منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 28 - 12 - 2012, 04:28 AM
الصورة الرمزية Haia
 
Haia Female
..::| مشرفة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Haia غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 230
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 7,368

أنواع الصلاة
"يا ابن داؤود ارحمني"
"يا ابن داؤود ارحمني" يسمع أعمى في أريحا بمرور يسوع، فيتقدّم إليه طالباً و"متضرعاً": "يا يسوع ابن داؤود ارحمني". ولما أعاد يسوع إليه بصره تبعه وهو "يشكر الله" (يمجده). ثم جميع الشعب إذ رأوا هذه الأعمال "سبحوا الله".
في هذا الحدث نرى الأعمى والناس يتجهون نحو الله بأشكال مختلفة وبمضمون متنوع لصلواتهم. فالأعمى الذي كان جالساً على الطريق يستعطي، لما مرّ يسوع به استعطى- طلب منه شفاءً. وتضرع إليه بهذه الصلاة، التي اعتمدتها الكنيسة بعده كصلاة الفرد في خلوته "صلاة يسوع". ثم نجده بعد أن شفاه يسوع يتبعه ويتجه نحو يسوع (يصلي) بالشكر والتمجيد. وأخيراً، بسبب كلّ هذه الأعمال التي قام بها يسوع راح الشعب "يسبّح الله".
هنا نصادف الألوان الثلاثة المختلفة التي تتضمّن كلّ أنواع صلواتنا. وهي الطلب والشكر والتسبيح. وهي كما ترد في النصّ الأصلي "طلب"، "سبّح"، و"مجّد"،. الصلاة هي لغة حرّة، يتكوّن مضمونها من دافعَين. الأوّل هو مستوى إيمان كلّ واحدٍ منا، والثاني هو ظروفه الحياتية. ففي الضيق مثلاً، هناك من يطلب من الله، وهناك من يجدّف عليه. وهناك من يشكر الله بعد أن ينال منه ما ينال، وهناك من ينسى بعد استجابة الطلب كالبرص التسعة. وكلّ ذلك يتعلّق بمستوى إيمان الشخص تجاه موقف الله من ظروفه.
لعلّ أولى درجات الإيمان هي التي تجعلنا نتّجه إلى الله بالطلب في حاجاتنا. "في ضيقي صرخت إلى الربّ فاستجاب لي" و"على الربّ توكلت" و"الربّ راعي فلا يعوزني شيء"، كلّ هذه هي صرخات أو صلوات القلب الذي يضع متّكله على الله في الضيقات. وإن كانت هذه الدرجة هي الأولى من أنواع الصلاة، فهي أيضاً ضرورية وتقوّي الإيمان. إلاّ أنّ هذه الدرجة مهددة بأن تنتهي الصلاة فيها عند انتهاء الحاجة. وكم هم عديدون الذين لا يتذكرون الله إلا في الضيقات وعند الحاجة، أو عندما تقسو عليهم الحياة. حالة كهذه تشير إلى إيمان ضعيف لا يتحرك دون أن تثيره التجارب والمحن والضيقات.
اللون السابق هو درجة جيدة ولكنّها غير كاملة. الصلاة التي تبدأ ثم تقف تبرهن على أنّها كانت غير كاملة. الأدب الرهبانـيّ يقول: "من صلّى مرّة مصيره أن يصلي دائماً". والمعني هنا بالصلاة مرّة، هي الخبرة الكاملة للصلاة. فمن صلّى ولو بدافع الحاجة مرّة ولكن بعمق وصدق، مصيره هو أن يتابع بعدها. وكما في الأعجوبة هنا، أن يتبع يسوع وإذ لا يجد ضيقاً في حياته ليستنجد بيسوع، أو حاجة ليطلبها منه، فإنه يرى أن شكره هو الصلاة الأكمل من صلاة الطلب. بالفعل إذا كانت الصلاة هي فقط "الطلبات"، فهذا يقتضي أن ننقطع عن الصلاة إذا لبى الله لنا طلباتنا. أما الصلاة بالحقّ فهي عكس ذلك تماماً. إن الصلوات في الضيقات، وصلاة الطلبات هي المدرّب الذي يجب أن يقودنا إلى "صلاة الشكر". وهذه الصلاة (الشكر) ليست وليدة الحاجة، ولكنّها وليدة انكسار القلب من العرفان بالجميل لله ومن عنايته ورعايته لنا.
