رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حكاية قيثارة الاربعاء 16 يناير 2013 القس رافائيل ثروت - راعى كنيسة مارمينا فم الخليج قصد الكتاب المقدس أن يوضح الفارق العظيم بين شاول وداود . لقد رسمت صورة شاول بألوان قاتمة لكى يتبين بأجلى وضوح جمال الملك المُعَين من قبل الله . بدأ شاول خطواته الأولى فى الإبتعاد عن الله عندما سمح لنفسه بتقديم ذبيحة قبل وصول صموئيل وكانت الخطوة التالية عندما انفجر بركان غضبه على يوناثان ابنه بسبب تعديه تعليماته الخاصة بالإمتناع عن تناول الطعام . أما الخطوة الأخيرة فتمت حين عصا أمر الله الصريح على لسان نبيه صموئيل وعفا عن ( أجاج ) وعن خيار الغنم والبقر وباقى الغنائم . لأنه رفض كلام الرب سلمه الله إلى قلبه الشرير ومن تلك اللحظة بدأ نجمه يأفل وصار ينحدر بسرعة . ولنتأمل الآن فى بعض نواحى سقوط نجم شاول لكى تتضح بعض الصفات البارزة فى حياة داود ذلك الراعى الشاب . أولاً : روح الله فارقه لعل مفارقة روح الرب له تشير إلى ذلك الاستعداد الخاص الذى حل عليه من قبل بقوة لإعداده للملك لقد كان يتمم وظيفته الملكية دون تغير فى حياته وفى قلبه وبسبب عناده وعصيانه خسر هذا الإمتياز لقد انطفأ النور من قلبه وصار رجلاً عادياً . عزيزى الخادم ... لا يمكن أن يوجد شئ فى هذا العالم أو العالم الأتى أشد رعباً من انسحاب الله عنا لأن وجود الله معنا هو القوة الوحيدة للنصرة على الشر وعمل الخير . يا لها من مرارة عندما يدرك الخادم مقدار المصيبة التى حلت به ويصرخ مع شاول : " قد ضاق بى الأمر جداً لأن الرب فارقنى ولم يعد يجيبنى " ( 1صم 15:28 ) . الحال مع داود كانت على العكس تماماً فقد كان الرب معه وقد استطاعت عينا إيمانه الصافيتان المستنيرتان أن تريا الله الحى بجانبه وأن تدركا بأنه أقوى من جليات الجبار . ألم يخلصه الله من مخالب الأسد والدب ؟ ألم يقف بجانبه حقاً بعد ذلك حينما جلس على العرش وفى ساحات الحرب؟ لقد هطل ندى البركات الإلهية على رأس ذلك الشاب ونور حضرته ملأ قلبه وشع من عينه . عزيزى الخادم ... إن داود لم يعتقد بأن روح الله كان مجرد موهبة للإعداد للخدمة بل كان يراه حلول الله الدائم فى النفس والقلب . ثانياً : وبغته روح ردئ من قبل الرب ماذا كان ذلك الروح الذى كان يعذبه والذى أرسله الرب؟ هناك عدة احتمالات أ- فارق الروح القدس شاول وسمح الله لروح شرير ( شيطان ) أن يعذبه دينونة له على عصيانه - وهذا يبين سلطان الله على عالم الروح . ب- أرسل الله ملاكاً صالحاً ليعذب شاول بتبكيته على دينونته القادمة . ج- أصيب شاول بالإكتئاب . عزيزى الخادم ... لا تشك فى صلاح الله ولا تشك فى أنه يرسل الأرواح الصالحة لكى تصد البشر عن إتمام مقاصدهم الرديئة وترشدهم إلى نور الحياة . ولكننا عندما نتمرد على الله يظهر كأنه قد بدأ يكون عدواً لنا ويحاربنا . والحقيقة أننا إذ سبق لنا أن سرنا فى تيار النعمة الإلهية ثم بدأنا نقاوم هذا التيار وإذا ما تمادينا فى مقاومته عرضنا أنفسنا للخطر أما داود فكان روح الله على الدوام يعينه ويعضده كان يعيش ويسير فى شركة كاملة مع غير المنظور وكلما هبطت على نفسه مؤثرات السماء البهيجة بعثت فيها المحبة والإيمان كنغمات الموسيقى التى تبعثها من قيثارة الريح كل نغمة تهب عليها . ثالثاً : اضطراب نفسية شاول يبدو أن هدوء نفسية شاول لدى سماعه نغمات الموسيقى كان مظهراً لخصومة بينه وبين الله ولذا كان هناك شذوذ ( أو تنافر أو نشاز أو عدم تناسق ) فى قلبه وفى حياته ... وحالما كانت نغمات الموسيقى تقع على أذنيه تذكره بنفسيته السابقة الفاضلة محولة إياها إلى هدوء واستقرار وكلما سكتت تلك النغمات عادة الحالة إلى ما كانت عليه . عزيزى الخادم ... نعم هذه هى الحال على الدوام فإنك إن كنت لم تحصل على الفداء والخلاص ، إن كنت لم تصطلح مع الله بالمسيح يسوع فإنك فى حالة عداوة بالأعمال الشريرة والطبع الداخلى ولذلك لا يمكن أن يكون هنالك توافق بينك وبين الكون المحيط بك . إن الفنون الجميلة والموسيقى ومشاغل الحياة اليومية وحتى أنشطة الخدمة هذه كلها قد تفعل ما كانت تفعله قيثارة داود لشاول لإيجاد حالة هدوء وقتى وتوافق مع الجو المحيط بك ولكن هذه الحالة وقتية فحيثما بطل المؤثر عادة الحالة كما كانت . أما داود فقد كانت القيثارة علامة النفس المستقرة فى الله ولأن روحه كانت متناسقة كل التناسق مع طبيعة الله ومع الكون المحيط به لذلك أمكن أن تشع المؤثرات التى تهدأ وتسكن الآخرين. عزيزى الخادم ... ذلك التأثير الذى كان لداود مع شاول هو مثل للتأثير المماثل الذى تستطيع كخادم أن تفعله فى النفوس المنزعجة والمتعبة التى تحيط بنا رابعاً : عدم إيمان شاول من المستحيل أن يوجد الإيمان إذا كانت هناك خصومة بين الإنسان والله ، لأن الإيمان هو زهرة صحة النفس لذلك امتلأ شاول رعباً وخوفاً عندما سمع تعييرات جليات . أما داود فقد كان على العكس من ذلك على خط مستقيم . فإنه لم يتطرق إلى قلبه مثل ذلك الخوف لأن نفسه امتلأت بالله . كان الرب نوره وخلاصه فممن يخاف ؟ كان حصن حياته فممن يرتعب ؟ كان مختبئاً فى ستر خيمته فى ظل القدير تلك اليد التى ضربت الحجر بالمقلاع لم ترتعش أو تهتز والقلب لم يرتجف. عزيزى الخادم ... كان قوى الإيمان لأن قلبه كان نقياً صالحاً مستقيماً وفى شركة دائمة مع الله . |
|