|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تحقيق : حرمان الطالبات غير المحجبات من الأنشطة ودعوة قبطيات إلى الحجاب إنهم يريدون اختطاف الوطن، وفرض أفكارهم بشتى السبل عليه، ويبتغون «أخونته» والقضاء على تنوعه الثقافى، الذى أضفى عليه سماحته وتسامحه، وتقبله للآخر، والخطر لا يقتصر على اختطاف الحاضر، وتزييف التاريخ، بل إنه يمتد للانقضاض على الغد، والاستحواذ على المستقبل، ووسيلتهم فى ذلك «أخونة التعليم»، عبر مدرسين يشكلون خلاياهم الأولية، التى تضيق الخناق عليه، بحيث يخرج أجيالا تؤمن بالجماعة، وتدين لها بالولاء، ومن ثم يتحقق لهم حلم التمكين، ومن بعده حلم الأستاذية.. هكذا يقول معارضو الأخونة، من التيارات المدنية، التى أخذت تستغيث مما يعتبرونه مؤامرة إخوانية على التعليم. لكن على الجانب الآخر.. يرفض مسئولو وزارة التربية والتعليم، هذه الأفكار، ويتهمون مروجيها بالشطط، وباستخدام مصطلحات ومفردات فضفاضة خاوية من المضمون وتجافى الواقع، من أجل تشويه صورة الإخوان، وخلق حالة من التحفز الشعبى ضدهم، وذلك ضمن حرب، يشنها المعارضون، يستخدمون فيها كل الوسائل.. وهو ما يؤكده قياديو الإخوان، الذين يرددون: متى يعرف قومنا بأنهم أحب إلينا من أنفسنا؟ وهكذا.. تتأرجح الحقيقة: أخونة أم تطوير؟.. وهذا ما ستحاول السطور المقبلة الإجابة عنه. فور سماعه صوت المؤذن ينادى لصلاة الظهر، يتوقف مدرس اللغة العربية بمدرسة السلام الإعدادية، بمركز أبوتيج التابع لمحافظة أسيوط، عن شرح الدرس، كى يطلب من التلاميذ التوجه إلى مسجد المدرسة لأداء صلاة الظهر، إلا أن اثنين منهم، رفضا الخروج فما كان من المدرس الغاضب إلا أن عاقبهما «بالمد على أرجلهما» خمسين ضربة لكل طالب. وإمعانا فى «التأديب» طرد المدرس الطالبين، وأقسم بالأيمان المغلظة، ألا يدخلا المدرسة قبل أن يحضرا وليى أمريهما، متشبثا بموقفه رغم محاولات مدير المدرسة، وعدد من المدرسين والإداريين تهدئته. ولم يتمكن مدير المدرسة من اتخاذ موقف ضد المدرس الثائر، لأنه حسبما يقول مدرس الدراسات الاجتماعية، بذات المدرسة، عبدالرحمن حماد، ينتمى إلى جماعة «الإخوان المسلمون»، فهم يحكمون بأمرهم الآن، ولا يستطيع أحد أن يدوس لهم على طرف، حسب تعبيره. هذا المدرس الذى يرى نفسه حاميا للشرع، قائما على الدين، ليس حالة فردية، فهناك محاولات دؤوبة وحثيثة، لما يصفه تربويون وعلماء أزهريون وليبراليون، بـ«أخونة التعليم»، هذا بالتزامن مع محاولات أخرى، تقف وراءها قوى وتيارات إسلامية، توصف بأنها أقرب إلى أن تكون متزمتة أو متشددة، لنشر أفكارها بالوسائل الناعمة حينا، وبالقسوة المفرطة إذا اقتضى الأمر. لكن التيارات السياسية ذات التوجه الدينى، تنفى الأمر جملةً وتفصيلاً، وتؤكد أن القهر ليس منهجا تتبعه، خلافا لشواهد ووقائع توحى بأن هذا التيار.. المتفاوت