رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المُهَان النفس إننا في تعجب نتساءل: ما هذه المحبة التي جعلت المسيح يُهان من صَنعة يديه؟! لكننا في الوقت نفسه ندرك شيئًا من معنى قول المسيح عن ساعة الصليب «الآن دينونة هذا العالم» ( يو 12: 31). ليس لحظة توقيع الحكم على العالم، فهذه لم تتم بعد، بل إن العالم في الصليب فُضحت سِماته الحقيقية، وتعرَّى من الورقة الأنيقة التي تخفي عيوبه. ففي صليب المسيح اتضح كم العالم واقع بالتمام في قبضة الشيطان الذي جنَّده بالكامل ليصلب ابن الله. لقد ظهر فساد ساسته، وخبث ديانته، واتضح كم العامة والخاصة من البشر هم سواء بسواء! بل اتضح أيضًا بشاعة قلبي وقلبك. فهل رأيت صورتي وصورتك هناك أيها القارئ العزيز؟! يسأل المرنم قائلاً: هل رأيت نفسك فيمن صلبوه؛ نفسك بين الذين قد عذبوه؟! إنها قصة مأساوية حقًا! وإن كنا نندهش من شر الإنسان، فإننا نندهش أكثر من محبة الفادي المنان. تُرى من أي شيء نتعجب أكثر؛ قساوة الإنسان من نحو المسيح، أم محبة الفادي الجريح؟! يقول المسيح: «كل الذين يرونني يستهزئون بي» مَن يصدِّق هذا؛ الأغنياء والفقراء، علية القوم والأدنياء، اليهود والأمم، الواقفون والعابرون، كل مَن يرى مسيح الله يستهـزئ به! «يفغرون الشفاه ويُنغضون الرأس» أي يظهرون حركات استنكار وتهكُّم «قائلين: اتكل على الرب فليُنجهِ، ليُنقذه لأنه سُرَّ به». يا لقساوتكم أيها الرومان! يا لبغيكم أيها اليهود! أما كفاكم قتله مصلوبًا، حتى تضيفون إلى جريمتكم الكبرى جريمة أخرى هي الاستهزاء به؟! بل ويا للعجب، فحتى اللّصان اللذان صُلبا معه كانا يُعيرانه! في أول المزامير المسياوية؛ وهو المزمور الثاني نقرأ شيئًا مختلفًا تمامًا إذ يقول: «الساكن في السماوات يضحك. الرب يستهزئ بهم». فلا بد أن يأتي اليوم الذي فيه يستهزئ الرب بالأشرار الذين رفضوا ابنه. لكننا هنا نرى الأشرار وهم يستهزئون بابن الله! والعبارات التي استخدمها أولئك المستهزئون هي نفس العبارات التي سجلها البشير متى ( مت 27: 43 ). كأن الأشرار كانوا يتممون ما ورد في مزمور22. لقد كانوا يرددون عبارات السخرية القاسية وهم لا يدرون أنهم فعلوا كل ما سبقت فعيَّنت يد الله ومشورته أن يكون ( أع 4: 28؛ 2: 23). |
|