رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أحد التناصير لنيافه الأنبا غريغوريوس لما كان هذا اليوم واحدا من مناسبتين رتبتهما الكنيسة المقدسة لتعميد الكبار من المؤمنين الراغبين في التنصير, حتي إذا أقبل عيد القيامة المجيد اشتركوا مع المؤمنين المعمدين في أفراح القيامة, بعد أن نالوا الخلاص مع المفديين بدم المسيح. لذلك رتبت الكنيسة أن يتلي في إنجيل القداس, الفصل الخاص بالمولود أعمي الذي رد المسيح له البصر, بأن تفل علي الأرض, وصنع من التفل طينا, وطلي به عيني الأعمي وأمره بأن يغسل وجهه في بركة سلوام, فاغتسل وعاد بصيرا وهو الفصل الوارد في الإنجيل للقديس يوحنا(9:1-41). علي أن المولود أعمي حدث له شئ جديد لم يحدث لأي أعمي من قبل. إن المعجزة التي تمت في عينيه لم تكن مجرد تفتيح لعينين مغلقتين كما فعل المسيح مع عميان آخرين إذ لمس بيديه عيونهم فانفتحت, (متي9:27-31), (20:29-34). إن ما حدث مع المولود أعمي شئ أعمق من هذا وأعظم...إنه خلق لعينين لم تكونا موجودتين أصلا كما يتضح من الطريقة التي اتبعها المسيح له المجد في صنعه للمعجزة وهي أنه( تفل علي الأرض, وصنع من التفل طينا وطلي بالطين عيني المولود أعمي) (يوحنا9:6). ولم تكن للأعمي عينان. إنما طلي المسيح بالطين موضع العينين فخلقهما له خلقا, بنفس الطريقة التي خلق الله بها آدم ( وجبل الرب الإله آدم ترابا من الأرض)(التكوين 2:7). وعلي ذلك ففي معجزة المولود أعمي خلق من جديد. وهذا سبب آخر لاختيار هذه المعجزة بالذات لتقرأ علي الناس في يوم أحد التناصير, لأن الكنيسة تريد من خلال هذه المعجزة أن تعلمنا أنه كما خلق المسيح له المجد للرجل المولود أعمي عينين جديدتين,فانفتح بهما علي عالم جديد, هكذا يصنع المسيح فيمن يقبلون المعمودية: يخلقهم خلقا جديدا, بل ( ويلبسهم الإنسان الجديد الذي خلقه الله علي صورته., في البر وقداسة الحق) (أفسس4:24),(2:15)لأنه الإنسان الجديد ذاك الذي يتجدد في المعرفة علي صورة خالقه(كولوسي 3:10). (لأنه في المسيح يسوع لا الختان ولاعدم الختان ينفع الإنسان, بل الذي ينفعه, أن يكون خليقة جديدة(غلاطية6:15). (إذن إن كان أحد في المسيح, فهو خليقة جديدة. قد زال القديم. ها هوذا كل شئ جديد)(2. كورنثورس5:17). إن الكنيسة تريد أن تعلمنا من خلال هذه المعجزة التي جرت للمولود أعمي, عن أهمية المعمودية وضرورتها للخلاص. فالمولود أعمي ما كان يبصر لو لم يطع أمر المسيح له المجد, ويغتسل في بركة سلوام. فكان الاغتسال في بركة سلوام ضروريا لخلاصه من العمي, الذي مثاله يخلصنا نحن الآن, أي المعمودية, لا إزالة وسخ الجسد, بل سؤال ضمير صالح عن الله بقيامة يسوع المسيح(1بطرس3:21). كما تريد الكنيسة أن تعلمنا من خلال هذه المعجزة عن فعاليات سر المعمودية الباطنية في البصيرة الداخلية, وأن بالمعمودية غسلا للخطيئة الأصلية الجدية, وللخطايا الفعلية إذا وجدت قبل المعمودية, وأن بها تطهيرا للنفس, وغفرانا لخطاياها, ورفعا للعقوبة الأبدية, وإعفاء من الدينونة العظيمة التي كان محكوما بها علي الجنس البشري الذي ورث خطيئة آدم الأول, بالخلقة والتوالد. وكما أن المولود أعمي, عندما انفتحت عيناه نفذ النور إلي عينيه, فانفتح أمامه عالم جديد كان مغلقا عليه, هكذا الذين يقبلون سر العماد ينفذ نور المسيح إلي أرواحهم, وينفتح أمامهم عالم روحاني جديد كان مغلقا أمام عيونهم. قال الرب يسوع المسيحأتيت أنا دينونة للعالم حتي يبصر الذين لايبصرون(يوحنا 9:39). وقال أيضا أنا نور العالم(يو9:5) وقالأنا قد جئت نورا للعالم(يو12:46) ووصفه الإنجيل بأنهالنور الحقيقي الذي ينير كل إنسان(يوحنا 1:9). ثم إنهم يدخلون بالنور الجديد إلي ملكوت السماوات بمعنييه القريب والبعيد... وملكوت السماوات بمعناه القريب هو الكنيسة(متي13:24, 31, 33, 44) لأن الكنيسة هي مملكة المسيح علي الأرض, بتعاليمها