كان والدا القديسة مريم الحبيسة الناسكة من أشراف مدينة الإسكندرية، وطلبها كثيرون من أولاد عظماء المدينة للزواج فلم تقبل. ولما توفي والداها وزعت كل ما تركاه لها على الفقراء والمساكين واحتفظت بجزءٍ يسير منه، ثم دخلت أحد أديرة العذارى التي بظاهر الإسكندرية، ولبست ثوب الرهبنة، وأجهدت نفسها بعبادات كثيرة مدة خمس عشرة سنة، ثم لبست الإسكيم المقدس وجعلت لباسها من الشعر. الحبيسة:
استأذنت رئيسة الدير وحبست نفسها في قلايتها وأغلقت بابها عليها وجعلت فيها طاقة صغيرة تتناول منها حاجتها الجسدية والروحية. وقد قضت في هذه القلاية اثنين وعشرين سنة، كانت تصوم خلالها يومين يومين، وفي أيام الأربعين المقدسة كانت تصوم وتفطر كل ثلاثة أيام على قليل من البقول المبتلَّة. نياحتها:
في اليوم الحادي عشر من شهر طوبة طلبت قليلًا من الماء المقدس وغسلت يديها ووجهها ثم تناولت من الأسرار الإلهية وشربت من الماء المقدس. ومرضت فلزمت فراشها إلى الحادي والعشرين من شهر طوبة، حيث تناولت الأسرار الإلهية أيضًا واستدعت الأم الرئيسة وبقية الأخوات وودعتهن على أمل أن يفتقدنها بعد ثلاثة أيام. فلما كان اليوم الرابع والعشرون من شهر طوبة افتقدنها فوجدنها قد تنيحت بسلام. فحملنها إلى الكنيسة وبعد الصلاة عليها وضعنها مع أجساد العذارى القديسات.