11 - 11 - 2012, 10:51 AM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
من هو كاتب
1- حياة القديس مرقس الرسول:
اسمه الأصلي يوحنا أو يوحنان ويعنى "يهوه يوحنان"، "الرب حنان" ولقبه أو أسمه الروماني "Μάρκος - Markos- مرقس" وهو من أصل لاتيني " Marcus" ويعنى "مطرقة ذات رأس خشبية"، وأول ما ذكر، ذكر في سفر الأعمال بـ "يوحنا الملقب مرقس" (أع 12:12)، وفيما بعد ساد لقب مرقس وأصبح يدعى به وحده.
ونعرف من سفر الأعمال أن منزل والدته "مريم أم يوحنا الملقب مرقس" (أع12:12) كان مقراً لاجتماع الرسل في أورشليم، وكان المؤمنون مجتمعين فيه للصلاة وقت سجن بطرس "فكان بطرس محروساً في السجن. أما الكنيسة فكانت تصير منها صلاة بلجاجة إلى الله من أجله" (أع12 :5)، وبعد خروجه من السجن (سنة 44م) في تلك الليلة جاء بطرس "وهو منتبه إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلون" (أع12 :12). وقد أجمع أكثر العلماء والدارسون والمؤرخون على أن هذا البيت كان هو البيت الذي تناول فيه الرب يسوع المسيح الفصح مع تلاميذه والعلية التي كان يجتمع فيها الرسل في أورشليم قبل صعود الرب يسوع وبعد صعوده والتي حل فيها الروح القدس على التلاميذ (أع1و2)، وكان أول كنيسة في العالم، أو كما تقول دائرة المعارف البريطانية في طبعتها الحادية عشر أن بيت مرقس كان مركزاً للحياة المسيحية في أورشليم (كتاب "مرقس الرسول" لقداسة البابا شنودة الثالث ص14).
ويؤكد جميع الدارسين أن القديس مرقس كان هو الشاب الذي تبع الرب يسوع ليلة القبض عليه والذي كان "لابساً إزاراً على عريه فأمسكه الشبان. فترك الأزرار وهرب منهم عرياناً" (مر14 :15). فهو وحده الذي يذكر هذا الحدث، ولو لم يكن لهذا الحدث قيمه بالنسبة له لما ذكره. ويقول أحد العلماء ويدعى Lange أن والدته كانت تمتلك بستان جثسيماني أو منزل قريب منه. كما يؤكد بعض الآباء مثل أوريجانوس وابيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص ويجمع جميع مؤرخي الكنيسة القبطية في كل العصور على أن القديس مرقس كان أحد السبعون رسولاً الذين عينهم الرب "وأرسلهم الرب أثنين أثنين أمام وجهه إلى كل مدينة أو موضع حيث كان هو مزمعاً أن يأتي" (لو10 :1). ومن ثم تلقبه بـ "ناظر الإله الإنجيلي" باعتباره أحد الذين شاهدوا الرب وسمعوه، أحد شهود العيان.
وأول ما يذكر القديس باسمه يذكر كابن للسيدة التي كان بيتها مقراً لاجتماع الرب يسوع المسيح وتلاميذه ورسله في أورشليم، والتي كانت أيضاً إحدى المريمات تلميذات الرب (لو8: 2؛أع1 :14). ثم يذكر بعد ذلك مع خاله برنابا وبولس الرسول (شاول) اللذان أخذاه معهما للكرازة (أع12 :25) (سنة 49م) وكان معهما في سلاميس ولكنه "فارقهم ورجع من بمفيلية" (أع15 :37-39) إلى أورشليم" (أع13 :13).
وفي سنه 51م رفض بولس الرسول أن يذهب معهما مرقس في رحلتهما التالية بسبب تركه لهم "من بمفيلية"، فأخذه خاله برنابا وذهبا إلى قبرص بعد أن انفصلا عن بولس الرسول (أع15 :37-39). ولكن في سنه 63م وبعد ذلك بحوالي 12سنه يتكلم عنه القديس بولس كالعامل معه في حقل الكرازة ويوصى به أهل كولوسي "يسلم عليكم أرسترخس المأسور معي ومرقس أبن أخت برنابا الذي أخذتم لأجله وصايا 000 أن أتى إليكم فاقبلوه" (كو4 :10). وفي سنه 67 وقبل استشهاد القديس بولس يستدعيه مع تيموثاؤس لحاجته إليه للعمل في حقل الكرازة بروما، فيقول لتلميذه تيموثاؤس "خذ مرقس وأحضر معك لأنه نافع لي للخدمة" (2تي4 :11). وهذا يدل على أن القديس مرقس كرز في اليهودية وفي قبرص وإنطاكية وبمفيلية في آسيا الصغرى وفي كولوسى وروما، ويذكره القديس بولس ضمن العاملين معه في روما "ومرقس وأرسترخُس وديماس ولوقا العاملون معي" (فل24).