وأسرارها وأمجادها وامتيازاتها الروحية. وملكوت السماوات بالمعني البعيد هو ملكوت الله النهائي, والمقر الأبدي يدخله الأبرار والصديقون ميراثا لهم مع الآب السماوي عندما يقول الملك الديان, لهم في يوم الحساب العظيم تعالوا إيها المباركون من أبي لترثوا الملكوت المعد لكم منذ إنشاء العالم(متي9:27-31). الخليقة الجديدة في المعمودية ويضيف الرسول بيانا عن كيفية الحصول علي هذا الإنسان الجديد, وذلك الخليقة الجديدة في المسيح, إن ذلك يتم عن طريق المعمودية المسيحية فيقول: نحن الذين متنا عن الخطيئة, كيف نحيا فيها من بعد؟ ألا تعلمون أننا حين تعمدنا لنتحد بيسوع المسيح, إنما تعمدنا لنموت معه, فدفنا معه في المعمودية, وشاركناه في موته, حتي كما أقيم المسيح من بين الأموات بمجد الآب كذلك نسلك نحن أيضا في حياة جديدة. فإذا كنا قد اتحدنا به في موت يشبه موته, فكذلك نتحد به في قيامته. ونحن نعلم أن الإنسان القديم فينا صلب مع المسيح حتي يزول سلطان الخطيئة في جسدنا, فلا نبقي عبيدا للخطيئة. لأن الذي مات تحرر من الخطيئة. فإذا كنا قد متنا مع المسيح, فنحن نؤمن بأننا سنحيا معه, عالمين أن المسيح,بعد ما أقيم من بين الأموات, لن يموت ثانية, ولن يكون للموت عليه من سلطان, لأنه بموته قد مات عن الخطيئة مرة واحدة,وفي حياته يحيا لله.فكذلك أنتم احسبوا أنفسكم أنكم أموات عن الخطيئة, ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا)(رومية6:2-11). والمعني أن المعمودية المسيحية هي في حقيقتها موت مع المسيح, ودفن معه. هذا الموت والدفن يتمان بعمل الروح القدس الذي ينقل إلي المعمدين استحقاقات المسيح الكفارية, فيموت في جرن المعمودية الإنسان القديم, ويقوم المعمد إنسانا جديدا, وخليقة جديدة في المسيح, آخذا طبيعة المسيح الذي قام من بين الأموات. ويقول الرسول مرة أخري مؤكدا علي نفس المعني بتعبير آخر. (وفيه ختنتم ختانا لا بالأيدي, بل بخلع جسم الخطايا البشري. إنه ختان المسيح. ذلك أنكم دفنتم معه في المعمودية. وأقمتم معه أيضا. لأنكم آمنتم بقدرة الله الذي أقامه من بين الأموات كنتم أمواتا بخطاياكم...فأحياكم الله معه, وصفح لنا عن جميع خطايانا, ومحا الصك الذي علينا, وكان ضدا لنا, وأزاله مسمرا إياه علي الصليب, وخلع الرئاسات والسلاطين وسخر بهم جهارا ظافرا بهم فيه)(كولوسي2:11-15). وإذن فالمعمودية ليست مجرد ماء يغطس فيه الإنسان كما هو الحال عندما يستحم في النهر ليغسل بالماء جسده, إنما المعمودية المسيحية في حقيقتها شئ آخر. هي ختان روحاني كامل يجري في الإنسان القديم, به يزول لا جزء من الجسد كما هو الحال في الختان الجسدي, بل يزول فيه الإنسان القديم كله ويخلع جسم الخطيئة, والإنسان العتيق, خلعا كاملا وتاما, ويصير المسيحي بالمعمودية إنسانا جديدا, وخليقة جديدة, لأن الإنسان القديم قد خلعه عمل الروح القدس بفعالياته, وبذلك تمحي الخطايا السالفة وتستأصل غرلة الإنسان العتيق, وينال المعمد العتق والخلاص من جميع خطاياه. لاحظ قوله كنتم أمواتا بخطاياكم...فأحياكم الله معه وصفح لنا عن جميع خطايانا, ومحا الصك الذي علينا وكان ضدا لنا. وأزاله مسمرا إياه علي الصليب إذن المعمودية ليست شيئا عاديا بسيطا وماء المعمودية لايبقي بعد حلول الروح القدس عليه ماء علي بسيط الحال, ولكن الروح القدس يحل فيه وعليه فيمنحه فعاليات جبارة لاتراها العين ولاتدركها الحواس, ولكنها فعاليات خلاقة, فتخلق وتزيل الإنسان القديم, وتغسل خطايا المعمد, وترفع عنه العقوبة وتمحو الصك الذي عليه, والمضاد له وتخرقه, وتمزقه, وتسمره مع المسيح الفادي, فتسقط حق العدالة بكفارة المسيح, ويزول نهائيا كل أثر للصك, بفعالية كفارة المسيح الذي مات فاديا لنا وبديلا عنا. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أحد التناصير |
احد التناصير |
احد التناصير |
التناصير |
احد التناصير |