رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يسوع والتشريع والوعظ تسجل الأناجيل حلقات من وعظ المسيح وتعاليمه، ولربما كان يكرر تلك العظات في غير موضع من مواضع تبشيره، وأكبر هذه العظات وأشملها هي ما سجله إنجيل متى 5 - 7 والتي دعيت "عظة الجبل، والتي شكلت لاحقًا، لاسيّما فاتحتها المسماة التطويبات، أحد أهم المواضيع والأركان التي ارتكز عليها التعليم الديني - الاجتماعي للمسيحية لقد أعلن المسيح ثبوت شريعة موسى إلى الأبد وأن الكتاب لن ينقض (متى 5: 17)؛ لكنه عدّل بها مطورًا أو أعاد تقديم قراءة جديدة، لبعض مواضيعها، مركزًا على الجوهر دونًا عن الشكل؛ فالزنا - عند المسيح - ا يتمّ فقط بالعملية الجنسيّة بل يبدأ من شهوة القلب (متى 5: 27-28)؛ والبرّ وأعمال الخير والصلاة التي تتم أمام الناس هي لا شيء عن الله إن كانت تهدف لإرضاء الناس أو لفت أنظارهم (متى 6: 1-16). كما رفض المسيح مبدأ العين بالعين والعنف إجمالاً (متى 5: 38-39)، ل كنه سمح بالدفاع عن النفس، وأعلى من شأن المحبة حتى جعلها الوصيّة العظمى والكبرى (مرقس 12: 28-34؛ يوحنا 13: 34)، وحضّ على التسامح والغفران ونبذ الحقد مشددًا على العطاء فهذه كنوز الحياة الآخرة (متى 6: 19-21)؛ وفي المقابل نبذ المادية المفرضة وتقديم الحياة الأرضية على الحياة الآخرة (متى 6: 24-34). كما رفض بشكل بات، إدانة الآخرين دينيًا أو إساءة معاملتهم أو إظهار عيوبهم (متى 7: 1-12)، معلنًا المساواة بين جميع الأجناس والمراكز الاجتماعية (متى 10: 24)، فالعمل الصالح هو وحده الفيصل في قيمة الإنسان في هذا الزمان وفي الزمان الآتي (متى 7: 21-23؛ 12: 50). وفيما يخصّ ما طوره المسيح في شريعةموسى والاستنباطات اللاحقة التي استقاها منها الكتبة والربانيون، فهي تدور عن انتقاد حفظ السبت، فالسبت - كيوم راحة - وحد لخدمة الإنسان لا العكس؛ وبين أن أحكام النجاسة والطهارة ومحرمات الطعام قد ذهبت سدى، وكذلك الذبائح والمحارق التي تقدم يوميًا وفصليًا في الهيكل تكفيرًا عن الخطايا، بل أعلن إلغاء دور الهيكل كمركز للحياة الدينية (يوحنا 2: 21). ورفض قتل البشر إذا ما ارتكبوا معاصي دينية كالزنا (يوحنا 8: 1-11)، وأكّد أن الطلاق قد أعطاه النبي موسى «لقساوة قلوب البشر» أما في الأساس لم يكن هكذا، معلنًا أن أي انفصال بين الزوجين لغير الزنا هو زنا (متى 19: 7-9). وتعتبر هذه التطويرات خريستولوجيًا شديدة الأهمية، إذ نقلت البشرية من شريعة الحرف إلى شريعة الروح. ركّز المسيح أيضًا في تعاليمه على يوم القيامة ووراثة الملكوت مفهوم ملكوت السماوات يتخذ مكانة مركزية في تعاليم يسوع، ولا أدلّ على ذلك، أنه قد ورد نحو ثمانين مرة في الإنجيل وإن كانت عظات الإزائية اجتماعية بالأحرى، فإنّ إنجيل يوحنا يُظهر بشكل متزايد الصيغة اللاهوتية - الماورائية لكلام المسيح ، فالحديث مع نيقوديموس يركز على المعاني الروحية للعماد كولادة ثانية (3: 4-12)، ومحبة الله للعالم هي التي أرسلت المسيح (3:4-12)؛ ويشرح أيضًا علاقته بالآب وشهادة الآب له (5: 17-47)؛ وشبه تعليمه وكلامه بالطعام الحقيقي والحي وهو ما دعّم لاحقًا سر القربان (6: 27-59)، وأيضًا يتكلم يسوع في عظاته، سيّما الأخيرة، عن محبته لخاصته الذين في العالم، وحبّه لهم إلى الغاية (10: 7-18). |
|