ب- الخدمة فى أسيا الصغرى : بعد أن غادر بولس وسيلا أنطاكية سورية، زارا أولاًكنائس سورية وكليكية ( أع 15 : 41 ). والأرجح أن المؤمنين في تلك الجهات، قد تجددوا بواسطة الشهادة المنبثقة من الكنيسة فى أنطاكية، ولو أنه يحتمل أن البعض منهم قد تجددوا عن طريق خدمة بولس في أثناء وجوده فى طرسوس. وبعد أن أجتازا فى الممرات الجبلية التي تسمى البوابات الكيليكية ، وصلا إلى دربة ولسترة، ومن هناك ذهبا إلى الكنائس الأخرى في أسيا الصغرى، التي تأسست فى خلال رحلته الأولى ( أع 16 : 1 و 4 )، وأعلنا فى كل كنيسة القرار الذي توصل إليه مجمع أورشليم والقضايا التي حكم بها الرسل والمشايخ الذين فى أورشليم لإِزالة التوتر الموجود بين المؤمنين من اليهود والأمم، وبذلك كانا يشددان الكنائس فى الإِيمان المسيحي، كما وأصلاًالكرازة بالإِنجيل، فتجدد كثيرون أيضاًوآمنوا بالرب يسوع المسيح ( أع 16 : 4 و 5 ) .
وفى لسترة وجد الرسول بولس الشاب تيموثأوس ـ الذي كان قد تجدد فى اثناء الرحلة الأولي ـ فطلب منه بولس أن يرافقه وسيلا فى التجوال والخدمة. وكانت جدته لوئيس وأمه أفنيكى يهوديتين متعبدتين، ثم أصبحتا مسيحيتين تشتعلان غيرة وحماسة ( اع 16 : 1و2 تي 1 : 5، 3 : 15 ).أما أبوه فقد كان يونانياً، ويبدو أنه لم يكن مؤمناًلا باله إسرائيل أو بالرب يسوع المسيح. وحيث أن تيموثاوس كان قبل تجديده نصف يهودي، تربى فى أحضان أمه وجدته اليهوديتين المتعبدتين، فكان في نظر الناس مسيحياًيهودياً، اخذه بولس وختنه حتى لا يعثر اليهود بلا داع ( أ ع 16 : 3 ). ومع أن بولس كان يحتج بشدة ضد ختان المتجددين من الأمم، لكنه لم يعترض مطلقاًـ فى ضوء الظروف القائمة ـ على حق المسيحين من اليهود فى ممارسة الختان.
ولقد رأى الكثيرون من المفسرين أن ما جاء فى سفر الأعمال ( 16 : 6 ) يدل على أنه بعد زيارتهم للكنائس فى جنوبي أسيا الصغرى، ذهب بولس وسيلا إلى الجزء الشمالي من مقاطعة غلاطية، وهناك أسساًالكنائس التي كتب لها بولس فيما بعد رسالته إلى غلاطية. وقد ظهرت هذه النظرية منذ العصور الأولى عندما تعدلت الحدود السياسية لغلاطية لتضم الأجناس الغالية التي كانت تقيم أساسا فى الشمال، وهكذا فصلوا عنها الأجزاء الجنوبية التي كانت تضم أنطاكية وإيقونية ولسترة ودربة، ولذلك لم يخطر على بال الأباء أن الرسالة إلى غلاطية كتبت إلى الكنائس فى الجنوب والكلمات في اليونانية فى العدد السادس من الأصحاح السادس عشر من سفر الأعمال، ترجح أن الترجمة الصحيحة هى : وبعدما اجتازوا في كورة غلاطية الفريجية ، وبذلك يتحدد مكان الخدمة فى غلاطية الجنوبية وليس في غلاطية الشمالية كما افترضت النظرية المذكورة.