انفتاحا أو تشددا، إن شاء البعض، أو الإسلامى إن شاء البعض الآخر، قد أحكم قبضتيه على منظومة التعليم، إلى درجة أن أخبارا على شاكلة: قص شعر تلميذة، لم تتجاوز السابعة من العمر، لأنها غير محجبة، قد غدت «وجبة رئيسية» على الصحف والمجلات وبرامج «التوك شو». التغيير باللسان فاليدين الحوادث تكشف أيضا، أن الذين يريدون تنفيذ أفكارهم، وإلزام الطلبة والطالبات بمناهجهم الفكرية «أيا ما يكون تقييم هذه الأفكار»، قد عقدوا العزم، على التغيير بالكلمة فإن لم يكن فباليدين، أو بعبارة أكثر دقة، بالقوة الغاشمة، ما يثير الشكوك فى أن الأمر ليس مجرد تصرف فردى، ففى مدرسة «الصف» الإعدادية، أصدر مدير المدرسة قرارا بمنع دخول الطالبات من دون حجاب، وتشبث المدير بقراره، وواجه رفض بعض الطالبات تنفيذه، باستدعاء أولياء أمورهن، ليلقى عليهم محاضرة حول ضرورة أن ترتدى الفتاة الحجاب، ما إن تبلغ المحيض، الأمر الذى دفع أولياء أمور لا يروق لهم القرار، إلى تقديم شكاوى ضده، بمديرية التربية والتعليم بالجيزة، التى استدعته للتحقيق، فزعم أنه ينفذ تعليمات الوزارة.. فهل كان صادقا فيما يزعمه؟ وهل هذا موقف فردى أيضا؟ سؤال نطرحه.. ولا نجيب علنه، لكننا نترك الوقائع تتحدث، فربما تكتمل صورة ما. الفصل بين الجنسين وفى مدرسة «أم المؤمنين» بمركز أطفيح، فوجئ الطلبة بعد نحو أسبوع من العام الدراسى، بإدارة المدرسة تطالبهم بالانصراف، بسبب ارتفاع كثافة الفصول، ومن ثم قررت عمل فترتين، واحدة للفتيان وأخرى للفتيات.. قد تكون الكثافة هى السبب، لكن ماذا عن الفصل بين الجنسين فى بعض الجامعات الإقليمية؟ سؤال آخر، لا إجابة له، إلا بالمزيد من الوقائع والأحداث، ومنها ما ترويه شيرين السيد، الطالبة بالأول الثانوى، بمدرسة الفرقان الثانوية، حول إجبار معلمة مادة الرياضيات فى مدرستها، الطالبات على ارتداء الحجاب، وهو الأمر الذى رفضته شيرين، فما كان من المعلمة الغاضبة إلا أن عاقبتها بالعنف البدنى «جذبتها بعنف من شعرها» وتصويرها بكاميرا الهاتف المحمول، وتهديدها بنشر الفيديو على شبكة الإنترنت، إن لم تستجب لأوامرها. وتقول شيرين: «رفضت إجبارى وقهر إرادتى، وقررت عدم الانصياع للمعلمة المتسلطة»، فقررت «تأديبى» بمنعى من دخول المدرسة، ومنذ هذا «الفرمان» الذى أيدت فيه الإدارة المعلمة، لم أذهب إلى المدرسة، موضحةً «حتى إن انقطعت عن التعليم، لن أوافق على إجبارى على ما لا أريد.. المشكلة أن هذه المعلمة، لا تريد أن تفهم أنى أنتمى لجيل ثورة يناير، الذى يرفض قهره تحت أى ضغط» حسب تعبيرها. وإذا كانت شيرين قد قررت «خوض حربها» مع ما تصفه بالقهر، مهما تبلغ الخسائر، ترى ماذا بوسع أختها إسراء، طالبة الابتدائى التى لم تتجاوز السابعة من العمر، أن تفعل مع الأخصائية الاجتماعية، التى عاقبتها لأنها ترتدى «جيبة» قصيرة، أو هكذا تراها الأخصائية؟ وتمنع الأخصائية التى تدعى أمانى، بمدرسة الزهراء الابتدائية، الطفلة من دخول المدرسة، وهو الأمر الذى يدفع والدتها إلى التهكم على هذا التصرف بقولها: «هذا طبيعى، فإذا كانوا يريدون تزويج الفتاة من سن التاسعة، فمن الطبيعى أن يحرموهن من الاستمتاع بطفولتهن». السروال تحت الملابس وتقول: «طلبت الأخصائية من الطفلة أن ترتدى تحت «الجيبه» سروالاً، فلم أبدِ اعتراضا، وذلك على سبيل تجنب الصدام، بعد مشكلتى مع معلمة ابنتى الكبرى شيرين، لكن بعد أن نفذت طلبها، عاقبت الطفلة مجددا لأنها ترتدى «بنطلون استريتش» وكان عليها أن ترتدى واحدا فضفاضا يستر تفاصيل جسمها». وتتابع قائلةً: إنها طفلة، والحجاب ليس مفروضا عليها، ونحن ننتمى إلى الطبقة المتوسطة، ولسنا من الأسر التى تميل إلى الانفتاح أكثر من اللازم، فماذا يريدون منا؟ موضحةً أن ما يحدث يبدو مرضيا لمسئولى وزارة التربية، لأن أحدا منهم لم يفكر فى وقف هذه «المهزلة المخجلة» كما تصفها. وتختتم كلامها بقولها: هذه الأخصائية من «الأخوات المسلمات» وكل معلمى ومعلمات المدرسة من الإخوان، ولا أحد يعلم إلى أين سيأخذنا هؤلاء فى حال تمكنوا من فرض سيطرتهم على كل شىء فى الدولة، هل سيحدث فى الغد القريب، أن ينشأ جيل يكفر المجتمع، ويمارس القهر عليه، ويكره أبويه فى حال لم يتبعا أفكار الإخوان؟ ومن الوسائل التى «يتبعها هؤلاء» لدفع غير المحجبات على الالتزام به، خصم درجات من التقويم الشامل، الذى يمثل 50% من إجمالى الدرجات، حسب كلام سلوى ناصر مرتضى، ولية أمر طالبة بمدرسة عمر بن عبدالعزيز الإعدادية بقليوب. تقول إن الطابور الصباحى لم يعد لإلقاء الشعر فى حب الوطن، أو أهمية تحصيل العلم، واستعراض أهم الأخبار، فالإذاعة المدرسية أصبحت تركز فقط على الوعظ الدينى، وتحديدا على فضل ارتداء الحجاب، مؤكدةً أنه لا أحد ضد الدين، فى حد ذاته، ولا أحد يرفض القيم الدينية، لكن ما يحدث ينذر بالخطر، ويسير بالمجتمع نحو التشدد، حسب قولها. ولا تسمح إدارة المدرسة للطالبات غير المحجبات بأن يشتركن فى النشاط المدرسى، إلى درجة أنهن أصبحن يشعرن بالاضطهاد و«الإقصاء»، تماما كما يشعر ممثلو التيار المدنى بالإقصاء من الحياة السياسية عموما، ومن المشاركة فى صياغة الدستور على وجه التحديد. وسارع أولياء أمور الطالبات بالتقدم بشكوى تلو أخرى، إلى الإدارة التعليمية، لكنها صكت أذنيها، وأغمضت عينيها، ولم تحرك ساكنا، حسب قولها. ويقول تربويون فى إدارة بسيون التعليمية: إن معظم الموجهين كشفوا بعد الثورة عن توجهاتهم الإخوانية، وأطلقوا لحاهم، بعد أن كانوا يخفون الأمر، وهم يعرفون المدرسين الذى ينتمون إلى الإخوان، وهؤلاء يحظون بالرعاية والاهتمام، وتكون تقارير أدائهم عالية الدرجات، بما يؤهلهم للحصول على ترقيات، أما المعلمون الذين لا ينتمون للجماعة، فليس أمامهم إلا