رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الغضـب " الرجل الغضوب يُهيـّج الخصام، والرجل السخوط كثير المعاصي " (أم22:29) الغضب هو: شهوة أو انفعال كامن في القلب ومهيج علي ارتكاب الخطية، وإن كان هناك ما يعرف بالغضب المقدس، إلاَّ أننا نتحدث عن الغضب الممقوت الذي تسبب في أول جريمة قتل في العالم. غضب قايين لأنَّ الله قبل ذبيحة أخيه ولم يقبل تقدمته، وفي هذا يقول الكتاب المقدس: " فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدّاً وَسَقَطَ وَجْهُهُ " ( تك5:4)، وظلت مشاعر الغضب تلتهب في قلب قايين إلي أن " قَامَ عَلَى هَابِيلَ أَخِيهِ وَقَتَلَهُ " (تك8:4). والغضب هو الذي جعل عيسو يحاول قتل أخيه يعقوب، الذي هرب إلي خاله لابان بناءً علي نصيحة أمه، التي لمَّا رأت أنَّ غضب عيسو اشتد علي يعقوب قالت له: " فَالآنَ يَا ابْنِي اسْمَعْ لِقَوْلِي وَقُمِ اهْرُبْ إِلَى أَخِي لاَبَانَ إِلَى حَارَانَ وَأَقِمْ عِنْدَهُ أَيَّاماً قَلِيلَةً حَتَّى يَرْتَدَّ غَضَبُ أَخِيكَ عَنْكَ " ( تك 27: 41-45). وبسبب الغضب صار شاول الملك عدواً لداود كل الأيام حتى موته (1صم 29:18)، وقد حاول قتله أكثر من مرّة، وطارده من برية إلي برية، بل حمي غضبه علي ابنه يوناثان لما دافع عن داود، وسبه قائلاً: " يَا ابْنَ الْمُتَعَوِّجَةِ الْمُتَمَرِّدَةِ " (1صم30:20). يقول القديس يوحنا الدرجي " شنيع هو تعكّر القلب بالغضب، وأشنع منه ظهور الغضب بالشفتين، وأشنع من هذا مد اليد للأخ (الضرب). ألم يقل سليمان الحكيم: " اَلرَّجُلُ الْغَضُوبُ يُهَيِّجُ الْخِصَامَ وَالرَّجُلُ السَّخُوطُ كَثِيرُ الْمَعَاصِي " ( أم 22:29)، فالغضب إذن يتسبب في كثير من المعاصي.. فالغضوب هو إنسان قاسي القلب، فقد جاء في سفر الأمثال: " اَلْغَضَبُ قَسَاوَةٌ " ( أم4:27). والغضوب هو إنسان لا يغفر، لأنّه لو غفر لأخيه ما كان قد غضب عليه، وحينما لا يغفر الإنسان يُعرّض نفسه لعدم غفران الله" وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِمْ لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً زَلاَّتِكُمْ " (مت15:6). كما أنَّ الغضوب يحمل لوناً من البُغضة، لأنَّه لا يحتمل في حين أنَّ المحبة " َلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ " (1كو7:13).. وكثيراً ما يقع الإنسان الغضوب في كثير من خطايا اللسان العديدة، مثل الشتيمة وغيرها. هذا بالإضافة إلي فقدان السلام والعزاء الداخلي، والحرمان من الراحة والهدوء، وغليان الدم وثورة الأعصاب، وكل هذا له تأثير علي العقل وطريقة تفكيره، وفي هذا يقول مار إسحق السريانيّ: " القلب المتوقد بالغضب هو فارغ من العزاء الجوانيّ، وعادم من المعزيين الذين من خارج ". كما أنَّ صلوات وتقدمات الغضوب غير مقبولة عند الله، وقد أكد هذا مار أوغريس بقوله: " صلاة الغضوب هي بخور نجس مرذول، وقربان الغضوب هو ذبيحة غير مقبولة "، والقديس أنبا أغاثون يقول: " ولو أقام الغضوب أمواتاً فما هو مقبول عند الله ". هذا وقد أثبتت بحوث علم النفس ومشاهدات كبار الأطباء والجرّاحين، أنَّ الغضب سُم للجسد قبل أن يكون سُمّاً أخلاقياً، فقد قال أحد الأطباء: " إنَّ والدة كانت ترضع طفلها، في الوقت الذي تحمل فيه غضباً وحقداً دفيناً لجارتها، وكان غضبها قد وصل لقمته، فسقط طفلها الرضيع صريع السُم الذي تسرّب لجسمه من لبن رضاعها ". وقد أثبت أحد الأطباء بعد تجارب عديدة أجراها علي عدد كبير من المرضي: إنَّ الغضب والحقد من الأسباب الرئيسية لأمراض الربو والتهاب المفاصل والمغص وتصلّب الشرايين وارتفاع الضغط..فالغضوب هو إنسان يحمل خنجراً يطعن به قلبه، قبل أن يطعن قلوب من يحقد ويغضب عليهم، فليس أقسي علي الغضوب إلاَّ الغضب، لأنّه يطعنه في صميم قلبه ونفسه!! يكفي في ذم الغضب ما قاله يعقوب الرسول: " غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللَّهِ " (يع20:1)، أيّ لا يتفق مع البر الذي يريده الله. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
علمينا أن نجّل الحشمة ونحافظ على العِفة |
الحرص على حفظ العِفة |