ثم يدعوه القديس بطرس في رسالته الأولى إلى "المغتربين من شتات بنطس وغلاطية وكبدوكية وآسيا وبيثينية" (1بط1 :1)بابنه "تسلم عليكم التي في بابل المختارة معكم ومرقس ابني" (1بط5 :13). مما يعني أنه كرز معه في هذه البلاد.
إذاً فقد كان بيت والدة القديس مرقس في أورشليم مقر التقاء الرسل والكنيسة المسيحية الأولى في العالم، ومن قبل كان المقر الذي يتواجد فيه الرب يسوع المسيح عند وجوده في أورشليم. وقد كرز القديس مع خاله برنابا وبولس الرسول، كما كرز مع القديس بولس والقديس بطرس بعد ذلك في بلاد كثيرة وأشترك معهما في تأسيس كنيسة روما ثم ذهب بعد ذلك للكرازة في الخمس مدن الغربية بليبيا ومنها ذهب للكرازة في الإسكندرية حوالي سنة 61م ونشر الإيمان بناء على طلبه سنة 67م. وبعد استشهاد القديس بطرس والقديس بولس عاد ثانيه إلى الإسكندرية حتى أستشهد فيها حوالي سنة 68م.
2- علاقة القديس مرقس بالقديس بطرس وبقية الرسل:
كان القديس مرقس، كما أوضحنا أعلاه، أحد شهود العيان الذين شاهدوا الرب يسوع المسيح واستمعوا إليه واتبعوه أثناء تجسده سواء كأحد الرسل السبعين، أو على الأقل عندما كان الرب يسوع يذهب إلى أورشليم وعندما تناول الرب يسوع الفصح مع تلاميذه في منزل والدته كما كان قريب من الرب يسوع في بستان جثسيماني وقت القبض عليه وبلا شك فقد تابع أحداث المحاكمة والصلب والدفن من بعيد، كما رأى الرب يسوع بعد قيامته في ظهوراته العديدة للتلاميذ في أورشليم والتي كان يجتمع فيها التلاميذ والرسل قبل الصعود وبعد الصعود. كما كانت أمه إحدى المريمات تلميذات الرب وكان القديس بطرس أحد أقاربه.
وكانت لدى القديس مرقس ميزة ثانية لمعرفة المزيد عما قاله وعمله الرب يسوع المسيح وهى اجتماع جميع الرسل، شهود العيان في منزل والدته ولسنوات طويلة. وبلا شك فقد استمع منهم جميعاً، كأفراد أو كجماعات، سواء في جلساتهم الخاصة في منزل والدته أو في عظاتهم وكرازتهم العامة للجموع أو في تعليمهم للمنضمين حديثاً للإيمان، وعرف منهم أحداث كثيرة وتفاصيل كثيرة.
وكانت لديه أيضا ميزة ثالثة وهى الاستماع لبطرس ويعقوب ابن زبدي ويوحنا أخيه وهم الثلاثة المتقدمون في التلاميذ والذين كانوا قريبين جداً من الرب يسوع المسيح وقد أخذهم معه وقربهم منه في أخص المواقف، فقد كانوا معه عند إقامة ابنة يايرس (مر5 :37)، وأخذهم معه على جبل التجلي وأراهم مجده (مر9 :1)، وكانوا أقرب التلاميذ إليه في بستان جثسيماني وقت القبض عليه. وبعد استشهاد يعقوب ابن زبدي، كان يعقوب أخو الرب مع بطرس ويوحنا في أورشليم وكانوا معتبرين أنهم أعمدة (غل2 :9)، وكان لدى القديس مرقس الفرصة أيضا ليعرف المزيد من يعقوب أخي الرب.
