منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 26 - 04 - 2025, 12:44 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,317,127

لَمَّا سَمِعَ أَلِيشَعُ رَجُلُ اللهِ أَنَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ قَدْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ


الحاجة إلى الأردن

8 وَلَمَّا سَمِعَ أَلِيشَعُ رَجُلُ اللهِ أَنَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ قَدْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ، أَرْسَلَ إِلَى الْمَلِكِ يَقُولُ: «لِمَاذَا مَزَّقْتَ ثِيَابَكَ؟ لِيَأْتِ إِلَيَّ فَيَعْلَمَ أَنَّهُ يُوجَدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ». 9 فَجَاءَ نُعْمَانُ بِخَيْلِهِ وَمَرْكَبَاتِهِ وَوَقَفَ عِنْدَ بَابِ بَيْتِ أَلِيشَعَ. 10 فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَلِيشَعُ رَسُولًا يَقُولُ: «اذْهَبْ وَاغْتَسِلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الأُرْدُنِّ، فَيَرْجعَ لَحْمُكَ إِلَيْكَ وَتَطْهُرَ». 11 فَغَضِبَ نُعْمَانُ وَمَضَى وَقَالَ: «هُوَذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَخْرُجُ إِلَيَّ، وَيَقِفُ وَيَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِهِ، وَيُرَدِّدُ يَدَهُ فَوْقَ الْمَوْضِعِ فَيَشْفِي الأَبْرَصَ. 12 أَلَيْسَ أَبَانَةُ وَفَرْفَرُ نَهْرَا دِمَشْقَ أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ مِيَاهِ إِسْرَائِيلَ؟ أَمَا كُنْتُ أَغْتَسِلُ بِهِمَا فَأَطْهُرَ؟» وَرَجَعَ وَمَضَى بِغَيْظٍ. 13 فَتَقَدَّمَ عَبِيدُهُ وَكَلَّمُوهُ وَقَالُوا: «يَا أَبَانَا، لَوْ قَالَ لَكَ النَّبِيُّ أَمْرًا عَظِيمًا، أَمَا كُنْتَ تَعْمَلُهُ؟ فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِذْ قَالَ لَكَ: اغْتَسِلْ وَاطْهُرْ؟». 14 فَنَزَلَ وَغَطَسَ فِي الأُرْدُنِّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، حَسَبَ قَوْلِ رَجُلِ اللهِ، فَرَجَعَ لَحْمُهُ كَلَحْمِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ وَطَهُرَ.

وَلَمَّا سَمِعَ أليشع رَجُلُ الله أَنَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ قَدْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ،
أَرْسَلَ إِلَى الْمَلِكِ يَقُولُ:
لِمَاذَا مَزَّقْتَ ثِيَابَكَ؟
لِيَأْتِ إِلَيَّ، فَيَعْلَمَ أَنَّهُ يُوجَدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ. [8]
تمزيق الإنسان ثيابه يشير إلى الحزن الشديد، كما إلى الشعور بالعجز عن تحقيق ما يُطلب منه.
v كان البهي مملوءًا بالروح القدس، كاشف الأسرار.
استند على إعلانات النبوة، وكان يجتر القداسة والنقاء ويمضغهما.
سهل عليه أن يداوي الأمراض، ويصنع القوات، ويواسي الضعفاء، ويفرّج عن المجروحين.
كان اسم جبروته مشهورًا بين العبرانيين، وأخباره الحسنة أقلقت أرض الأراميين.
قوة الشفاء صارت كالينبوع، فجرى وسقى الإسرائيليين، وفاض ليسقي الأراميين.
القديس مار يعقوب السروجي

