رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الاستشهاد في المسيحية " الجزء الثانى " الكنيسة شاهدة للعالم وشاهدة عليه لكي يُعرَّف الآن عند الرؤساء والسلاطين فى السماويات بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة ، حسب قصد الدهور الذي صنعه في المسيح يسوع ربنا. الذي به لنا جراءة وقدوم بإيمانه عن ثقة." (أف 3 :10-12) إن عمل الروح القدس هو أن يشهد لسر المسيح بواسطة الكنيسة وللصنيع الذي صنعه الله بالمسيح فيها "لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شئ في المسيح ما في السماوات وما على الأرض في ذاك." (أف1 : 10). وبهذا التدبير صارت الكنيسة شاهدة ليس فقط للأرض بل للرؤساء والسلاطين في السماويات. فإني أرى أن الله أبرزنا نحن الرسل كأننا محكوم علينا بالموت لأننا صرنا منظرا للعالم الملائكة والناس." (1كو 9:4) إن هذه المسئولية الخطيرة التي تضطلع بها الكنيسة لتُعَرِّف بسر المسيح أكبر من كل أدراك بشرى. وإن كنا لا ندرك تماما الآن عملها في السماء فإن عمل الكنيسة الرئيسي على الأرض هو أن تشهد لله بسر المسيح في جيل ملتو. لذلك أبرزنا نحن كأننا محكوم علينا بالموت من أجل "الشهادة للآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها." (1بط 1 : 11) الكنيسة ليست من العالم ولكنها تشهد في العالم لحساب السماء . شبهها السيد المسيح بشبكة مطروحة في البحر، فهي ليست من البحر الذي هو العالم، ولكنها تقتحم على هذا الجيل الملتوي عالمه لتنير في الظلمة، وتجتذب كل المعينين للحياة الأبدية. إن الكنيسة مُبْغَضَة من العالم لأنها ليست منه فهي جسم غريب عنه "إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم . لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم(يو15: 18-19) إن بغض العالم للكنيسة قد يبدو أمر غير منطقي، لذا يتردد السؤال مُحيِّرا في كل جيل لماذا كل هذا البغض للمسيحية ؟ لا يوجد دين أو فلسفة أو فكر تعرض لمثل هذا العناء والاضطهاد مثل ما تعرضت له المسيحية، في الوقت الذي فيه قدمت المسيحية للعالم وما زالت تقدم خدمات إنسانية فائقة، وتركت آثاراً حضارية هائلة في كل مجال ونشاط بشرى من معرفة وفكر وفن. الكنيسة تدعو لتقديم الخير والحب والإكرام والبذل للجميع حتى للأعداء، فلماذا يبغضها العالم لماذا كل هذه المعاناة التي يتعرض لها المسيحي الحقيقي في كل جيل و في كل مكان على الأرض؟ بينما هو يطلب السلام ويقدم الحب بلا شرط للكل بدون استثناء، ويبذل نفسه من أجل خير الآخرين. لماذا يُشَهَّر بأخطاء المسيحيين في كل جيل؟ ولا تمحى هذه الأخطاء من ذاكرة التاريخ، بل توضع تحت المجهر، وتنسب كل أخطاء المسيحيين للمسيحية دون مبرر. في نفس هذا الوقت يُمجِّد التاريخ أبطاله الذين أذاقوا العالم كل الويلات وارتكبوا كل الحماقات والمفاسد. لقد نبه السيد المسيح بذلك قبل ألفين من السنين، "لقد قلت لكم قبل أن يكون حتى إذا كان تؤمنوا أنى قد قلته لكم." (يو14 : 29) "إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني." (لو9 : 23) "لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض ما جئت لألقي سلاما بل سيفا." (مت 10 : 34) "في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم." (يو 16 : 33) ويقول القديس بولس "وجميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون." (2تي 3 : 12) المسيحي الحقيقي هو ملح للأرض ونور للعالم، أينما وجد يصنع صلاحاً وخيرا، بلا التواء أو عجرفة، دون تذمر أو دمدمة. الملح يوضع في الأرض فينمي الزرع ويثمر، وهو أيضا يحفظ من الفساد، كذلك المسيحي أينما وجد ينحسر الفساد ويتوار بسبب الروح القدس الحال فيه. الوضع الطبيعي للمسيحي أنه نور للعالم، فيشهد لبر المسيح بالصلاح" ونحن شهود له بهذه الأمور والروح القدس الذي أعطاه الله للذين يطيعونه. فلما سمعوا حنقوا وجعلوا يتشاورون أن يقتلوهم." (أع 5: 32-33). لماذا حنقوا؟ وما هو سر كل هذه البغضة الغير منطقية ولا معقولة؟ النور وإن كان رقيقا هادئا وجميلا، إلا أنه قادر أن يبدد جحافل الظلمة. لذلك تبغض الظلمة النور. يوضح لنا السيد المسيح هذه الحقيقة "وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة. لأن كل من يعمل السيئات يبغض النور و لا يقبل إلى النور لئلا توبخ أعماله." (يو 3: 19-20) الحق هو الخير وهو النور، عندما يشرق نبصر جماله وبذلك يكشف ظلمة الشر ويشهد عليه. "لا يقدر العالم أن يبغضكم ولكنه يبغضني أنا لأني أشهد عليه أن أعماله شريرة." (يو 7: 7) من هذا يتضح سر بغض العالم للمسيح، وبالتالي للكنيسة التي تشهد بسر المسيح في العالم. الكنيسة الحقيقية تشهد للعالم بالمسيح، وشاهدة عليه كمسيحها. إن الشهادة للمسيح هي أكثر ما يؤرق إبليس وجنوده، فهو يعلم أن في ذلك نهايته. إن كان العالم ورئيسه لا يقوى على المسيح الذي صرعه في الصليب، فإنه يستطيع أن يسئ للكنيسة التي تعمل في أرضه لحساب المسيح. لهذا يضطهد إبليس الكنيسة ويحاربها بكل قوة ليعيقها عن الشهادة للمسيح، وله في ذلك أساليب متنوعة. |
|