كما أعطته الكرازة مع خاله القديس برنابا والقديس بولس، ثم مع القديس بولس بعد وفاة خاله برنابا في قبرص ميزة رابعة، فقد كان القديس بولس أيضا شاهد عيان للرب بعد صعوده وأستلم منه الإعلان مباشرة.
وأخيراً فقد كانت كرازته مع القديس بطرس في روما وغيرها ميزة خامسة. فقد عرف منه الكثير مما يختص به وحده ومما يختص به مع يعقوب ويوحنا ابن زبدي. ومن ثم فقد دون أحداث إقامة ابنة يايرس وتفاصيل التجلي وصلاة المسيح في البستان بكل دقة، كما ذكر حادث إنكار بطرس للسيد ثلاث مرات بكل دقة وتفصيل كما تسلمها من القديس بطرس وسجلها كروايات شاهد عيان.
وهكذا دون القديس مرقس أعمال الرب يسوع وتعاليمه بتفصيل دقيق وحيوي ورائع كما شاهدها بنفسه وكما تسلمها من بقية التلاميذ والرسل شهود العيان.
3- إنجيل شاهد عيان:
دون القديس مرقس أحداث ومواقف وأعمال الرب يسوع المسيح تسجيلاً دقيقاً أهتم فيه بكل التفصيلات والأمور الدقيقة جداً، وسجل ملحوظات دقيقة لكل موقف وأهتم بذكر انطباعات الناس وتصرفاتهم ومشاعرهم في كل المواقف، وكذلك سجل بدون تردد مشاعر التلاميذ وحيرتهم في بعض المواقف وعدم إدراكهم لأمور كثيرة. كما سجل تصرفات الرب يسوع وتحركاته ودون كل التفاصيل كما حدثت وكأنه كان يسجلها في مذكراته لحظة حدوثها مباشرة. فيقول عن تأثير تعليمه على الجموع وعلى تلاميذه "فتحيروا كلهم" (مر11 :27)، "وكثيرون إذ سمعوا بهتوا قائلين من أين لهذا هذه" (مر6 :2)، "فتحير التلاميذ من كلامه" (مر10: 34)، "فبهتوا إلى الغاية" (مر10 :26)، "وكانوا يتحيرون وفيما هم يتبعون كانوا يخافون" (مر10 :32).
ويقول عن تأثير أعماله على الناس "بهت الجميع ومجدوا الله قائلين ما رأينا مثل هذا قط" (مر2 :12)، "فخافوا خوفاً عظيماً وقالوا بعضهم لبعض من هو هذا 000 فإن الريح أيضا والبحر يطيعانه" (مر4 :41)، وبعد مشيه على الماء يقول "فبهتوا وتحيروا في أنفسهم جداً إلى الغاية" (مر6 :51). ويصف تزاحم الجماهير الغفيرة على الرب يسوع المسيح سواء لنول الشفاء "حتى وقع عليه ليلمسه كل من فيه داء" (مر3 :10)، "فقال له تلاميذه أنت تنظر الجمع يزحمك وتقول من لمسني" (مر5 :31)، أو للاستماع إلى تعليمه "فأجتمع أيضا جمع حتى لم يقدروا أولاً على أكل خبز" (مر3 :20)، "وكان الجمع جالساً حوله" (مر10 :32)، "فأجتمع إليه جمع كثير حتى أنه دخل السفينة وجلس على البحر والجمع كله كان عند البحر على الأرض" (مر4 :1)، "ولما أجتاز يسوع في السفينة إلى العبر اجتمع إليه جمع كثير" (مر5 :21)، "فقال لهم تعالوا أنتم منفردين إلى موضع خلاء واستريحوا قليلاً، لأن القادمين والذاهبين كانوا كثيرين، ولم تتيسر لهم فرصة للأكل" (6 :34).