الالتحاق بها، للحفاظ على مصدر رزقهم الوحيد، أو التعرض لطائلة العقاب والويل والثبور وعظائم الأمور، كما يؤكد أكثر من مدرس. ولا تتوقف ممارسة ما يعتبره مدرسون «عملا دعويا» عند هذا الحد، فالأغرب من كل القصص السابقة، أن معلما بالمنصورة، يطالب الطالبات المسيحيات بارتداء الحجاب قائلا: «تحجبن فالسيدة مريم، خير نساء العالمين كانت محجبة».. وهو الأمر الذى دفع أكثر من معلمة تدرس الديانة المسيحية إلى الاحتجاج على تصرفاته، لكن الإدارة تقف فى صفه، وهكذا كلما جاءت معلمة تربية دينية مسيحية إلى المدرسة، تطلب نقلها. التربية: حوادث فردية على أن كل القصص السابقة، وغيرها مما نشرته الصحف مؤخرا، تعتبر بالنسبة لمسئولى وزارة التربية والتعليم، مجرد حوادث فردية، لا تعبر عن نهج الوزارة، وذلك كما يقول الدكتور إبراهيم غنيم، وزير التربية والتعليم، الذى يؤكد لـ«الصباح» أن الوزارة ليست «قطاعا خاصا» يملكه «الإخوان المسلمون»، لكنها ملك لكل المصريين، ولن تكون طرفا فى أى نزاع سياسى أو حزبى. ويقول: «هناك أوهام وعبارات فضفاضة جوفاء يرددها البعض ثم يصدقها، وهناك ألاعيب سياسية تلجأ إليها بعض التيارات، فى نزاعاتها السياسية»، مضيفا «مصطلح الأخونة الذى يعزف عليه البعض بالربابة، غير موجود بالوزارة، والواقع خير شاهد»، حسب تعبيره. ويرفض الوزير ما يسميه المزايدة على فصيل الإخوان لأنه «فصيل وطنى» كغيره من الفصائل والتيارات السياسية، له كل الحقوق وعليه كل الواجبات، موضحا «لست منتميا لجماعة الإخوان، سواء على المستوى التنظيمى، أو الفكرى الأيديولوجى، ولا أنتمى لأى حزب أو فصيل سياسى، فأنا وزير تكنوقراط، كما أعلنت أكثر من مرة». ويضيف: «لم أوقع بروتوكولا مع حزب الحرية والعدالة، كما أشيع، لكن لا مانع من توقيع مثل هذا البروتوكول، ليس مع الإخوان على وجه التحديد، لكن مع مختلف مؤسسات وفصائل المجتمع المدنى، بشرط ألا يخل البروتوكول بمصالح التعليم، وبما يحفظ السيادة الوطنية»، مشيرا إلى أن عبارة «الجماعة» التى وردت فى كتاب التربية القومية، وأثارت لغطا كبيرا، موجودة منذ سبع سنوات، غير أن البعض استيقظ متأخرا، حسب تعبيره. وينفى وزير التعليم ما يصفه بالأكاذيب عن أخونة المناهج، قائلا: إن المناهج لها قدسية الدساتير، وهى ملك للشعب بكل توجهاته، ولا توضع من قبل فصيل أو تيار، إذ يتولى هذا الأمر مراكز بحثية وفق شراكة مع مؤسسات المجتمع كافة. ويرد الوزير على الادعاءات بأخونة المناهج قائلا: «تسلمت عملى فى الثانى من أغسطس الماضى، والكتب خرجت من المطابع فى مايو، قبل أن أتولى حقيبة التعليم، وقبل أن يصل الرئيس إلى الحكم، فكيف تكون تأخونت؟»