خيوط النمو الذهبية

[شيرى2]

خيوط النمو الذهبية



قد تجرح ذاتك برفضك إياها، وتُهين نفسك عندما تقارنها مقارنة عقيمة بغيرها، فمن الخطأ أن نحكم على إنسان أو حتى على أنفسنا، حُكماً مُطلقاً مدى الحياة، فنحن ننمو ونتجدد كل يوم، صديقي وأنا نكبر فتظهر الفوارق بيننا! إذن لا تتعجب إن قلت لك أنَّ الأشياء التي شدتني إليك في بداية علاقتنا، هى نفسها التي تعمل اليوم على تعكير التواصل بيننا!
في البداية ظهرت نزعتك العاطفية كأنَّها تخلق اتّزاناً في توجهاتي العقلانية، وسلوكك المتفتّح كان يُعوّض سلوكي المنكمش، وواقعيتك تُروّض في ميول الخيال.. وهكذا بدأت صداقتنا مثالية، ولكني الآن عندما أُريد أن تشاركني تطلعاتي الفكرية، يزعجني كثيراً كونك لا تُعير حُججي الموضوعية أي أهمية!
إلاَّ أنَّ اختلافي معك لا يعني انتهاء اللقاء بيننا، فالخيوط المعدنية التي ربطتنا معاً، يمكن أن تتحول إلى سبائك من ذهب تغنينا معاً، لو أدركنا أنَّ كل منَّا، في نمو دائم وتطور مستمر، وشاركه الآخر في هذا النمو!
وهذا التغيّر يدفعني أن أطلب منك ومن غيرك العفو المستمر، لأنَّ ما أخطأت فيه بالأمس ربما تخليت عنه اليوم، فلا تحكم علىّ من خلال ذكريات باهتة، ولا تدع أحكامك علىّ ثابتة، لأنّي أتعلم من أخطائي، وإذا قابلتني اليوم ستراني أفضل من أمس وغداً سأكون أفضل من كليهما!
فإن كان التغير هو سمة الحياة فلماذا تتمنى أن تكون مثل هذا أو ذاك؟! أليس من الأفضل أن تتشبه بمسيحك؟ حتى القديسون يطلب منَّا القديس بولس الرسول أن ننظر إلى نهاية سيرتهم لا بدايتها " أُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ " (عب7:13).