رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خطية الموت التجديف على الروح القدس - دراسة وتحليل (1) كثيرين تحدثوا عن التجديف على الروح القدس ، وبدون دقة أو الرجوع للآباء والتعليم الرسولي المعطى من جيل لجيل ، وأخذوا عل عاتقهم يشرحون ويتكلمون عن هذا ، والبعض قال : أن التجديف على الروح القدس يحدث عندما يعود الذين حصلوا على نعمة الروح القدس في المعمودية إلى الخطية ، وقد اعتمدوا على ما قاله القديس بولس الرسول في الرسالة إلى العبرانيين : " لأن الذين استنيروا مرة و ذاقوا الموهبة السماوية و صاروا شركاء الروح القدس . وذاقوا كلمة الله الصالحة و قوات الدهر الآتي و سقطوا لا يمكن تجديدهم أيضاً للتوبة إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية و يشهرونه . " ( عب 6: 4 – 6 ) ولو أن هذه الكلمات صحيحة ، لماذا القديس يوحنا الرسول يقول : " إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين و عادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل إثم " ( 1يو 1: 9 ) وكلمة سقطوا الذي قالها القديس بولس الرسول ، ليس هي السقوط تحت ضعف ، أو زلة خطية عادية ، أو أي سبب يدل على ضعف الإنسان أو حتى تراخيه أو بعده عن حياة التقوى أو حياته في حالة من الشر والبعد عن وصية الله ... بل كلمة سقطوا هنا موازية تماماً لما قاله الرب يسوع بخصوص " أما من جدف على الروح القدس فلا تُغفر له " ( لو 12 : 10 ) وهي موازية لما قاله القديس يوحنا الرسول : " توجد خطية للموت ، ليس لأجل هذه أقول يُطلب " ( 1 يو 5: 16 ) والكلمة المستخدمة παρπίπτω = الارتداد وبالطبع المقصود ليس أي ارتاد ، بل الارتداد بإرادة واعية وتصميم ، وليس بسبب خيانة الإرادة أو الخوف أو أي ضعف إنساني ( مثل القديس بطرس الرسول الذي أنكر وهو تحت الضعف الإنساني ولكنه يحب المسيح له المجد ، فكان له سند وقوة غفران ) ، بل المقصود الجسارة وعناد القلب بكل تصميم وعزم ، بالنية والقول والتدبير ... مثل يهوذا الذي سقط بالإرادة والنية والقول والفكر والتدبير وخان وباع بيعاً وقبض الثمن ، وسقوطه كان بعيداً عن ربنا يسوع المسيح إله الرجاء والمحبة ، فلم يكن له سند ، لا حب ولا أمانه ولا ثقة لذلك ينطبق عليه وعلى كل من يسير على نفس ذات النهج قول الكتاب المقدس : " لئلا يكون أحد زانياً أو مستبيحاً كعيسو الذي لأجل أكلة واحدة باع بكوريته . فإنكم تعلمون أنه أيضاً بعد ذلك لما أراد أن يرث البركة رُفض ، إذ لم يجد للتوبة مكاناً ، مع أنه طلبها بدموع " ( عب 12 : 16 و 17 ) ونختتم هذا الجزء بقول القديس يوحنا الرسول : " إن رأى أحد أخاه يخطئ خطية ليست للموت يطلب فيعطيه حياة للذين يخطئون ليس للموت، توجد خطية للموت ليس لأجل هذه أقول أن يطلب (( ليُترك لدينونة الله ليحكم فيه الرب ولكن لا يحكم عليه أحد )) . كل إثم هو خطية و توجد خطية ليست للموت " ( 1يو 5 : 16 – 17 ) خطية الموت التجديف على الروح القدس - دراسة وتحليل ، تعليقات القديس أثناسيوس(2) وهناك من قالوا مثل العلامة أوريجانوس : [ أن سبب دينونة هؤلاء ... : الله الآب يحل في كل شيء ويضبط كل الكائنات الحية وغير الحية أي التي لها نعمة العقل والتي ليس لها نعمة العقل . أما الابن فهو يشمل بقوته الذين لهم نعمة العقل فقط مثل الموعوظين والوثنيين الذين لم يأتوا