"كما أرسلني الآب أرسلكم أنا "
(يوحنا ٢٠: ٢١).
إن أقوى برهان على قيامة المسيح،
أنه أرى نفسه للتلاميذ حياً. كانوا خائفين ومرتعدين جداً،
لذلك اجتمعوا سراً.
ولعلهم سمعوا أن اليهود يتهمونهم بسرقة جسد سيدهم،
فخافوا أن تطلبهم الحكومة وتعاقبهم.
وفيما هم في حالة قريبة من اليأس،
وقف يسوع في وسطهم
وقال لهم:
سلام لكم.
كانوا مملوئين بالشكوك من جهته،
ومملوئين بالمخاوف من جهة أنفسهم،
فهدأ روعهم بهذه الكلمة،
التي لا تعني التحية فقط،
بل كانت أيضاً بركة غير عادية،
مانحة لهم ثمار ونتائج قيامته،
التي هي التبرير بالإيمان والسلام مع الله.
لم يقل لهم سلام عليكم،
كأنه سلام خارجي،
بل قال سلام لكم،
لأن سلامه روحي داخلي،
اشتراه وقدمه لتلاميذه ليكون ملكاً لهم.
هذا هو الميراث
الذي تركه لهم في خطابه الوداعي، لما قال:
سلاماً أترك لكم سلامي أعطيكم ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا.
وقد تثبت لهم هذا السلام بموته،
وها هو الآن يملكهم إياه بقيامته.
وحرصاً منه على إزالة الشكوك أراهم آثار جراحه.
وما أحلاها من جراح تكلمت على الأرض،
دليلاً على أنه هو قام.
وتتكلم الآن في السماء في الشفاعة في وسط العرش
في شبه خروف قائم كأنه مذبوح
(رؤيا ٥: ٦)
عندئذٍ فرح التلاميذ.
لأن سيدهم الذي شدّد إيمانهم، بعث فيهم الفرح.
ويقيناً أن رؤية المسيح المقام، تفرح القلوب.
وكلما كثرت رؤيتنا للمسيح المقام، يكثر فرحنا،
وسيكمل هذا الفرح حين نراه في السماء كما هو.
لم يكتف المسيح أن منح التلاميذ سلامه،
بل شاء أن يحملهم إياه رسالة إلى العالم.
لقد أرسلهم مزودين بتفويض إلهي لنشر إنجيل السلام،
وشعوراً منه بضعفهم،
زوّدهم بالسلطان لإذاعة السلام.
وكانت العلامة المنظورة لمنحه إياهم هذا السلطان،
أنه نفخ وقال لهم:
اقبلوا الروح القدس.
وكما أن نسمة القدير أحيت الإنسان، وأبدأت العالم القديم،
هكذا نسمة المخلص القدير، أحيت خدامه وأبدت عالماً جديداً.
هل يسكن الروح القدس فيك؟
هذا هو السؤال، الذي يحدد الجواب عليه درجة إيمانك.
المسيح مات وقام،
وصعد ليرسل الروح القدس.
فان كان لك هذا الروح المبارك فيك،
فإيمانك ليس عقلياً بل قلبياً مبنياً على كلمة الله.
وإن إيماناً كهذا، يمجد المسيح،
لأنه يعمل بالمحبة ويقتاد كثيرين إلى المخلّص.
لنسجد للمقام من بين الأموات،
ولنلتمس سلامه لنا ولكل طالبي السلام.