"أجاب يسوع وقال لها. كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً"
(يو 4: 13 )
لقد شربت هذه السامرية المسكينة من آبار العالم المشققة. ولكن هذه الآبار لم تروِ ظمأها. فقد شربت من بئر الشهوات وعاشت في النجاسة والشر، وظل قلبها فارغاً تعيساً. وهناك آخرون - مثل هذه المرأة أيضاً - يشربون من آبار لا تروى؛ مثل بئر التدين، أو بئر التقاليد.
عزيزي .. وراء أي من هذه الآبار أنت تجرى؟ لقد فشلت كل آبار العالم أن تعطى السعادة للإنسان. قال القديس أغسطينوس ومعه كل الحق: يا الله لقد خلقتنا لذاتك، ولن تجد نفوسنا راحتها إلا فيك". لذلك فالسعادة الحقيقية استعصت على الإنسان، فجاء ابن الله من السماء ليكون هو وسيلة وصول عطية الله العُظمى لنا، وبواسطته نحصل على الماء الحي [الروح القدس] كقول المسيح الصادق "مَنْ آمن بي كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حي" (يو 7: 38 ) . وهو الذي يصير في داخل قلوبنا ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية. ومَنْ غير الرب كان قلبه ينبض بالحب والشفقة على الخطاة؟ ومَنْ سواه التقط دموع البشرية الحزينة وكفكفها، بل وأعطى النائحين جمالاً عوض الرماد.
هذا ما فعله المسيح هنا مع هذه المرأة. أولاً كسب ثقتها، ثم بعد ذلك أشعرها بحاجتها، ثم ثالثاً صوَّب سهماً إلى ضميرها. فهو الذي قيل عنه في ذات الإنجيل [إنجيل يوحنا] "أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا" (يو 1: 17 ) . فهو - تبارك اسمه - كشف حالتها ثم عالجها بالنعمة وروى قلبها الظمآن.
عزيزي .. يا مَنْ تبحث عن السعادة ولا تجد. إن الذي بحث عن هذه المرأة المسكينة يبحث عنك، والذي التقى بها يريد أن يلتقي بك. إنه سيغيّر حياتك تماماً، وسيملأ آنيتك بالسعادة الحقيقية والفرح العميق. ستشعر أنه ما عاد يعوزك شيء. ستحس أن كأسك صارت رياً وستذهب في طريقك فرحاً.
إن المسيح يغنيك عن كل شيء، لكن لا شيء إطلاقاً يمكنه أن يغنيك عن المسيح.
سمعتُ صوتَــــــه يذيـــــــــــعُ القــــولَ إعلانــاً
ماءُ الحيـاةِ إننــــي أعطيــه مجانـاً
تعالَ يا عطشانُ واشــــــــــــرب واغتمْ الحيــاةْ
فجئته حــالاً وقــد شربتُ مـن مجــراه