، موضحا: «فيما يتعلق بما أثير حول حذف بعض الآيات والنصوص القرآنية واستبدالها، فهذا يأتى فى سياق الدروس حول حقوق الإنسان، حيث ترد الآيات والأحاديث باعتبارها استشهادات ليس إلا». تفصيل مناهج وإذا كان كلام الوزير كله نفىا ورفضا، فإن عددا من خبراء التعليم، وقفوا على الجانب الآخر يناقضونه ويعتبرونه استهلاكا إعلاميا، ليس أكثر، كما يرى أيمن البيلى، وكيل النقابة المستقلة للمعلمين، الذى يقول: «هناك لجنة يسيطر عليها الإخوان، تتولى وضع مناهج جديدة، وسيقوم أعضاء اللجنة، بطبيعة الحال «بتفصيل مناهج» تغرس أفكار الجماعة، فى عقول أبنائنا، وهكذا يشبون وهم مؤمنون بالسمع والطاعة للمرشد، ويتحول المجتمع إلى فصيل واحد». ويقول: إن هناك تسريبات لم ينفها الإخوان بأن المناهج ستتضمن «سيرة كفاح» حسن البنا، وسيد قطب، وغيرهما من رموز الجماعة، ضمن مقررات المناهج المدرسية، موضحا أن التسرب إلى عقول النشء سيكون عبر مناهج التاريخ والتربية القومية واللغة العربية والتربية الدينية على وجه الخصوص. ويحذر من أن هذا الأمر سيدخل مصر فى «نفق ظلام» لن تخرج منه، ربما لعشرات السنين، متهما جماعة الإخوان بأنها تمارس العمل السياسى على خطا الحزب الوطنى المنحل، وتسعى إلى تزوير التاريخ وسرقته، وبث أفكارها ومبادئها الفقهية فى أدمغة جيل كامل، متهكما على هذا السلوك قائلا: بعد خلع مبارك، فوجئنا بجيل من الشباب، يتحسر عليه وبصفحة إلكترونية عليها عشرات الآلاف عنوانها: أنا آسف يا ريس، وهؤلاء ليسوا أشرارا أو أعداءً للوطن، لكن عقولهم تؤمن بأفكار ما، سعى الإعلام والتعليم على غرسها فى عقولهم، متسائلا: متى نرى صفحة مماثلة بعنوان أنا آسف يا إخوان؟ ويتهم البيلى جماعة الإخوان أيضا بأنها لا تؤمن بتداول السلطة، وهذا سيدفعها إلى ربط استراتيجية التعليم بأهدافها، وجعل التعليم منحازا، وهذا يفسر الهجمة الشرسة التى تشنها الجماعة على نقابة المعلمين المستقلة، لإعلانها رفض أخونة التعليم، ومساعيها فى التصدى إلى ما وصفه بالمؤامرة على مصر. ويرى البيلى أن الدكتور إبراهيم غنيم يخطط لخصخصة التعليم من خلال نظام التعليم المتميز، بما سيحرم أبناء الوطن من حقهم فى التعليم المجانى، على حد قوله، زاعما أن الوزارة توزع نشرات على المدرسين لتشويه الشرفاء رافضى الأخونة، على حد زعمه. ويتابع البيلى: «السياسة التعليمية تحاول خلجنة التعليم المصرى والقضاء على الهوية الوطنية، والعمل على خلق جيل جديد تابع خاضع ذليل غير قادر على الإبداع»، مشيرا إلى أنه لا يمكن النظر إلى تصريحات مسئولى الوزارة، بالموافقة على استخدام سياسة العقاب البدنى، خارج سياق قهر إرادة النشء. أين الأزهر؟ وتقول الدكتورة إيمان الصاوى، أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر: نحن نمر بفترة تخبط بعيدا عن قراءة تاريخ وثقافة مصر، ولذلك نجد هذه الفرقعات غير المتوائمة مع تاريخنا وحضارتنا، سواء فى مواقع التعليم أو من خلال بعض التصريحات البعيدة عن وسطية مصر، التى تربت على ثقافة الأزهر الشريف، ولولا تراجع دور الأزهر، لما استطاعت تلك الأصوات اختراق ثقافة وعقائد المصريين، ولما تمكنت من أن تتعامل معنا على هذا النحو من التشدد، حسب قولها، حتى تكتسب مساحة بين الشارع والأمية الأبجدية وبين الأمية الدينية، حيث يتعاملون الآن، وكأن مصر أصبحت تعيش فى عصر الجاهلية، فهم لم يطبقوا الإسلام، ولم يتعاملوا مع أحكامه وشريعته، ولا مع عقائدنا فكأنهم يتعاملون مع دولة مكة قبل الفتح الإسلامى، حتى أصبحوا يتحدثون بشكل فيه تطاول على عقائد الشعب المصرى، سواء فى مجال التعليم أو أى مجالات أخرى، فلا نجد تلك الفصائل تبحث عن التعليم والعلم، لذا أطالب الجميع بالتوازن وأن يتقوا الله فى هذا البلد حتى تهدأ القلوب ونبتعد عن الترويع الذى يهدف تحقيق مكاسب شخصية لا أصل لها من صحيح الدين، حسب تصريحاتها. خصصة الوظائف القيادية للإخوان بدمياط يتهم موظفون بوزارة التربية والتعليم فى دمياط، وكيل الوزارة هناك، صاحب الميول الإخوانية، على حد قولهم، بأخونة المديرية، والإطاحة بالقيادات التى لا تنتمى للإخوان، من الوظائف القيادية و«خصخصة الوظائف» للتربويين المعروف عنهم توجهاتهم الإخوانية. وقال موظفون رفضوا الكشف عن أسمائهم: إن سعد الشربينى وكيل الوزارة، أطاح بمدير مكتبه عصام الشباسى «غير الإخوانى» بمجرد أن تولى منصبه، موضحا أن الشباسى عاصر عددا من الوكلاء، وله خبرة كبيرة، وأن الموظف الذى حل محله، ينتمى فكريا لـ«الإخوان المسلمون»، من دون أن يحددوا ما إذا كان عضوا فى الجماعة أو حزب الحرية والعدالة. تدريس «كفاح» حسن البنا بكل المراحل اعترف مصدر مطلع، بمركز إدارة مصادر التعلم، بوزارة التربية والتعليم، بأن معلومات عن حسن البنا، مؤسس جماعة «الإخوان المسلمون»، ستتم إضافتها إلى مادة التاريخ بكل مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي. وأقر بأن المناهج الدراسية توضع بواسطة لجنة تقرير المناهج، التى لا تقتصر على فئه معينة، وتضم فى عضويتها فئات واتجاهات تمثل مختلف تيارات المجتمع المصرى، رافضًا كل ما يثار عن أخونة المناهج، لأنها «عبارة يستخدمها البعض خلافاً للواقع والحقيقة» وتحرص اللجنة، حسب المصدر، على إبراز ما يصفه الإخوان بصراعهم مع النظام البائد، وكفاحهم الوطنى فى هذا الشأن. ويرى التيار الداعى لتغيير المناهج أنه من الطبيعى أن يكون حسن البنا، مؤسس جماعة «الإخوان المسلمون»، موجودًا بكتب التاريخ بجميع مراحل التعليم، نظرا لما قدمه من إنجازات ورؤى أثرت تاريخ مصر، كما أن فكره هو المؤسس لفكر السلطة الحاكمة لمصر الآن. الخرباوى يحذر: يريدون جيلا يؤمن بالسمع والطاعة يبدو أنه التمكين من خلال التعليم، وعبر التسلل بنعومة، إلى أدمغة جيل ناشئ، يخرج إلى الحياة مؤمنًا بالسمع والطاعة العمياء الصماء، كما يقول ثروت الخرباوى، القيادى البارز المنشق عن جماعة «الإخوان