الانتخابات البابوية عبر التاريخ.. مواقف في حياة البطاركة

[Mary Naeem]

الانتخابات البابوية عبر التاريخ.. مواقف في حياة البطاركة


بعد انتهاء الانتخابات البابوية وإعلان لجنة الانتخابات فوز كل من الأنبا رفائيل والأنبا تاوضروس والراهب القمص رفائيل أفامينا بأعلى الأصوات، سيقع الاختيار على واحد منهم فقط لشغل منصب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وذلك من خلال «القرعة الهيكلية» التى سيتم إجراؤها في وقت لاحق، يسود الآن جو من الترقب لدى الأقباط حول من سيتولى منصب البابا القادم، الذي يعلق عليه الكثير من الأقباط آمالهم في حل الكثير من المشكلات التي كانوا ولا يزالون يعانون منها، وكان لابد من الإشارة التحليلية لتاريخ هذا المنصب الرفيع. منصب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية يعود تاريخ هذا المنصب إلى مار مرقس الرسول، حيث يعد مؤسس الكنيسة المصرية القبطية، ومن ثم فإنه البطريرك «البابا» الأول لها، وكان ياروكلاس البطريرك الثالث عشر أول بطريرك لُقب بلقب الـ«بابا»، بسبب محبة الشعب والكهنة له، وقد تعاقب على هذا المنصب حتى الآن 117 بابا آخرهم البابا شنودة الثالث، وبابا الإسكندرية «هو أعلى سلطة روحية وتنفيذية في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وتشمل ولاية بطريرك الإسكندرية، وفق تقسيم مجمع نيقية، كلاً من مصر والسودان والحبشة وليبيا، وبحكم الهجرة التي ظهرت منذ القرن التاسع عشر، أصبح للبابا سلطة على ما يعرف باسم «أبرشيات الاغتراب». اختيار البابا على مر العصور تنوعت طرق اختيار البابا بين أكثر من صيغة على مر العصور، فبعد وفاة مار مرقس الرسول، مؤسس الكنيسة المصرية القبطية والبطريرك «البابا» الأول لها، أعقبه فى ذلك المنصب الأنبا أنيانوس، حيث حظى بقيادة الكنيسة بتوصية من القديس مرقس نفسه، ومن ثم لم يكن فى حاجة إلى تأدية القداسات الثلاثة أو حمل رأس مرقس الرسول، كما تحتم أن يفعل من يخلفه على الكرسي المرقسي. وذهب بعض المؤرخين إلى أن من شغل منصب البابا خلفاً لأنيانوس لم يخرج عن الجمع الذي سيره واعتمده الرسول مرقس مع أنيانوس إلى أن ماتوا جميعهم، وهو الجمع الذي تكون من ثلاثة قساوسة وسبعة شمّاسين، ويتضح من استقراء تاريخ البطاركة أنه غالباً ما كان يتم اختيار مديري المدرسة اللاهوتية، التي أنشأها القديس مرقس أو تلاميذها بطاركة «باباوات»، للكنيسة، حيث كان الكهنة والأساقفة يجتمعون ويتشاورون مع الشعب المسيحي لاختياره، وفي بعض الأحيان كان يتم شغل الكرسي المرقسي بناءً على وصايا الباباوات السابقين بعد موافقة الأساقفة والشعب الأرثوذكسي على من جاءت التوصية في حقه. وكان الأساقفة والكهنة إذا اجتمعوا للاتفاق على إقامة بطريرك يكتبون أسماءً كثيرة في رقاع صغيرة ويضعونها على الهيكل، ويصلي الأساقفة والكهنة والشعب الأرثوذكسي إلى الرب بنية خالصة، ثم يجعلون غلامًا صغيرًا يمد يده ليأخذ رقعة من جملة الرقاع، والذي يخرج اسمه يقدمونه بطريركاً، وهو ما يعرف الآن «بالقرعة الهيكلية»، ثم أصبح مجمع الكهنة والأعيان من الشعب الأرثوذكسي هم من يقومون بانتخاب البابا، وذلك بعد قيام المجمع المقدس بتزكية عددٍ من الأشخاص، يلى ذلك إجراء القرعة الهيكلية للوصول إلى من سيشغل الكرسي البابوي. ويعد هذا النظام هو النظام المعمول به حتى يومنا هذا في اختيار البطريرك «البابا»، وهو ما تنص عليه لائحة 1957 التي باتت تحدد شروط ترشيح وانتخاب بطريرك الأقباط الأرثوذكس، وجدير بالذكر أن هذه اللائحة صدرت بعد وفاة البابا يوساب بعام، وتم على أساسها انتخاب البابا كيرلس السادس- السابق للبابا شنودة الثالث- عام 1959، وانتخب على أساسها أيضًا البابا شنودة الثالث عام 1971. مواقف في حياة الباباوات (1) مار مرقس الرسول: البطريرك الأول واضطهده الوثنيون حتى إنه قيل إنهم تربصوا له وقبضوا عليه وعذبوه، حيث قاموا بربط حبل في عنقه، وأخذوا يطوفون به في شوارع المدينة حتى تمزق لحمه وتهشمت عظامه، ثم ألقي في السجن حتى تُوفي 30 برموده سنة 68 م. (2) ميليوس: البطريرك الثالث من بطاركة الكرسي الإسكندري وتواترت بعض الروايات حول أن القيصر دوميتيانوس طرده من الكرسي الإسكندري، وعُين خلفاً له ومات في أول توت سنة 96م. (3) كردونوس: البطريرك الرابع قُبض عليه ومات في 21 بؤونه سنة 106م، إثر الاضطهاد الذي أثاره تراجان القيصر، وجدير بالذكر أن الكرسي البابوي خلا بعده لمدة ثلاث سنوات، نظرًا لشدة الاضطهاد وعدم تمكن الشعب المسيحي من انتخاب خليفة له. (4) ياروكلاس: البطريرك الثالث عشر وهو أول بطريرك لقب بلقب الـ«بابا»، بسبب محبة الشعب والكهنة له، واضطر بعد توليه الكرسي البابوي إلى الهجرة، بسبب الاضطهاد الذي لاقه من القيصر مكسيموس، ثم عاد بعد أن هدأت القلاقل واشتد عضد المسيحية، واستمر في جهاده وعمله حتى تُوفي سنة 247م. (5) ديونيسيوس: البطريرك الرابع عشر وتعرض للاضطهاد من قبل القيصر ديسيوس، مما اضطره إلى الهرب ولامه جرمانوس، أحد أساقفة الأقاليم، على هروبه، إلا أنه بعث برسالة إليه، أوضح فيها أن سبب هروبه، ثم عاد في عهد فاليريان الذي سالم المسيحيين في بداية الأمر، إلا أنه سرعان ما عاد ليضطهد المسيحيين، وألقي القبض عليه، ثم عاد إلى الكرسي البابوي مرة أخرى، بعد كف اضطهاده، واستمر في الكرسي البابوي حتى سنة 265م.