رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التسبيح فى الكتاب المقدس التسبيح هو فرحة القديسين، ولغة الملائكة، وشبع المؤمنين.. وكنيستنا القبطية الأرثوذكسية هي أكثر كنائس العالم تمسكاً بعمل التسبيح.. إذ نقضي الساعات الطوال في تسبحة نصف الليل وباكر وعشية، ونزيدها مدائح في كيهك، استعداداً بالفرح بالمسيح الفادي، شهوة قديسي ومؤمني العهد الجديد. وتتسم تسابيحنا بسمة كتابية واضحة، تظهر جلياً في اقتباسنا المتكرر من أسفار العهدين وهذه مجرد أمثلة: الهوس الأول: (خروج 15). الهوس الثاني: (مزمور 135). الهوس الثالث: (من سفر دانيال). الهوس الرابع: (مزامير 148-149-150). الإبصاليات: اسم الخلاص الذي لربنا يسوع، من صلاة العشار (لو 13:18). الثيؤطوكيات: اقتباسات لا حصر لها من الكتاب المقدس عن سر التجسد الإلهي، وبخاصة من خيمة الاجتماع بالعهد القديم، التي كانت رمزاً لكنيسة العهد الجديد. النبوات والمزامير والأناجيل التي نقرأها في "البصخة المقدسة" وسفر الرؤيا في ليلة أبوغالمسيس بعد تسابيح الخلاص التي نقرأها من العهدين القديم والجديد. والتسبيح في الكنيسة هو الرئة التي نتنفس بها، وهو لغة الحب والفرح والإحساس بحضور الله، وهو أيضاً الخدمة الوحيدة التي سنعملها بالسماء بعد الانتقال من هذه الحياة الأرضية. هناك ستنتهي كل أنواع الخدم، وتبقى هذه الخدمة فقط؛ فلن يكون هناك خدمة وعظ أو تعليم أو كرازة، لن يكون هناك خدمة فقراء أو مرضى أو تعزية حزانى، لن يحتاجوا إلي خدمة افتقاد أو تدبير أو أي أمر آخر... سيكون العمل الوحيد هو أن نسبح الله على الدوام، وأن نسعد بهذا التسبيح الدائم. لذلك من اللائق أن نتدرب منذ الآن على التسبيح. وبالتسبيح، ليس فقط نتدرب على حياة السماء، بل أيضاً نتشارك مع السمائيين في حياتهم وعملهم، بل وصفاتهم أيضاً. فالتسبيح يطبع فينا صفات الملائكة كالجمال والتناغم والفرح والحب والوداعة والاتضاع. وإذا سألنا أنفسنا لماذا نسبح، فالإجابة ستكون العديد من الأسباب. أولهم أن الانسان عرف الآلات الموسيقية منذ قديم الأزل، حتى أن أحفاد قايين "يوبال": "كان أباً لكل ضارب بالعود والمزمار"، وتوبال: "كان ضارباً كل آلة من نحاس وحديد" (تك21:4). فاهتمام الإنسان الأول بالموسيقى في هذه العصور البدائية يؤكد أن آدم وحواء قد تسلما أهمية التسبيح وقيمته من الله والملائكة، ثم سلّما ذلك إلي أولادهما وأحفادهما من بعدهما. والتسبيح أيضاً هو أرقى أنواع الموسيقى، لأنه بينما هو يغذي النفس بالنغمات، إذ به يرفع الروح درجات نحو الله، الذي هو "مخوف بالتسبيح" (خر11:15).أما الجسد الضعيف فيكتسب قوة وخفة تجعله يسمو ويرتفع فوق الرغبات الأرضية وينفصل عنها، ليتحد شيئاً فشيئاً مع الأجناد السمائية منشداً بما يصرخون به. ولقد عبَرَت ألحان وتسابيح الكنيسة القبطية كل عصور الاضطهاد المختلفة وظلت صامدة خالدة. لذا، فالمستمع إليها سوف يدرك أن جميعها مستلهمة من مصدر واحد، ثابت على مدى الأجيال، وهذا المصدر والإلهام هو الروح القدس. وكما أن الخمر كلما تعتقت سنيناً طويلة، كلما صار تأثيرها أقوى وأعمق، هكذا الألحان والتسابيح القبطية، إذ أنها كلما تعتقت في صحن الكنيسة سنيناً، كلما صار لها سحر روحي وقدرة بالغة الأثر على مشاعر المسبح، فيشعر ببركة لا مثيل لها. وكما أنه لم يستطع أحد حتى الآن، رغم كل التقدم التكنولوجي والعلمي الحديث، أن يصنع خمراً جديدة لها نفس خواص وتأثير الخمر العتيق، كذلك لن يستطيع مؤلف - مهما كان علمه الموسيقي وموهبته الفذة- أن يصنع لحناً واحداً له نفس العمق والروحانية والقداسة التي للتسابيح القبطية الخالدة. الطقوس والتسابيح القبطية ليست موسيقى جامدة، بل عبادة حية متجددة، لأن الفاعل في هذه الموسيقى هو الروح القدس، الذي نطق في الأنبياء في العهد القديم، والذي يعمل في كنيسة العهد الجديد. وللتسبيح قصة جميلة نود أن نتتبع فصولها في أسفار الكتاب المقدس. تبدأ هذه القصة من انقطاع التسبيح، بسبب الخطية (في سفر التكوين)، وتنتهي بالتسبيح الدائم بغير انقطاع بسبب البر (في سفر الرؤيا).. مروراً بأحداث جمة في الأسفار المقدسة، تدل على تطور العلاقة بين الله والناس، ممثلة ومبرهنة في التسبيح، ودرجة الدالة بين الله والإنسان. حقاً قيل في إشعياء عن الإنسان: "هذا الشعب جبلته لنفسي. يحدث في تسبيحي"(إش21:43). |
|