صلاة الشكر يرفعها الإيمان بعناية الله، وليس بعمل محدّد. يرفعها الإيمان الأعلى من الاتكال على الله، أي الإيمان بأن الله ليس فقط صالح بمعنى أنّه يهبنا مصالحنا في حاجاتنا، بل أنّه صالح بمعنى أنّه كلي الصلاح ودائم الصلاح. وهذا الإيمان هو وليد التأمل بالتدبير الإلهيّ عبر التاريخ البشريّ وبكلّ أعماله. هذا إيمان تمتد جذوره في أعماق المعرفة الروحيّة وهو ليس وليد حاجة شخصيّة وحسب. صلاة الشكر هذه لا تتوقف مع غياب حاجة ولا تنتظر وجودها. هذه صلاة دخلت عتبة الثقة بالله في كلّ حين. لأن من يصليها امتلك في قلبه شعور أبعد من اللجوء إلى الله، أي الشعور بالعناية الإلهيّة الدائمة، أي الثقة المطلقة بالله. هكذا رفع داؤود النبي صلواته شاكراً: "أعظمك يا ربّ لأنّك نشلتني ولم تشمت بي أعدائي. يا ربّ إلهيّ استغثت بك فشفيتني" (مز 30، 1-2). "طلبت إلى الربّ فاستجاب لي ومن كلّ مخاوفي نجاني". وعندما يتأمل داؤود في أعمال الربّ مع شعبه يصرخ: "اهتفي لله يا كلّ الأرض، رنموا لمجد اسمه، قولوا ما أهيب أعمالك". "لك ينبغي التسبيح يا الله في صهيون ولك يوفى النذر، يا سامع الصلوات إليك يأتي كلّ بشر" (مز 65، 1).
القداس الإلهيّ هو صلاة شكر، لا بالأحرى صلاة الشكر؛ "عن كلّ شيء ومن جهة كلّ شيء". نصوص القداس متمحورة حول شكر الله. ولما نحار متأملين في الإحسانات الواصلة إلينا نشكر الله على الظاهر منها وغير الظاهر. هذه الصلاة (الشكر) تمتاز بأنها تولد في القلب ليس الشعور بالحاجة ولا بالامتحان كما في صلوات الطلب، ولكنّها تولد حياةً وشعوراً وانكساراً وفرحاً ورجاءً.
هذه الدرجة الشكرية من الصلاة تجعل الله ليس سيداً في سماه وخيراً لدنيانا، بل تقربنا إليه وتجعلنا نجد فيه ليس مؤسسة خدماتية لحاجاتنا بل شخصاً به نجد معنى حياتنا.
عندما يبدأ الإنسان يشكر الله (يصلي له) تنفتح عينه على عظم الإحسانات وعلى اللامحصور واللاموصوف واللامدرك من الحبّ الإلهيّ. وهكذا تصبح صلاة الشكر ليس جواباً على عطية معينة في الحياة ننالها من الله، بل تصبح صلاة دائمة في شكر عميق على الحياة ذاتها التي أعطيناها. وهنا يعبر الإنسان إلى عتبة التمجيد في الصلاة. حيث يصبح الشكر دائماً وليس رهناً على عطايا محددة. حيث العطية الأولى والأخيرة تصير "أن الله أعطانا في هذا الدهر معرفته وفي الآتي حياةً (معه) أبدية".
الملائكة يصلّون في هذه الدرجة المغبوطة على الدوام والإنسان مدعوّ ليشاركهم هذه الصلاة. كثيرون منا يتساءلون لماذا نكرّر في صلواتنا عبارة "قدوس الله، قدوس القوي، قدوس الذي لا يموت ارحمنا". ولعلّها أكثر الصلوات تكراراً في كلّ طقوسنا، فبها نفتتح صلواتنا وبها نختم. ولعلّها بالوقت ذاته أبعد الصلوات عن الفهم أو الشعور بها!
إننا نفهم هذه الصعوبة في هذه الصلاة، وبالوقت ذاته ندرك ضرورتها حين نعرف أنّها ليست صلاة طلبات ولا شكر أيضاً بل أنّها صلاة تمجيد. إنّها الدرجة العليّا التي نراها صعبة أو غير مفهومة لأننا بعد، وأحياناً عديدة، لسنا قريبين من التمجيد بل نتدرج بين الإنكار والطلب، بين الطلب والشكر، ونادراً ما نرفع لله صلاة التمجيد حياةً "افخارستية".
"الصلاة هي طعام الملائكة"، لأنهم يصلونها بالتمجيد. والصلاة تصير طعام البشر حين يرفعونها مثلهم تمجيداً.
أهمّ عبارة وأكثرها تكراراً في صلواتنا، يصليها الطفل والكهل، قبل وخلال وفي نهاية كلّ صلاة، وهي "المجد للآب والابن والروح القدس"، إنّها صلاة تمجيد، لأن الطلب ممكن والشكر واجب أما حياتنا فكلها لفظة تمجيد لله، وإذا كان الله محبّة فنحن صلاة تمجيد. آميـن.


المطران بولس يازجي
مطران حلب والاسكندرون وتوابعهما للروم الارثوذكس
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
ردد على لسانك دائما" ارحمنى يارب ارحمنى
صلاة داوود النبي في الشدة و الاضطهاد "مزمور 86"
ناكرة جميل وتنسى الإحسان ساويرس يفضح ليليان داوود في "خناقة" على تويتر
خالد داوود يصل "أمناء الشرطة" للتضامن مع "دومة" و"ماهر"
كلمة فى ودنك "على الإنسان أن يردد على الدوام صلاة "ياربي يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطئ""


الساعة الآن 11:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024