![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() أما الألسن فهي مرتبطة بالله، بلغته الإلهية، لغة التحدُّث بالعظائم والعجائب والآيات، لغة عبَّر عنها الرسل منشدين بعمل الروح دون أن تكون للآخرين إمكانية فهمها . وقد شهد القديس بولس في رسالته إلى أهل قورنتس أنه يملك هذه الموهبة (1 قور 14: 18). وهكذا، فإن ألسنة الرسل ولغاتهم إلتقت في العنصرة مع بعضها البعض بقوة الروح القدس الذي وحده القادر أن يعطي كامل الفهم والوعي والحكمة والمعرفة للمؤمنين به. نال الرسل بصعود الرّبّ إلى السماء وهبوط الألسنة عليهم، قوة الروح وسلطان السماء ومجد الملكوت، فتمكّنوا من أن يكونوا رسلاً لا يهابون الموت حباً بمعلمهم وربِّهم يسوع المسيح. هؤلاء الذين مجّدوا الله بألسنتهم وإيمانهم، مجّدهم الله بالسلطان المعطى لهم، فغدوا في عالم الأرض شهوداً لعالم السماء. بدّلت قوة الروح فكرهم، فغدا فكر السماء على الأرض. بشَّروا به، عانوا من أجله ودفعوا الثمن غالياً. وها بولس الرسول يشهد مفتخراً بالقول: "أما نحن فعندنا فكر المسيح" (1 قور 2: 16). هذا الفكر الخلاصي حرّرهم من قيودهم الضيِّقة وعالمهم المحدود ومكَّنهم من العيش في سماء ربهم الذي اصطفاهم ونقّاهم وثبّتهم وقدّسهم. عاش الرسل حالة "التكلم بالألسنة" ، فأدهشوا مِنْ حولهم عارفيهم وسامعيهم، وأيقظوا بصيرتهم فأدركوا أنَّ مَنْ استقرت عليهم الألسنة هم من الأرض وليسوا لها، ولن يكونوا منها بعد اليوم. ثبّت أبناء الروح هؤلاء، عالم الملكوت في عالم الأرض بقوة وسلطان ، فغفروا وأمسكوا خطايا، شفوا مرضى وأقاموا موتى، زارعين في النفوس كلمة الحياة بدلاً من الخطيئة والموت. هؤلاء هم الرسل الذين استقرت عليهم الألسنة وأصعدهم الله إلى ملكوته. وبعد، نتساءل بأيّة ألسنةٍ تتكلم إنسانية اليوم ؟ هل تتكلم بألسنتها المتحركة عبر النهار والليل ضمن حراكٍ مساحاته محدودة ومؤقتة؟ أم أنها تتكلم بالألسنة ذاتها فتهدي من حولها النفوس؟ يدل الواقع المنظور أن إنسانية اليوم تعيش بأغلبيتها عالم الخطيئة معتبرة إياه جزءاً لا يتجزأ من مسيرة حياتها على الأرض. والأخطر، لم تعد تشعر أنها خاطئة، لم تعد تنظر وتحكم وتعمل كما أنها لم تعد تمتلك الحس الكنسي. تتكلم هذه الإنسانية عن حضارة الموت والدمار الشامل ظنّاً منها أنها تبني العالم الجديد، المتحضِّر، الحرّ غير الخاضع لقيود. تتلكم متناسية حضارة المحبة، ألسنة النار والنور والحق والحياة والقيامة والصعود، والشوق للجلوس عن يمين الله لتشرب معه الخمرة الجديدة في الملكوت. تتكلم هذه البشرية التعسة متناسية واقع بعدها عن الله، غير واعية أنه بات عليها أن تعيش كلمة الخلاص لتحيا وتخلص. |
|