كان إيليا في طريقه الى بريه دمشق ... كان مكلفاً بمجموعة من الأوامر الإلهية ... كان عليه أن يفعلها قبل أن يحيل نفسه إلى التقاعد...
هو طلب من السيد الرب أن يتقاعد وتتوقف خدمته عند هذا الحد ... واستجاب الله له، ولكن كان عليه أن يتمم آخر مسؤولية,
وهو مسح بعض الملوك كتبديل للمراكز القيادية،
وكذلك مسح نبي آخر يستكمل المسيرة التي بدأها...
وها هو الآن في الطريق الى برية دمشق ليمسح ملك آرام.
كان بداخل ايليا مشاعر شتى ... كان رأسه يدور من الأحداث التي واجهته في مواجهة أجناد الشر...
كانت مشكلة إيليا أنه طوال الوقت يشعر أنه يحارب بمفرده.
فبعد أن سيطرت عبادة البعل على المملكة بعد دخول ايزابل الملكة الشريرة الحكم، تلك المرأة التي تزوجها آخاب ملك إسرائيل والتي كان كل قلبها وكيانها متجهاً للبعل سيدها الحقيقي ومليكها
ومن وقتها رأي إيليا خيرة شباب اسرائيل يتبعون " الموضة الجديدة" وهي عبادة البعل.
بل ويمتهنونها إذ كثير منهم تقدم لمدرسة الأنبياء... ليتخرج منها كاهنا للبعل!!! بدلاً من ان يكون خادماً لله الحي.
كيف لا يعبد شباب اسرائيل ذلك الاله الذي يغذي شهواتهم ويقضون الوقت بالاستمتاع بكل وسائل المتع ...
أليس هو الأجدر بعبادته أفضل من ذلك الإله الذي يفرض الطهر والنقاء والقداسة شرطاً لإتباعه!!!...
في هذا الجو عاش ايليا سنوات خدمته.
من جديد كان إيليا يتذكر كيف شعر انه وحده في تلك المواجهة ...
رأى منظره وهو يواجه أربعمائة من الكهنة وهو يقول بصوته الجهوري " ....
إلى متى تعرجون بين الفرقتين إن كان الرب هو الله فاعبدوه وان كان البعل فاعبدوه"
1مل 18: 21 "
ولكنه لم يجد أحد يؤيده بكلمة واحدة ...
كلمة تشجيع ... كلمة بها يشعر أن معه أحد يناصره ويقف إلى جانبه ...
نعم كان معه غلامه الذي يسمع كلامه ويؤتمر بأمره... ولكن هل هذا يكفي؟!!
أيضا كان يعرف عن عوبديا رجل الله الذي استقبله خائفا مضطربا, وما أن أرسله برسالة الى الملك حتى وجده وقد سقط قلبه بين قدميه من الخوف ...
وعند مواجهته لأنبياء البعل لم يكن واقفا بجانبه ... سواء هو أو المائة نبي الذي كان يخفيهم من أعين ايزابل ...
حتى عندما انتصر السيد الرب من خلاله وتمكن أن يذبح كل كهنة البعل لم يجد من يهلل له ويفرح لنصرته
كان يظن ان بانتصاره تكون شوكة الملكة الشريرة الفاسدة قد كسرت بعد هذا النصر العظيم ...
وكان يظن أن الشعب سينهض من كبوته ويقول أخطأنا في حق اله اسرائيل وعوجنا المستقيم ...
نعود ونرجع الى الرب خالقنا ...
ولكن هذا لم يحدث ... ولم يستمع إلا الى صوت ايزابل الذي ظل عاليا يهدده ويتوعده.
من المؤمنين
لا يوجد رد فعل
لايوجد شعور بالانتصار
لا يوجد من يعلن أنه معه
....
بدأ وحده
وانتصر وحده
وبقي وحده
والصوت الذي علا كان صوت الشر
عندها شعر ايليا بالفشل وطلب الموت لنفسه ليفاجأ بإعلان الله له ...
"يوجد في إسرائيل سبعة آلاف ركبة لم تسجد للبعل"
أين هم هؤلاء السبعة آلآف ...
لماذا لم يصافحونه ... لماذا لم يبتهجون ...
لماذا اختفوا عن المشهد ...
ربما بوجودهم جانبه كانت اختفت تلك الروح اليائسة ...
لقد طلب ايليا احالته على المعاش لهذا السبب ...
أنه كان وحده
ثلاث سنوات ونصف مختبيء, لا يعرف إن كانت عبادة الله موجودة أم اندثرت...
وعندما خرج وجد نفسه وحيداً... لم يستمع إلا الى عبارة آخاب الملك
"أأنت مكدر إسرائيل"
وفي المقابل لم يستمع لأي صوت آخر يشجعه...
لذلك ظل وحيداً طوال الوقت ...
وحيداً حتى وهو يحتفل بانتصاره ...
لذلك لم يستمتع بحلاوة ذلك انتصار
التشجيع: الكلمات التي تحث على الاستمرار ...
لماذا يبخل بها الناس ... أين هم السبعة آلاف ركبة التي لم تنحن لبعل ...
أين هم منه ... لماذا لم يراهم ...
لماذا لم يشجعوه
سؤال لم يجد له اجابة
ومضى إيليا ليتمم مهمته الأخيرة
ويصعد إلى سيده إلهه ...
لينال التشجيع والتقدير المناسب
بعد أن بخل عليه سبعة آلاف شخص
رفضوا أن يتفوهوا له بكلمة واحدة.