رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قال الدكتور عبد الرحمن البر، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، والمعروف إعلاميا بـ "مفتى الجماعة"، إنه كان حريصاً على عدم الوقوف فى حفل تنصيب البابا أثناء تلاوة بعض الترانيم، أو الدعوة للوقوف لدى سماع بعض النصوص، وأكد أن مشاركته اقتصرت على كلمات من المجاملة العادية التى تعارف عليها الناس، ولا تحتوى على أى مخالفات شرعية، مشيرا إلى أن كثيرا من أهل العلم عد ذلك كله من قَبيل المُجاملة لهم والمحاسَنة فى معاشرتهم.
وأكد البر فى دراسة شرعية أعدها حول زيارته للكاتدرائية الأرثوذكسية، أثناء حفل تنصيب البابا الجديد تواضروس الثانى، أنه تلقى أسئلة كثيرة حول هذه الزيارة، ولمح مسحة عتاب فى حديث كثير ممن هاتفوه أو كلموه، وتطور هذا العتاب إلى تأنيب ولوم عند كثير من الذين كتبوا على على موقع التواصل الاجتماعى (الفيس بوك)، بحسب تعبيره. وأكد البر فى الدراسة التى نشرها بموقع "إخوان أون لاين" الناطق باسم الإخوان المسلمين، أنه لا يُلزِم أحدًا بفهمه، ولا يفرض على أحد قناعته، ولا يحب اللجج فى الجدال، وأضاف: "ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل، ولا أطلب من إخوانى غير إحسان الظن بأخيهم". وأشار البر فى دراسته إلى أننا لدينا آيتان حاكمتان لطبيعة العلاقة مع غير المسلمين؛ هما قول الله تعالى فى سورة الممتحنة ﴿لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9)﴾، وفى ضوء هاتين الآيتين تُفهم بقية الآيات التى تتناول العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين. وأوضح البر أنه من هذا المنطلق لم يجد حرجًا فى الاستجابة للدعوة التى تلقاها من الكنيسة لحضور حفل التنصيب، واعتبر أن الحضور فى حفل تنصيب أو تجليس البابا مثله مثل التهنئة بأعيادهم التى يرى أنها من البر الذى لم ينهنا الله عنه، طالما لم تكن هذه التهنئة على حساب ديننا، ولم يشتمل الحضور - شفاهةً أو كتابةً- على التلفظ بشعارات أو عبارات دينية تتعارض مع مبادئ الإسلام، ولا على أى إقرارٍ لهم على دينهم، أو رضا بذلك، أو مشاركة فى صلواتهم. وقال البر: "كنت حريصًا على عدم الوقوف لدى قيامهم بتلاوة بعض الترانيم أو دعوتهم للوقوف لدى سماع بعض النصوص، وبقيت جالسًا لا أشارك فى شىء من ذلك على الإطلاق". وأشار البر إلى أن مشاركته اقتصرت على كلمات من المجاملة العادية التى تعارف عليها الناس، لا تحتوى على أى مخالفات شرعية، وأوضح أن كثيرا من أهل العلم عد ذلك كله من قَبيل المُجاملة لهم، والمحاسَنة فى معاشرتهم، ومن باب حسن الأخلاق التى أمرنا الله بها، ولونًا من ألوان الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ بالحكمة والموعظة الحسنة. ووصف البر القول بأن الحضور فى حفل التنصيب أو التهنئة بأعياد المسيحين ومناسباتهم حرام؛ باعتبارها ذات عَلاقة بعقيدتِهم فى ألوهيّة عيسى عليه السلام أو بنوَّته لله هو محض خطأ، وأضاف: "عقيدتنا هى عقيدتنا التى نتعبَّد الله بها، ولا نغيّر ولا نبدّل بفضل الله فى شىء منها"، مشددا على أن الحضور والتهنئة لا تعنى اعتناق عقيدتهم أو الرضا بها، أو الدخول فى دينهم، وإنما هى نوع من البر. واعتبر البر أن المنقول عن الإمامين ابن تيمية وابن القيم من ادعاء الاتفاق على تحريم تهنئة غير المسلمين أمر محل نظر، ووصفها بأنها فتوى فقهية، قد تصلح لعصرهما الذى كان مليئًا بالحروب الصليبية والغزو التتارى؛ حيث كان أى تهاون يعنى الرضا بالمحتل، وتابع: "ربما كان اختيارهما الفقهى هو الذى يحفظ للمسلمين عقيدتهم أمام الأعداء، أما فى هذا العصر- وفى مصر بالذات حيث العيش المشترك فى وطن واحد يجمعنا- فالأمر مختلف". وأكد البر أن القرآن أجاز مؤاكلة ومصاهرة الأقباط، وذلك أكبر من التهنئة بأعيادهم أو مناسباتهم، وأشار إلى أن من لوازم الزواج وثمراته: وجود المودة بين الزوجين، والمصاهرة بين الأسرتين، وأضاف: "فهل يُتَصور فى الإسلام الذى أمر بالبر وبصلة الأرحام والمصاحبة بالمعروف أن تمرَّ مناسبة لهؤلاء الذين تزوج منهم المسلم وصاهرهم دون أن يهنئ الزوج بتلك المناسبة أو الحدث زوجته وأصهاره؟ أو دون أن يهنئ الابن أمه وأجداده وأخواله وخالاته وأولادهم وغيرهم من ذوى قرابته لأمه؟ وهل يكون هذا من صالح الأخلاق التى بعث لإتمامها النبى صلى الله عليه وسلم؛ الذى قال: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلاَقِ"؟! وهل يكون ذلك من الخلق الحسن الذى أمرت به الشريعة فى الحديث الذى صححه الترمذى "وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلقٍ حَسَنٍ"؟! هكذا قال "خالق الناس" ولم يقل: خالق المسلمين فقط". وأكد أنهم إذا كانوا هم يبادرون بتهنئة المسلم بمناسباته وبأعياده الإسلامية، فقد أُمِرْنا أن نجازى الحسنة بالحسنة، وأن نرد التحية بأحسن منها أو بمثلها. وتسأل البر: "أَلَسْنا نتزوج منهم فنسمح للمرأة أن تمارس عقيدتها وعبادتها فى بيتها وأمام أولادها، ويصحبها زوجها أو أبناؤها إلى الكنيسة لتمارس عقيدتها وعبادتها؟ أَلَسْنا نسمح لهم ببناء الكنائس التى اعتبر الليث بن سعد بناءها من عمارة البلاد؟ فهل الاستجابة لدعوتهم لحضور حفل تنصيب البابا أو المبادرة بتهنئتهم بعيد الميلاد هى أعظم من الزواج بنسائهم، ومن السماح بإنشاء مكان تقام فيه مراسيم الاحتفال، ويقام فيه العيد، ويمارسون فيه شعائرهم؟". وأكد البر أنه من العجيب حقًّا أن ترى بعض القائلين بالمنع من الحضور أو التهنئة يدعون إلى حماية الكنائس، ويعلنون استعدادهم للقيام بذلك.. وتساءل: "أيهما أظهر فى إفادة الرضا؟ الحماية أم التهنئة؟". واعتبر البر أن القول بجواز الحضور فى مناسبات الأقباط والتهنئة هو الذى يلتقى مع مبادئ الإسلام وسماحته، فضلاً عن أنه أقرب فى مدِّ جسور العلاقات الإيجابية مع شركاء الوطن، وفى إظهار روح التعامل الإسلامية القادرة على استيعاب الاختلاف الذى هو سنة كونية قدرية. [/COLOR] |
|