فَجَاءَ نُعْمَانُ بِخَيْلِهِ وَمَرْكَبَاتِهِ،
وَوَقَفَ عِنْدَ بَابِ بَيْتِ أليشع. [9]
يصوِّر لنا القديس مار يعقوب السروجي المرضى من فقراء وأغنياء يلجأون إلى أليشع، ويقفون على بابه طالبين الشفاء. كان نعمان يتوقع معاملة خاصة كرئيس جيشٍ. وفوجئ بأليشع لم يخرج إليه ليستقبله.
لم يلتقِ أليشع النبي بنعمان الأبرص، ربما خشية أن يتنجس، لأن هذا المرض يحمل نوعًا من النجاسة في نظر الشريعة [13]. ويُقدِّم لنا القديس مار أفرام السرياني سببًا آخر لعدم خروجه إليه.
v الآن يثور سؤال: لماذا منع أليشع نعمان من رؤيته، ولم يسمح له بالدخول في بيته؟
في الدرجة الأولى، لأنه خدم بنهدد (1 مل 20: 1-43) في حروبه. بالحقيقة عرف النبي أن ملك أرام قتل الكثيرين من بني إسرائيل، وكيف خرَّب أرضهم، وتلطّخت يداه بالدم البريء، إذ كان هو قائد الجيش، وكان له سلطان كامل على الأراميين.
في الدرجة الثانية، لأنه كان قد فسد بالبرص، والنبي يعلم أن الشريعة تطلب عدم الاقتراب أو لمس الأبرص.
القديس مار أفرام السرياني
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أليشع رَسُولاً يَقُولُ:
اذْهَبْ وَاغْتَسِلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الأُرْدُنِّ،
فَيَرْجِعَ لَحْمُكَ إِلَيْكَ وَتَطْهُرَ. [10]
يُحسب هذا الطلب دعوة لنعمان أن يتواضع، وألا يثق إلا في الله نفسه [15].
يرى العلامة ترتليان أن نزوله في النهر سبع مرات يشير إلى تلوثه بسبع خطايا مميتة، وهي العبادة الوثنية والتجديف والقتل والزنا والنجاسة وشهادة الزور والغش. وكأنه في كل مرة يغطس يتطهر من خطية ما بالترتيب.
v أعلن أليشع النبي مُقدمًا عن غنى مياه المعمودية غير الموصوف. وفي نفس الوقت أشار إلى أنه سيمتد إلى كل الذين يرغبون في قبول الإيمان، فقد أرسل نعمان الأبرص الذي كان غريبًا الذي طلب الشفاء، وأمره أن يغطس سبع مرات في الأردن.
لقد أوضح له أنه يلزمه أن يغطس سبع مرات، لكي يتعلَّم هذا الغريب أن الله استراح في اليوم السابع، أو لأنه كان يشير إلى الروح الإلهي بطريقة رمزية.
القديس ديديموس الضرير

