عاش في العصر الفاطمي، وكان قسًا عالمًا راهبًا أخذ يتأمل في أحوال الأقباط، وأدرك أنهم في حاجة إلى إبطال بعض عادات دخيلة عليهم، منها مطالبته بحق الخطيب في مشاهدة خطيبته قبل العقد عليها، وألا يكره أحد على الزواج بمن لا يريد. وكان دافعه إلى ذلك علاج كثرة المنازعات الأسرية التي كانت تحدث بين المتزوجين الأمر الذي ربما قاد إلى التسري وظهور مشاكل في مسألة توريث الأبناء من التسري. هذه العادة الخاطئة جدًا التي شاعت بين الأقباط تشبهًا بغيرهم ممن يتزوجون بأكثر من زوجة واحدة. الختان:
صلاح الدين من مخطوط من القرن الخامس عشر
من العادات التي أخذ يقاومها وكانت دخيلة عليهم منذ مجيء العرب إلى مصر مسألة الختان الذي كانوا يحرصون عليه أشد الحرص حتى أنه ما كان يُسمَح للطفل الذكر بالعماد إلا بعد ختانه، وأبان لهم أن الختان ليس فريضة دينية بل مجرد عادة (طبية). موقف الإكليروس منه:
ما فعله لا غبار عليه، لكن رجال الإكليروس تصدوا له وأخذوا يذيعون أن ما يقول به ابن القسطال بدعة، وقد ألّف في ذلك عدة رسائل مثبتًا صحة رأيه. لكنهم أصرّوا على موقفهم منه وقطعوه وطردوه من بينهم وأخرجوه من ديره الذي كان موجودًا بالعدوية بين مصر القديمة وطره. وكان من أفخر الأديرة وكان يقصده كبار الأقباط. وكان بجانبه بستان فسيح جميل أنشأه القس من ماله الخاص، فأخرجوه منه بالقوة ووضع البطريرك يده عليه، فعاش بعد ذلك فقيرًا ذليلًا ومات حزينًا كئيبًا. أما البستان فلم يهنأ به البطريرك، فقد استولى عليه الأمير جبريل بن الخليفة الحافظ ووسّعه وجعله متنزهًا خاصًا به وبالخلفاء الفاطميين بعد أن كانوا يأتون إليه لمجرد الزيارة وينصرفون. وبعد سقوط الفاطميين آل هذا البستان إلى أخي صلاح الدين الأيوبي ويدعى طفتكين، وضم إليه بساتين أخرى مجاورة وكذلك كل الجهة المعروفة بالعدوية وساحل البحر وكانت كلها ملكًا للأقباط وكانت بها كنيسة تسمى كنيسة السودان استولى عليها أيضًا وهدمها. إيمان يهودي:
من مآثر هذا القس أنه بعلمه استطاع أن يقنع أحد كبار اليهود ويدعى الفخر بن زاهر بالديانة المسيحية وذلك بعد مباحثات ومناقشات. وكان هذا اليهودي متفقهًا في أمور دينه. ولما آمن هذا اليهودي بالمسيح انضم إلى الكنيسة القبطية، وتعلم اللغة القبطية وأتقنها، ورُسِم شماسًا على كنيسة حارة زويلة وظل بها حتى مات.