ويصف آلام الرب يسوع المسيح وعواطفه ومشاعره كإنسان "فتحنن عليهم إذ كانوا كخراف لا راعى لها" (مر6 :34)، "وتعجب من عدم إيمانهم" (مر6 :6)، "فنظر حوله بغضب حزيناً على غلاظة قلوبهم" (مر3 :5)، "فتنهد بروحه" (مر8 :11)، "ولما رأى يسوع ذلك أغتاظ" (مر10 :14)، كما وصف نظراته وإشاراته وحركاته "فتقدم وأقامها ماسكاً بيدها فتركتها الحمى حالاً وصارت تخدمهم" (مر1 :31)، "وقال للرجل مد يدك، فمدها فعادت صحيحة كالأخرى" (مر3 :5)، "فنظر حوله إلى الجالسين وقال ها أمي وأخوتي" (مر3 :34)، "وكان ينظر حوله ليرى التي فعلت هذا" (مر5 :32)، "فأخذه من بين الجمع على ناحية ووضع أصابعه في أذنيه وتفل ولمس لسانه ورفع نظره نحو السماء وأنّ وقال له إفثا. أي انفتح" (مر7 :33و34)، "فتنهد بروحه" (مر8 :12)، "فألتفت وأبصر تلاميذه فانتهر بطرس" (مر8 :33)، "فجلس ونادى الاثنى عشر" (مر9 :35)، "ولما نظر حوله إلى كل شئ" (مر11 :11)، وذكر نومه في السفينة "وكان هو في المؤخرة على وسادة نائماً" (مر4 :38)، وجوعه "وفي البيت لما خرجوا من بيت عنيا جاع" (مر11 :12). وذكر حبه للأطفال وحملهم على يديه "فأخذ ولداً وأقامه في وسطهم ثم احتضنه" (مر9 :36)، "فأحتضنهم ووضع يديه عليهم وباركهم" (مر10 :16).
ويذكر تفصيلات أخرى كثيرة تختص بالأسماء والأماكن والمواقف لا تذكرها الأناجيل الثلاثة الأخرى، فيقول أن المسيح دخل "بيت سمعان وأندراوس مع يعقوب ويوحنا" (مر1 :29)، "فخرج الفريسيون للوقت مع الهيرودسيين وتشاوروا عليه لكي يهلكوه" (مر13 :6)، ويصف ثياب الرب يسوع أثناء التجلي بكل دقة "وصارت ثيابه تلمع بيضاء جداً كالثلج لا يقدر قصار على الأرض أن يبيض مثل ذلك" (مر9 :3). ويذكر أحداث معجزة شفاء بارتماس الأعمى بكل دقة وتفصيل، فيذكر أسمه وصراخه وإسكات الناس له ومناداة الرب يسوع له وطرحه لردائه أرضاً وحديث الرب يسوع المسيح معه وشفائه (مر10 :46-50). وفي معجزة إشباع الجموع بخمس خبزات وسمكتين يذكر جلوس الجموع بتفصيل دقيق وبديع "فأمرهم أن يجعلوا الجميع يتكئون رفاقاً رفاقاً على العشب الأخضر. فأتكأوا صفوفاً صفوفاً مئة مئة وخمسين خمسين" (مر6 :39و40). وذكر أن سمعان الذي حمل الصليب مع المسيح كان "قيروانياً" (مر15 :21) وإنه هو "والد الكسندر وروفس" اللذين كانا من التلاميذ المعروفين في روما (رو16 :13). ويذكر نوم الرب يسوع " على الوسادة" (مر4 :38)في السفينة، ووجود رغيف واحد مع التلاميذ في السفينة (مر8 :14)، ويحدد بدقة مكان الجحش الذي كان "مربوطاً عند الباب خارجاً على الطريق" (مر11 :4). ويذكر أسماء البلاد التي جاء منها الجموع للاستماع إلى يسوع والتي ذهب هو إليها " ومن أورشليم ومن أدومية ومن عبر الأردن. والذين حول صور وصيدا جمع كثير إذ سمعوا كم صنع أتو إليه" (مر3 :8)، "ثم خرج أيضاً من تخوم صور وصيدا وجاء إلى بحر الجليل في وسط حدود المدن العشر" (مر7 :31). ويحدد المواقع والاتجاهات "ثم خرج أيضا إلى البحر" (مر2 :13)، "وجلس يسوع تجاه الخزانة ونظر كيف يلقى الجمع نحاساً في الخزانة" (مر12 :41)، "وفيما هو جالس على جبل الزيتون تجاه الهيكل" (13 :3)، "وخرج (بطرس) خارجاً إلى الدهليز" (مر14 :68)، "ولما رأى قائد المئة الواقف مقابله" (مر15 :39).
|