رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الهروب والعزلة سُئِل الراهب المِصري أرسانيوس ذات مرّة: لماذا تهرب منّا يا أبتاه؟ فأجاب: (الله يعلم أني أحبّكم، لكني لا أستطيع أن أكون مع الله ومع الناس، لأن ألوف الملائكة والربوات العُلويّة لهم إرادة واحدة، أمّا النّاس فلهُمْ إرادات كثيرة! وهكذا لا أستطيع أن أترك الله وأصير مع الناس) – كتاب "بستان الرهبان" لآباء الكنيسة القبطية. أمّا “الهروب” إلى البَرِّيَّةِ ولا سيّما الصّحارى والجبال فقد انطلق كثير من رجال الله إليها، لِما فيها من سكون وهدوء وفسحة للصلاة والتأمّل والإصغاء إلى كلام الله (إذا كانت دعوة الراهب صادقة) والتواصل معه، على رغم ما في البَرِّيَّةِ من صعوبات ومخاطر. والربّ يسوع نفسه قد انتقل إلى البَرّيّة: {ثُمَّ أُصعِدَ يَسوعُ إلى البَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ ليُجَرَّبَ مِنْ إبليسَ. فبَعدَما صامَ أربَعين نهارًا وأربَعين ليلة، جاعَ أخيرًا...} متّى: 4 (أنظر-ي أيضًا متّى 33:15 إذ انتقل يسوع الى جانب بحر الجليل وصنع معجزة الخبز والسَّمَك) كذلك يوحنّا المعمدان (متّى 7:11 ومرقس 4:1) بالإضافة إلى الآية التالية وما يليها وغيرها: {في أيّام رئيس الكهنة حنّان وقيافا كانت كلمة الله على يوحنّا بن زكريا في البَرّيّة...} وقد ذكر بولس الرسول الاضطهاد الذي تعرّض له في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس مضافة إليه مخاطر كثيرة، منها أخطار البَرِّيَّةِ (2 كو 26:11) وهناك المرأة التي هربت إلى البَرِّيَّةِ في سِفر الرّؤيا 6:12 والمقصود بها السيّدة العذراء لاحظ-ي أني وضعت كلمة الهروب بين مزدوجَين، نظرًا إلى أنّ للهروب دلالات إجابية سواء ما تمّ بالجسد وبالفطرة وبالروح؛ كالهروب بالجسد من الشّرّ والخطر، والهروب بالفطرة من الكلام البذيء نُطقًا به أو استماعًا له، والهروب بالرّوح من التفكير الباطل والمتخلّف أمّا في العهد القديم فوجدت الإشارات التالية؛ انتقال إيليّا النبيّ إلى البريّة حيث كان كلام الرّبّ إليه، ابتداءً بالآية: {ثم سار في البَرِّيَّةِ مسيرة يوم حتى أتى وجلس تحت رتمة وطلب الموت...} - الملوك الأوّل 4:19 وفي المزامير: {هاءَنذا كنت أبعد هاربًا وأبيتُ في البَرِّيَّة} – مزمور 7:55 وفي سِفر إرميا: {يا ليتَ رأسي ماءٌ، وعَينَيَّ يَنبوعُ دُموعٍ، فأبكيَ نهارًا وليلاً قتلى بنتِ شَعبي. يا لَيتَ لي في البَرِّيَّةِ مَبيتَ مُسافِرين، فأترُكَ شَعبي وأنطَلِقَ مِنْ عِندِهِمْ، لأنَّهُمْ جميعًا زُناةٌ، جَماعَةُ خائنين. يَمُدّونَ ألسِنَتَهُمْ كقِسيِّهِمْ للكَذِبِ. لا للحَقِّ قووا في الأرضِ. لأنَّهُمْ خرجوا مِنْ شَرٍّ إلَى شَرٍّ، وإيّايَ لم يَعرِفوا، يقولُ الربُّ} - إرميا 9: 1-3 بالإضافة إلى أنّ الرّبّ تعامل مع شعبه الذي أخرجه من أرض مِصر في البَرِّيَّة: {أنا عَرَفتُك في البَرِّيَّةِ في أرض العَطش} – هوشع 5:13 وآيات أُخَر * * * |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الفرق بين القداسة والعصمة |
كلمات عن الوحدة والعزلة في صور |
الوحدة والعزلة |
الشفاء والعزلة |
الشعور بالوحدة والعزلة |