فأجاب يسوع وقال لهم: ليكن لكم إيمان بالله ( مر 11: 22 )
إن المقصود بإيمان الثقة، ليس إيمان الشخص الخاطئ الذي يمسك بالمسيح كمخلصه، ولكن المقصود هو الإيمان العملي اليومي، الذي به يواجه المؤمن كل الصعاب.
ولدينا بعض الملاحظات بخصوص هذا الإيمان:
الملاحظة الأولى خاصة بثقة القلب في علاقتنا بالله كأولاده. فبدون العلم اليقيني بامتلاك الحياة الأبدية وانتسابنا لله كأولاد، لن تتوافر لنا هذه الثقة. ولا عجب أن نرى أولئك الذين لا يؤمنون بأي من هذين الامتيازين كشيء تمتلكه النفس فعلاً في الوقت الحاضر، ينكرون ثقة كهذه بدعوى أنها جُرأة غير لائقة.
الملاحظة الثانية: إنه من واجب المؤمن المسيحي أن يربي في نفسه روح الثقة المقدسة في الله، وأن يطلب من الله باستمرار أن يزيل عنه روح الارتياب أو الخوف، وما أثقلها!! ولست بحاجة إلى القول إن هذا يتضمن ويتطلب معرفة الله والشركة معه. فإن كنا نحيا بعيدين عنه، فمن المستحيل أن تكون لنا هذه الثقة. ولكن إذا رغبنا أن يكون لنا الإيمان بالله الذي يتغلب على كل الصعوبات، فإنه يجب أيضًا أن تكون لنا معرفة بقلبه لنتعلم أفكاره وطُرقه، ويجب أن نتعود طلب وجهه حتى تتشكل أفكارنا وطرقنا بمحضره. إن الحالة الصحيحة للنفس، تعتمد على ذلك، وحضرة الله هو الجو الذي يتشكَّل به الإيمان وينمو. وعندما نكون قريبين منه، فإن هذه الثقة تُستعلن في القلب.
الملاحظة الثالثة خاصة بارتباط كلمة الله والثقة الحقيقية في الله. فهاتان الاثنتان مرتبطتان ببعضهما ارتباطًا وثيقًا كارتباط الجسد والروح. لا إيمان ولا ثقة حقيقية في الله بدون كلمة الله. وإذا نحن أردنا ازديادًا في الإيمان، وسلوكًا بالإيمان، واختبارًا لحياة الإيمان الغالبة، ينبغي علينا أن نعوِّل على المكتوب ونستوعبه. إن حياة الدراسة الدائبة لكلمة الله المقرونة بالصلوات المستمرة، إنما هي غذاء الإيمان. ومن بَخل بوقته على دراسة الكتاب، ذبلت ونشفت حياة الإيمان التي إليها دُعي بنعمة الله، وبهتت في نظره الأمور الأبدية الحقيقية غير المنظورة، وأصبحت الأمور الوقتية العابرة الفانية ذات منظر خلاب أمام القلب. إن أهمال دراسة الكتاب هو الانتحار الروحي.