المسلمون»، الذى يحذر من هيمنة الجماعة على التعليم قائلاً: إن التعليم والعلم ليسا غايةً فى حد ذاتهما فى فكر الجماعة، وهذا أمر له جذور راسخة فى مبادئ حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان، فالتعليم عندهم يهدف إلى استئصال ما يصفونه بالعلمنة، التى رسخها الاستعمار الغربى، فى منظومة التعليم، بما يشوه هوية الإنسان المصرى المسلم.. لكن ماذا تعنى العلمنة؟ يتساءل الخرباوى ويجيب قائلا: إنها لا تعنى فصل الدين عن كل شىء، كما يزعمون، لكنها تكمن فى تنحية التفكير الخلاق الإبداعى، والقضاء على النظرة النقدية، عبر «حشو العقول» بأفكار الإخوان، وتنشئة جيل يعادى ما سواها من أفكار. ويتابع الخرباوى قائلا: «المبادئ التى يروجون لها تبدو جميلة، لكن الإخوان يعرفون كيف يدسون السم فى العسل»، حسب تعبيره، موضحًا أن التعليم الذى يريده الإخوان يستهدف تخريج جيل من «الإمعات» الذين لا يؤمنون بالعقل، يتم تلقينهم تلقينًا، فيصبحون على حد وصف استخدمه الخرباوى عنوانا لأحد مقالاته «جنود أمن مركزى» ليس على ألسنتهم إلا عبارة: سمعًا وطاعة. ويحذر من أن كراهية الإخوان للرأى الآخر، تسكن فى جينات الجماعة الوراثية، التى ورثتها من مبادئ حسن البنا، التى تتأسس عليها الجماعة، فالسمع والطاعة ضد الرأى، والإنسان عندهم مجرد رقم، أو بطاقة انتخابية، مشيرًا إلى الحرب التى يشنها مكتب الإرشاد على الخارجين عليه، مهما قدموا من خدمات للجماعة، وأيا ما كان حجم إسهامهم فى دعمها، تؤكد صحة هذه المقولة، وفق كلامه. ويقول: إن التعليم الذى يرغب فيه الإخوان، لن ينتج متعلمين بالمعنى الحقيقى، ولن يؤدى إلى المجتمع القادر على الأخذ بروح التفكير العلمى، القائم على النظر إلى كل شىء، نظرة نقدية فاحصة، فهو تعليم التلقين والتحفيظ عن ظهر قلب، وتنحية العقل جانبا، موضحا أن مبادئ المؤسس حسن البنا، فيما يتعلق بالتعليم، تقوم على توجيهه، وهى تنطلق من السؤال الذى يطرحه بقوله: هل للتعليم فى مصر غايات واضحة محددة؟ وهل هذه الغاية تناسب الظروف المحيطة بالأمة؟ ويواصل انتقاداته لفكر الإخوان قائلا: إن تأمل أفكار البنا يكشف بوضوح أن المؤسس الذى كان مدرسًا، لم ينظر للعلم باعتباره غاية فى حد ذاته، فهو يأتى فى سياق التمكين والأخونة، موضحا أن الجماعة أولت اهتماما كبيرا بغرس أفكارها، وكسب الأنصار من طلبة وطالبات كليات التربية، انتظارا لهذه الفرصة التاريخية، حسب قوله. كما توسعت الجماعة فى إنشاء المدارس الإسلامية فى فترة السبعينيات، وقتما سعى الرئيس الراحل أنور السادات، إلى استخدام التيار الإسلامى لضرب «العيال الناصريين وبتوع اليسار». ويرى أن أهم دليل على اهتمام الإخوان بالتعليم يتمثل فى اختيار الرئيس لخالد القزاز مستشارا، والقزاز كما يعرف الجميع، يملك مجموعة من المدارس الخاصة بالمقطم، هذا بالإضافة إلى تعيين والده عدلى القزاز، وهو إخوانى الهوى، مستشارا لوزير التعليم، ما يعنى أن الإخوان قد أعدوا ما استطاعوا من قوة لزراعة فكر الجماعة فى عقول النشء. ويقول: من الطبيعى أن ينفى الإخوان هذا الكلام، لكن نفيهم لا يعنى أنهم صادقون، والمشكلة تكمن فى أن الإخوان ما إن يحققوا ما يصفونه بالتمكين، سينفذون فقه الإخوان، وهو فقه ليس متفقًا عليه كليًّا، وليس مختلفًا عليه كليا.. فقه يحرم الفنون عموما، وهكذا ستختفى حصة الموسيقى، لتحل محلها حصة الأناشيد الدينية، وستختفى أشعار الغزل العفيف، لتحل محلها أشعار الحماسة والجهاد. كما سيفصل التعليم المتأخون «حسب تعبيره» بين التلاميذ والتلميذات، من المرحلة الابتدائية، وسيزرعون أفكارهم حول دور الأقباط والمرأة فى المجتمع الذى يرغبون تأسيسه. القعيد: مصر المعتدلة لن تسمح بالتشدد يرى الكاتب الكبير يوسف القعيد، أن مساعى أخونة مصر امتدت لتشمل كل شىء، ما يجعل وصولها إلى التعليم، أمرا طبيعيا، وليس مستبعدا، لأن التعليم يغرس أفكار الجماعة فى عمق المجتمع، أى وجدان أفراده، ومن ثم يصبح صعبا استئصاله. ويقول القعيد: إن الجماعة تستطيع لاشك أخونة مدارس الحكومة، لكنها لن تتمكن من فرض سطوتها على المدارس الغربية والأجنبية والدولية، التى سيزيد الإقبال عليها، وهكذا تتسع قاعدتها العريضة وسط الطبقات الدنيا، وهذه مهمة أسهل وأبسط، لأن هذه الطبقات أسرع تقبلا لكل فكرة ذات مرجعية دينية بغض النظر عن مدى دقتها. ويضيف: «الفقه فيه اختلافات، ولكل جماعة دينية أفكارها، واجتهاداتها، وهذه من رحمة الله بالمسلمين، فهل ستهتم الجماعة بأن يدرس الطلبة والطالبات وجهات النظر والاجتهادات الدينية المختلفة أم ستكتفى بتلقين فقه الجماعة». ولا يخشى القعيد من تحول مصر من الانفتاح إلى التشدد، لأن المواطن البسيط أصبح أكثر وعيًا، ولأن ما ترسخ على مدى سنوات طويلة من منهج وسطى لا يمكن القضاء عليه بواسطة تيار ما، مهما تمكن من مفاصل الدولة ومؤسساتها. يقول: من المؤكد أن مصر فى طريقها إلى منعطف جديد لا نستطيع أن نحدده أو نطلق عليه مسمى بعينه وليس معنى تولى رئيس من جماعة معينة سواء إسلامية أو يسارية أو ليبرالية أن يكون نهجه وفكره هما السائدين فى كل نواحى الحياة، مضيفا أن الشعب المصرى أصبحت لديه معرفة ببواطن الأمور. ويضيف أن التعليم أساس بناء المواطن المصرى ولو تم فرض نهج أو فكر بعينه على الخريطة التعليمية فمن المؤكد أن ذلك سيؤدى إلى اختلاف كل مظاهر الحياة، موضحا أن المحاولات التى تحدث لأخونة التعليم لن تجذب الكثيرين من الشعب. ويقول: «ستشهد السنوات القادمة تغييرا شاملا فى المناهج التعليمية، وفى طرق التدريس ذاتها، وسنجد مدارس كاملة تدرس الفكر الإخوانى ومدارس إخوانية لا تقبل المعتدلين من أبناء مصر وسنرى معلمين ينتهجون الفكر الإخوانى ويحاولون نشره بشتى الطرق». |
|