منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 30 - 10 - 2012, 06:57 AM
الصورة الرمزية Haia
 
Haia Female
..::| مشرفة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Haia غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 230
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 7,368

المسيحيّ في مواجهة الآلام والموت


في النصّ الإنجيليّ عجيبتان، الأولى هي شفاء نازفة الدم وقد تمّت بينما يسوع في طريقه لشفاء ابنة يائيرس رئيس المجمع. وكما يقول الذهبيّ الفم إن يسوع تباطأ عمداً في الطريق، كما فعل في حادثة لعازر، وذلك ليقيم ابنة يائيرس ليس من مرضها بل من الموت، وهكذا حصلت العجيبة الثانية كإقامة من الموت.
المرض بالأصل هو بداية للموت، يقول بعض الفلاسفة، إن الولادة هي أولى الخطوات نحو الموت، الإنسان يولد في عالم الفساد أي "الاهتراء"، فهو ينمو ليعود فيضعف وينتهي. وكلّ الأشفية بالنهاية تؤجل الموت ولا تلغيه. الموت هو العدوّ النهائي للإنسان. يولد مع الإنسان طفلاً في أمراضه ويكبر وينتهي سيداً وناضجاً في الشيخوخة. الطبّ البشريّ يعالج المرض، أي يمدّ في سِنِيّ الحياة ويؤجّل الموت خطوة. ويبقى العدوّ قائماً ومنتصراً. والرجاء البشريّ في التخلّص من الموت بالنهاية يائس. لذلك في هاتين العجيبتين، هناك الإشارة الواضحة إلى أنّ الربّ يسوع ليس مجرّد طبيب ماهر أو ذا سلطة وسلطان وعجائب باهرة، إنّه الرجاء الأخير أمام فشل كلّ رجاء آخر، وذلك تجاه مسألة المرض والموت في عمقها.
لقد أعطانا الله العقل والزكاء، لكي نواجه واقع الآلام ونخفّف منها، ونبني العالم الأفضل، ولكن من يلغيها؟ فالموت مصير محتّم. الموت يأتي إلينا على حين غرّة أو نذهب إليه بخطا ثابتة وواثقة.
الإنسان، دون الله وحقيقة القيامة، هو كائن ربّما أصله قرد ونهايته العدم. المسيح رجاؤنا أمام الموت. إنّه غلبتنا. حضرته هذه في هذه الأحداث، وبعدها في قيامته المجيدة ودخوله بجسده وجسدنا النوراني والأبواب مغلقة، هذه الحقائق، هي شفاؤنا وقيامتنا.
على ضوء هذا الرجاء نفهم أن الولادة ليست أولى الخطوات نحو الموت. ونعي إذن أن الحياة "جسر" و"معبر" و"اختبار"، وأن الألم فيها ليس نهاية بل هو لونٌ من ألوان الاختبار فيها. الإنسان إذن، بحسب رجائنا بيسوع، لا يموت، ولو بليناه بأصعب الأمراض والبلايا، حتّى بالموت (الرقاد) فإنه سيقوم.
فما معنى الآلام إذن مادام رجاؤنا هذا حيّ؟
يذكرنا الألم أوّلاً، أنّ حالتنا هذه ليست التي دُعينا إليها، ونعرف بالألم أننا رهائن واقع خطيئتنا ومدعوّين به للتوبة عنها. الألم إذن ليس بداية موت بل بداية توبة. آلام الدهر الحاضر تذكرنا ونحن "هنا" بالمدينة الباقية والحالة الأبدية المنتظرة، وتشدد خطانا باتجاهها. وتدفعنا الآلام إلى الخروج من كسلنا وتحمّل مسؤوليّة استخدام المواهب العقلية التي منحنا إياها الله لنحيا في المواجهة ونسعى بالإبداع إلى الدفاع عن الذات وتأمين الحياة الأفضل.
هنا لم يَعِدْ يسوع نازفةَ الدم وعداً بالشفاء بل عالج آلامها مكافأة على إيمانها. حوادث الشفاء هذه، والإقامة من الأموات، لا تلغي، كحالات خاصة، الحالةَ العامة المتسلطة على كلّ البشر ولكنّها تشير إلى إرادة الله برفعها وليس ببقائها. ونحن شركاء الله في أمرين، أولاً في رفع الألم ومواجهة الموت، وثانياً، أننا نحن شركاؤه في الرجاء على القيامة والحياة الأبدية.
علينا إذن أن نحيا في جدٍّ ومحاولة من أجل تحسين واقع الحياة وتخفيف الآلام مساهمين هكذا بتحقيق الإرادة الإلهيّة، وأن نبشّر بخلاص إلهنا وبرجاء القيامة. آميـن
المطران بولس يازجي
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
المسيح يعبر عن الآلام والموت الذي سيحل به ويفصل روحه عن جسده
موقف بُطرس يُظهر صعوبة التوفيق بين لقب المسيح وفكرة الآلام والموت
أن الآلام لم تُخِفْه، بل والموت لم يُعِقْه
فى مواجهة الحب والموت
القيامة الأولى والموت الأول | القيامة الثانية والموت الثاني


الساعة الآن 09:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024