبده المُنكر، ولكنها كانت نظرة رثاء.
وما كان أعظم تلك البركة: أن يخرج بطرس إلى خارج تاركاً ذلك الجمر وتلك الجماعة ويبكي بكاءً مُراً.
...
وهكذا عندما نسقط، عندما ننكر، عندما نهينه، هو لا يزال ينظر إلينا نظرة رثاء بعيني المحبة والرأفة. ونحن أيضاً يمكننا أن نخرج ونبكي بكاءً مُراً ونتوب عن سقطاتنا وإنكارنا.
وبعد ذلك بأيام قليلة نرى بطرس مرة أخرى عند جمر في وقت من الليل، وكانت الأشعة المبكرة من الصباح المقبل تُرى في الأفق الشرقي. كان بطرس وستة آخرون من زملائه الصيادين قد جاهدوا طول الليل على بحيرة طبرية. وكانوا مُتعبين وجائعين وربما خائرين.
حينئذ جاء الشخص العجيب على الشاطئ وقال: يا غلمان ألعل عندكم إداماً؟ ( يو 21: 5 ) وقد عرفوا أنه ربهم المُقام "فلما خرجوا إلى الأرض نظروا جمراً موضوعاً وسمكاً موضوعاً عليه وخبزاً" كيف وُجد كل هذا هناك؟ آه، إن يديه المثقوبتين كانت قد جمعت مادة الوقود وكان هو الذي أعد ذلك الطعام.
ويا له من دليل تقدمه النعمة؛ أن ربنا يُسرّ حتى بمثل هذا الأمر البسيط - أمر إطعام خاصته. وماذا حدث عند ذلك الجمر؟ هل وبَّخ الرب بطرس؟ هل ذكّره بذلك الجمر الآخر؟ هل قال له آه يا بطرس، كيف استطعت أن تقول لا أعرفه؟ كلا، بل بألطف وأرق طريقة تكلم إلى بطرس لكي يرده إلى الخدمة التي كان قد دُعى إليها. يا لها من دروس ثمينة نأخذها من الجمرين. هو لا يزال كما هو، بالرغم من سقطاتنا الكثيرة لن يفشل منا. هو سيبقى الرؤوف المُحب؛ الرب المخلص طويل الأناة. ولماذا لا نعامل بعضنا بعضاً بنفس المحبة المترفقة التي يعاملنا بها؟ عندما نتسرع في الحكم على الآخرين أو نلفظ ألفاظ الاتهام القاسية، فكِّر في الجمرين وفي محبته الرحيمة .