بعد إلى الإيمان . أما الروح القدس فهو يسكن فقط في الذين قبلوه في المعمودية . ولذلك حينما يُخطئ الموعوظون أو الوثنيون فأن خطيئتهم هي ضد الابن فقط ، لأنه هو فيهم ولذلك يمكنهم الحصول على المغفرة عندما يكرمون بنعمة الميلاد الثاني . ولكن حينما يُخطئ المعمد فإن الخطية بعد المعمودية موجهة ضد الروح القدس الذي يسكن في الذين عُمَّدوا ، ولذلك لا مناص من العقاب ] ويقول القديس أثناسيوس الرسولي معلقاً على كلمات العلامة أوريجانوس : [ أما عن نفسي فحسب ما تعلمت ، أعتقد أن رأي كل منهما ( أي العلامة أوريجانوس وثيئوغنوستس من يتفق مع أوريجانوس في نفس الشرح ) يتطلب فحصاً ومراجعة دقيقة لأن كلمات الإنجيل الخاصة بالتجديف عميقة . في الحقيقة واضح أن الابن في الآب وبالتالي فهو في الذين فيهم الآب أيضاً ، . والروح القدس ليس غائباً عن الآب والابن لأن الثالوث القدوس المبارك غير منقسم . وزيادة على ذلك إذا كان كل شيء قد خُلق بالابن ( يو1: 3) وفيه كل الأشياء توجد (كو1: 17) . فهو ليس كائناً خارج الأشياء التي جاءت إلى الوجود بواسطته . فكل المخلوقات ليست غريبة عنه . هو بالطبيعة في كل شيء وبالتالي كل من يُخطئ ويجدف على الابن ، يُخطئ ويُجدف على الآب والروح القدس . ولو كان حميم الميلاد الثاني ( المعمودية ) قد أُعطى باسم الروح القدس فقط لكان من المعقول أن نقول إن الذي عمد إذا أخطأ بعد المعمودية يُخطئ ضد الروح القدس وحده . ولكن لأن المعمودية تُعطى باسم الآب والابن والروح القدس ، فكل مُعمد يقبل المعمودية باسم الثالوث وبذلك يُصبح واضحاً أن كل من يُجدف بعد المعمودية ق جدف على الثالوث القدوس ، وهذا هو التعليم الحقيقي الذي يجب أن نقبله . ولو كان هؤلاء الذين تحدث معهم الرب ، أعني الفريسيين قد قبلوا حميم الميلاد الثاني وحصلوا على نعمة الروح القدس ، لكان التفسير السابق لكل من أوريجانوس وثيئوغنوستس مقبولاً . لأن الرب لم يكن يتكلم مع أُناس ارتدوا وجدفوا على الروح القدس ، لأننا إذا تذكرنا ، فإن هؤلاء الناس – أي الفريسيين – لم يكونوا مُعمَّدين ، بل حتى معمودية يوحنا احتقروها ورفضوها ( مت 21 : 15 – 27 ) . فكيف يُمكن اتهامهم بالتجديف على الروح القدس وهم لم يحصلوا عليه بعد ؟ ولذلك لم ينطق الرب بهذه الكلمات لكي يعلَّم عن الخطية بعد المعمودية ، كما أنه لم يكن كذلك يهدد بعقوبة أولئك الذين سيخطئون في المستقبل بعد المعمودية ، بل قال هذه الكلمات بطريقة مباشرة وصريحة ضد الفريسيين لأنهم أذنبوا فعلاً وسقطوا في هذا التجديف الفظيع . لقد اتهمهم الرب بطريقة واضحة بالتجديف وهم لم يقبلوا المعمودية . إذن فهذه الكلمات ليست موجهة ضد الذين يخطئون بعد المعمودية ، خصوصاً وأن الرب لم يكن يشتكيهم بخطايا عامة ولكن بالتجديف بالذات ، وهناك فرق بين الذي يُخطئ ويتعدى الناموس وبين الذي بسبب كفره يجدف على الله نفسه . وقبل ذلك أتهم الرب الفريسيين بخطايا أخرى مثل محبة المال التي من أجلها أبطلوا وصية الخاصة بالوالدين ، ورفضوا كلمات الأنبياء وجعلوا بيت الله بيت تجارة ، وفي كل هذا أنتهرهم المخلَّص لكي يتوبوا . أما عندما قالوا أنه ببعل زبول يُخرج الشياطين ، لم يقل لهم ببساطة أنهم يُخطئون بل أنهم يجدفون بصورة شنيعة تستوجب العقاب وتجعل المغفرة مستحيلة لأنهم تمادوا إلى حيث لا حدود لخطيئتهم . ] |
|