ظل موكب المجرمين يسير فى طريق الصليب.. إلى أن وصل إلى قمة جبل، إنَّها الجلجثة، تلك البقعة القاحلة الجرداء اللعينة التي يحوّل كل عابر وجهه عنها، حيث تخضّبت بدماء القتلى والمجرمين..
على هذا الجبل قُطعت الشجرة المثمرة الثمر الجيد بين البشر! عليه صار القدوس هزءاً، ولا نستطيع أن نميزه من بين اللصين اللذين صُلب معهما! فظهر المخلص متجلياً بأعظم تاج، فآلام الأشرار ضفرت إكليل المحبة ووضعته على رأسه..
ولكن صبراً فهذه البقعة المليئة بجماجم الموتى، ستتحول إلى الجبل الذى يأتى منه العون، حيث الخلاص الأبديّ، وأورشليم التى أهانت مُخلّصنا ورفضته، ستمجده بعد أيام، فصباح القيامة آتٍٍٍ لكي يمحو بنسيمه سطور الأسى من على جبهته! سيأتي الربيع ليُنقّي الكون من أوحال الشتاء، فأعمال يسوع لن يكفّنها الدهر، أو يدفنها فى صدور الحياة!
بعد قليل سنسمع وقع المطر على الأوراق، وترنيم الجداول بين التلال، وسقوط الثلوج على رؤوس الجبال، ستتراجع أمواج الشر لكى لا تغرق بهياجانها الوجود، فالشجرة النابتة فى الكهف ستثمر، البلبل المسجون فى القفص سيحوك عشاً من ريش حُبه لفراخه، القيثارة التى طُرحت تحت الأقدام سيحرك النسيم بأمواجه ما بقى من أوتارها لتعزف لحن الخلود!
ولكن قبل أن يحدث هذا لابد من وقوع كارثة رهيبة، وهى موت المسيح على خشبة العار، فحياة العالم تنبعث فقط من موت البار، أما الخشبة فستنتصب فوق قمة الجلجثة.