في القرن السابع عشر الميلادي كانت كتيفان ملكة جورجيا قد بلغت الخامسة والثلاثين من عمرها. هجم "الشاه عبّاس العظيم" - وهو ملك من بلاد فارس - على جورجيا، وقد اتسم بالشراسة والطغيان والتعطش إلى سفك الدماء. سقطت الملكة أسيرة بين يديه فاعتقلها وعرض عليها أن تنكر مسيحها، مقدمًا إغراءات كثيرة فرفضت. سجنها في جناح خاص بقلعة مُحكمة لمدة عشرة أعوام كاملة بعيدة عن بلادها، وكان معها في القلعة كاهن تقي يُدعى هرقل وفتاة من الأشراف تُدعى تامار. فرحها بالاستشهاد:
سمع أحد الشبان أن الشاه عباس قادم إلى الملكة يعرض عليها ترك الإيمان أو التعذيب حتى الموت. دفع الشاب مبلغًا من المال لدى أحد الحراس لكي يلتقي بالكاهن هرقل ويخبره بما سمعه. حزن الكاهن لكنه امتلأ رجاءً في الرب الذي يعين وقت التجربة. نقل الكاهن الخبر للملكة التي فرحت جدًا كمن ينال إكليلًا، ومتهللة لأنها تشارك مسيحها آلامه. لقاء مع الجماهير:
أمام القلعة تجمهر شعب كثير ليرى الملكة وقد أُعد لها أتون نار عظيم. انفتح باب القلعة وخرج موكب الملكة يتقدمه عدد كبير من الحرس المدجّج بالأسلحة، ومعها الكاهن التقي وخلفهما جند كثيرون للحراسة. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء). تطلّعت الجماهير إلى الملكة وقد ارتدت فستانًا أبيض وهي مقيدة بسلاسل الحبس. تقدمت بخطوات ثابتة بلا اضطراب. ساد الساحة صمت رهيب. أمرها الوالي جنجر خان أن تنكر مسيحها كأمر موكله الشاه عبّاس وإلا تنال عذابات حتى الموت. أما هي فأعلنت إيمانها بالسيد المسيح، مجاهرة مستخفة بكل أنواع العذابات. صدر الأمر بنزع ثوبها، وفي صوت خافت طوّبها الكاهن هرقل قائلًا لها: أنها تشارك مسيحه عُريه. كانت الملكة كتيفان تصلي بحرارة طالبة عونًا من السماء، وشاركها في ذلك الكاهن والمؤمنون الحاضرون. سحب الجنود مسامير محماة بالنار ووضعت بجوار بعضها، ثم ألقى الجنود الملكة على المسامير، ولم يصدر منها إلا تأوّهات خافتة.تكرر هذا العمل الوحشي عدة مرات، ثم وضعوا تاجًا محمى بالنار على جبهتها ففاضت روحها بين يدي مخلصها.