عاش في القرن الثاني عشر ورسمه أسقف دمياط كاهنًا إحدى بلاد الصعيد وكان حائزًا على قسط من العلوم والمعرفة فضلًا عن معرفة اللغتين العربية والقبطية، وكان يحسن اللغة اليونانية، فترجم منها بعض الكتب ونقلها إلى العربية وألَّف أيضًا جملة كتب نادى فيها بمبادئ مخالفة لمبادئ الكنيسة المرعية، فجاهر بعدم فائدة البخور. وطلب الأساقفة والشعب من البابا يوحنا الخامس أن يحرمه، فتمهل عليه لعله يرجع عن غيه، ولكنه سمع عنه فيما بعد أنه ترك زوجته وصار راهبًا طمعًا في الحصول على رتبة الأسقفية، فتأكد البطريرك من سوء تصرفه وحرمه وقطعه من شركة الكنيسة، فلم يبالِ بذلك بل دأب على القيام بالوعظ والتبشير، ولما كان يتبعه كثيرون قاوم أيضًا عادة الختان بحجة أنها خاصة باليهود لا المسيحيين. لما تبوأ البابا مرقس بن زرعة الكرسي البطريركي كتب إليه أساقفة وعلماء الصعيد يرجون منه أن يتلافى الخطر المحدق بالكنيسة من جراء الفتن التي يجتهد مرقس في إيقاظها، فاستقدمه البطريرك ونصحه فقبل النصيحة واعترف بخطئه فحله من حرمه ورجع إلى بلدته.ولكنه عاد إلى سيرته الأولى، فلما رأى البطريرك ذلك عقد مجمعًا من 60 أسقفًا وافق فيه على حرمه وتجريده من رتبته الكهنوتية.
. فطلب مرقس من الحكومة المصرية أن تنظر في دعواه، فرغب الحكام أن يتداخلوا في أمره ولكن البطريرك والأساقفة أبوا بالكلية قبول طرح المسألة أمام الحكام وارتضوا بتحكيم الأب ميخائيل بطريرك إنطاكية، فسعى هذا جهده لإيجاد الصلح ولكنه لم يفلح. وبعد ذلك رأى مرقس بن قنبر أن يرتمي في أحضان الكنيسة الملكانية وكانت حينئذ ضعيفة النفوذ فرجع مرقس منها بعد قليل نادمًا طالبًا من البطريرك أن يقبل توبته، ولكن الأقباط ازدروا به لكثرة تلونه، وكان أتباعه قد رجعوا إلى كنيستهم الأصلية فعاد ثانية إلى الكنيسة الملكانية ولكنها لم تقبله لعدم ثباته فبقى مدة حياته مطرودًا.