07 - 11 - 2012, 05:16 PM | رقم المشاركة : ( 34 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
الفصل السابع والستون ليلة القيامة بعد ذلك رأيت قبر الرب. كل شئ حوله كَانَ هادئَ وصامتَ. كان هناك ستة جنودُ على أهبة الاستعداد، كانوا إمّا جالسين أو واقفين قبالة البابِ، وكاسيوس كَانَ معهم. شكله كَانَ شكل إنسان مستغرق في تّأملِ ومتوقعِ حدثِ عظيمِ. جسد فادينا المقدّس قَدْ لُفَّ في الأكفان ومُحاطَ بالنور، بينما جلس ملاكان في وضع العبادة، واحد عند الرّأسِ، والآخر عند القدمينِ. لقَدْ رَأيتهم في نفس الوضعِ منذ أن وُضع الجسد المقدس في القبرِ. كانت هذه الملائكةِ فى زي الكهنة. وضعهم، والأسلوب الذي أجازوا به أياديهم على صدورهم، ذَكّرني بالملائكةِ التي أحاطت بتابوت العهدِ، فقط هم كَانوا بدون أجنحةَ؛ أو على الأقل أنا لم أرَي لهم أجنحة. كل القبرِ ذَكّرني بتابوت العهدِ في فتراتِ تاريخية مختلفةِ. محتمل أن كاسيوس كَانَ مدرك لحضورِ الملائكةِ، والضّوءِ السّاطع الذي مَلأَ القبر، لأن موقفه كَانَ مثل موقف إنسان في تّأملِ عميقِ أمام سر العشاء الرباني المباركِ. ثم رأيت إلهنا يَدْخلُ القبرِ من خلال الصّخرِ برفقةَ البطاركةِ الذين حَرّرهمَ. لقد أراهم الجراحَ التي تغطى بها جسده المقدّسِ؛ وظَهرَ لي أن الأكفان التى التف بها قد أزيلت، وأن يسوع أراد أَنْ ترى النفوس الألم البالغ الذى قَدْ تَحمّلَه كى يفديهم. ظَهرَ الجسد لي واضحا تماماً، حتى أن عمقَ كل الجراحِ كان مُمكنُ أَنْ يُرى؛ وهذا المنظر مَلأَ النفوس المقدّسةَ بالإعجابِ، مع أن مشاعر عميقة من الشّفقةِ جذبت الدموعَ من أعينهم. رؤيتي التالية كَانتْ غامضةَ جداً لدرجة أنى لا أستطيع أَنْ أُوضّحَها أو حتى أرويها بأسلوب واضحِ. ظَهرَ لي أن نفس وجسد يسوع قَدْ أخذا سوية خارج القبرِ، بدون أن تتَحّدِ النفس ثانية بالجسد بالكامل، الذي كان لم يزل ساكنا فى القبر. اعتقد أنى رَأيتُ ملاكان كَانا سْاجدانِ ويُمجّدانِ عند رّأسِ وقدميِ الجسدِ المقدّسِ، يَرْفعانه ويَحْفظانه في الوضعِ المضبوطِ الذي كان فيه راقدا في القبرِ ويَحملانه غير مُغطى ومشَوّهَ بالجراحِ عبر الصّخرة، التي اهتزت بينما يعَبرون. ثم ظَهرَ لي أن يسوع قَدّمَ جسده، موسوم بعلامات آلامه، إِلى أبيه السّماويِ، الذي، جلسَ على عرشِ، مُحاطَ بربوات غير معدودةِ من الملائكةِ التى كانت مُستغرقة فى سعادة في إنشاد تراتيل العبادة والتهليل. الحالة كَانتْ من المحتمل هى نفسها عندما مات يسوع، كثير جداً من النفوس المقدّسةِ دخلت ثانية أجسادها، وظَهرتْ في الهيكلِ وفي أجزاءِ مختلفةِ من أورشليم؛ لأنه لَيسَ على الأرجح أن الأجسادِ التي تحَرّكوا بها كَانتْ حيَة حقاً، لأنه في تلك الحالةِ كَانَ لابد أَنْ تَمُوت ثانية، إلا إنهم رَجعوا إِلى حالة موتهم بدون صعوبةِ ظاهرةِ؛ لكنه يُفتَرضُ أنّ ظهورهم في الشّكلِ الإنسانيِ كَان َمشابهَ إِلى ظهور الرب يسوع، عندما رَافقَ جسده ( إن صح التعبير مجازا ) إِلى عرشِ أبيه السّماويِ.ْ فى تلك اللحظةِ اهتزت الصّخرةِ بغاية القوة، من القمّةِ إِلى القاعدة، حتى أن ثّلاثة حرّاسِ سقطوا وغابوا عن الوعي تقريباً. الأربعة الآخرين كانوا بعيدين في ذلك الوقت، لأنهم ذُهِبواَ إلى المدينةِ ليُحضروا شيء ما. الحرّاس الذين طُرحوا ساقطين نُسِبوا الصّدمة المفاجئة إِلى زلزالِ؛ لكن كاسيوس، الذي مع أنه غَيْر واثِق لما يدل عليه كل هذا، مع ذلك شَعرِ بهاجس داخلي أنه مقدمة لحدثِ هائلِ، وَقفَ مَذهولا بتّوقعِ مضطرب مُنتَظِر أَنْ يَرى ما يَتْلى ذلك. رَجع الجنود الذين كانوا قَدْ ذُهِبوا إلى أورشليم فى الحال . رأيت النِّساءَ القدّيساتِ ثانية: لقَدْ انتهوا من إعْداْد الأطياب، وكَن يَسترحنَ في غرفهم؛ غير مَمدّينُ على الأرائكِ، بل يتكئن على أغطية الفراشِ، التي قَدْ لُفّتْ. لقد رَغبوا أَنْ يَذْهبوا إلى القبرِ قبل بزوغ فجر اليومِ، لأنهم خَافوا لقاء أعداءَ يسوع لكن العذراءَ المباركَة، التي تجدّدتِ بالكامل وامتلأت بالشّجاعةِ مجددا منذ أن رَأتْ ابنها، وَاستهم وأوصتهم أَنْ يَنَاموا لبعض الوقتِ، وبعد ذلك يَذْهبنُ بجراءة إِلى القبرِ، لأن لا أذىُ سيلحق بهن؛ على ذلك تبعوا نصيحتها فوراً، وسَعوا أن يَنَمن. نحو الساعة الحادية عشر ليلا, اتشحت العذراء المباركة بعباءةَ رمادية وتَركتَ الدّار وحيدة تماماً، مدفوعة بمشاعرِ الحب المتعذرة الكبتِ، عندما رَأيتها تَفعَلُ هذا، قلت لنفسي، " كيف ممكن لهذه الأمِ المقدّسةِ، التي بغاية الإنهاك من الألمِ والتعب، أَنْ تُخاطرَ أَنْ تَمْشي وحيدة فى الشّوارعِ في مثل هذه الساعةِ؟ " رَأيتها تذَهبَ أولا إِلى دارِ قيافا، وبعد ذلك إِلى قصرِ بيلاطس، الذي كَانَ بعيد بمسافةِ عظيمةِ؛ لقد رَاقبتها خلال كل رحلتها الفردية على طول الطريق الذي كَانَ قَدْ وطئه ابنها حاَمّلاَ صليبه الثّقيلِ؛ لقد توَقفتْ في كل مكان حيث قَدْ عَانى مُخلصنا معاناة خاصة، أو نال فيه أي إساءةِ جديدة من أعدائه البرابرة. مظهرها، بينما كانت تسير ببطء، كَانَ مظهرها مظهر شخصِ ينشد شيئا ماَ؛ لقد انحنتْ كثيرا على الأرض، مَسّتَ الأحجارَ بأياديها، وبعد ذلك غمرتها بالقُبَلِ, إن الدّمَ الثّمينَ لابنها الحبيبِ كان عليها. لقد مَنحها الرب في هذا الوقتِ أنوار ونِّعَمِ خاصةِ، وكَانتْ قادرةَ بدون أدنى صّعوبةِ أَنْ تُميّزَ كل موضع تقدس بآلامه. لقد رَافقتها خلال كل زيارتها المقدسة، وسَعيتُ أن أُقلّدها بقدر قوتي، بقدر ما سمح لى ضعفي. ثم ذهبت مريم إلى الجلجثةِ؛ لكن عندما وَصلت إليها، توَقفتْ فجأة، ورَأيتُ مُخلصنا واقفا أمامها. يتقدمه ملاك والملاكان اللذان قَدْ رَأيتُهما في القبرِ كانا بجانبه، والنفوس التي حررها تتبعه بالمئات. جسد يسوع كَانَ رائع وجميلَ، لكن مظهره لم يكنَ مظهر جسدِ حيّ، مع أن صوت قد صدرَ منه؛ وسَمعته يَصفُ للعذراءِ المباركةِ كل ما فعلَه في عالم النسيانِ، وبعد ذلك يُطمئنها أنه سيقوم ثانية بجسده المُمَجَّدِ؛ حينئذ سيُظهر نفسه إِليها، وأنها يَجِبُ أَنْ تَنتظرَ قُرْب صخرة جبل الجلجثةِ. ثم مضى مُخلصنا نحو أورشليم، واتشحت العذراء المباركة ثانية بطرحتها، انطرحَت فوراً على البقعة التي أشار إليها. كانت الساعة حينئذ على ما أَعتقد تتجاوز منتصف الليل، لأن زيارة مريم لطريقِ الصّليبِ قَدْ استغرق ساعة على الأقل؛ ثم رأيت بعد ذلك نفوس القديسين الذين حررهم يسوع يجتازون بدورهم طّريقِ الصّليبِ، ويَتأمّلُون الأماكن المختلفة حيث قَدْ تَحمّلَ مثل هذه الآلامِ المخيفةِ من أجلهم ومن أجل كل الخليقة. جَمّعت الملائكة التي رَافقتهم قطع لّحمِ مُخلصنا الإلهى التي كَانتَ قَدْ تناثرت مِن جسده بسبب الضّربِ المتكررِ الذى نالهَ وحَفظوهاْ، وأيضا الدّماءِ التي نزفت على الأرضِ فى كل بُقَعة . رَأيتُ مرة أخرى جسد الرب المقدّس راقدا كما رأيته أولاَ في القبرِ؛ الملائكة كانت مستغرقة في إرجاع قطع لحمه التى قَدْ جَمّعوها، وأنهم نالوا معونة خارقَة في تأدية ذلك. تَأمّلته بعد ذلك في أكفانه، محاطَ بنور ساطع وملاكان يمجدانه بجانبه. أنى لا أستطيع أَنْ أُوضّحَ كيف تحدث كل هذه الأشياءِ، لأنها بعيدة عن فهمنا الإنسانيُ؛ وحتى إن فْهمتها أنا تماماً عندما أراها، فأنها تبدوا مظلمةَ وغامضةَ عندما اَسْعي أن أوضّحها للآخرين. ما أن أشرق بصيص ضعيف من الفجرِ، رَأيتُ المجدلية ومريم ابنة كلوبا، يونا زوجة خوزى وسالومه يتركن المسكن، ملتفين في إزارهم. حاَملين الأطياب؛ أضاءت إحداهن شمعة في يدّها، سَعتْ أن تَخفيها تحت عباءتها. رَأيتهن يتجهن نحو البابَ الصّغيرَ لدارِ نيقوديموس. |
||||
|