فَغَضِبَ نُعْمَانُ وَمَضَى، وَقَالَ:
هُوَذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَخْرُجُ إِلَيَّ وَيَقِفُ،
وَيَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِهِ،
وَيُرَدِّدُ يَدَهُ فَوْقَ الْمَوْضِعِ،
فَيَشْفِي الأَبْرَصَ! [11]
ربما حسب نعمان أن تصرُّف أليشع ومشورته يحملان مهانة لقائد عظيم مثله، وأن طلبه غير منطقي، لأنه ماذا يكون نهر الأردن بمقارنته بنهري دمشق أبانة وفرفر [12].
يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن من يعاني من متاعب يطلب بطريق أو آخر علامات منظورة ومحسوسة[12].
لم يكن أليشع رجلاً متكبرًا، بل بالعكس لم يخرج من البيت ولم يمس نعمان، لأنه أراد أن يوجِّه أفكار نعمان إلى الرب أنه هو الذي يشفيه، ولكي يُقدِّم للبشرية درسًا إيمانيًا عن العماد وقبول الأمم كأعضاء في كنيسة الله.
v لم يتحرك أليشع ليرى نعمان، فمع إدراكه أن نعمان قد تعثر لعدم خروجه واللقاء معه –ملاحظًا دقة الناموس– فقد بقى في بيته، وأرسل نعمان إلى نهر الأردن ليغتسل. أما الرب (فعند شفائه للأبرص) فلكي يشير إلى أنه يشفيه لا كخادمٍ بل بكونه السيد المطلق قام بلمس الأبرص (مت 8: 2-3). فإن يده لن يلحقها دنس من البرَص، إنما يتطهر الجسم الأبرص ويتجدد بيده المقدسة. فإنه كما نعلم جاء لا ليشفي الأجساد فحسب، بل ويقود النفوس إلى ضبط النفس.
القديس يوحنا الذهبي الفم
v إنه ليس بالأمر العجيب أن يكون له هذه الأفكار ويثور، فإنه إذ سمع بأذنيه وزن كلمات النبي. الرجل الذي كان عمله في الجيش لم يكن قادرًا أن يتلامس مع السرّ المخفي لهذا الشفاء غير الطبيعي.
القديس مار أفرام السرياني
v نعمان في غضبٍ، لم يرَ أُردُنَنا الذي يطهِّر الذين تدنَّسوا بالبرص، أي من هذا الدنس، وواهب الصحة. إنه الأردن هو الذي فعل هذا (يطهر من البرص) وليس النبي. عمل النبي أن يوجِّه إلى مركز الشفاء. نعمان لعدم فهمه للسرّ العظيم الذي للأردن يقول: هوذا قلت إنّه يخرج إليّ ويقف ويدعو باسم الرّبّ إلهه، ويردّد يده فوق الموضع، فيشفي الأبرص! [11]... فإن وضع اليد على البرص والتطهير منه هذا من اختصاص ربنا يسوع وحده (مت 8: 1-3)، توسل إليه الأبرص بإيمان: "إن أردت تقدر تطهرني". لم يقل: "أريد فتطهر" فقط، إنما أضاف إلى الكلمة أنه لمسه، فبرأ من البرص. كان نعمان مخطئًا، ولم يرَ كيف أن كل الأنهار الأخرى أقل من الأردن لشفاء الأمم.
العلامة أوريجينوس
يُكمِّل العلامة أوريجينوس حديثه موضحًا امتياز نهر الأردن عن بقية الأنهار، فإنه لا يوجد غير الأردن قادر على التطهير من البرَص. فعلى أنهار بابل جلس الإسرائيليون وتذكروا صهيون، وهناك بكوا. لقد سُبوا إلى بابل، وتذوقوا مياه غير مياه الأردن المقدسة، فاشتاقوا إلى نهر الخلاص. لقد جلسوا ولم يقدروا أن يقفوا، ويوبخ إرميا النبي مَن يشرب من مياه شِيحُور (إر 2: 18).
شتان ما بين فكر الله وفكر الإنسان. يظن الإنسان أنه قادر أن يحقق كل شيءٍ بما له، بينما يُقدِّم الله لنا خلاصه لكي نشبع ونتمجد بنعمته المجانية (إش 1:55؛ رو 24:3؛ رؤ 17:22). يريد الإنسان أن يختار وسائل الخلاص حسب هواه، ويريدنا الله أن نُسلِّم حياتنا وإرادتنا في يديه. يرى الإنسان أن طريق الخلاص صعب أو مستحيل، أما الله فيرى أن طريق الخلاص بسيط كالغسل في نهر الأردن المُقدَّم لكل نفسٍ مشتاقة إليه.
لم يخرج أليشع ليلتقي بنعمان تكبرًا منه، وإنما ليوجه أفكار نعمان إلى الرب لا إلى شخصه، ليعلم أن الشفاء من عند الرب.
v يمكن لله أن يهبنا ما يبدو لنا مستحيلاً. فقد بدت المياه عاجزة عن أن تغسل الخطية. وظن نعمان السرياني أن برصه لا يمكن أن يزول بالماء. لكن ما هو مستحيل يجعله الله ممكنًا، هذا الذي وهبنا نعمة عظيمة.
القديس أمبروسيوس
v سمع نعمان الأبرص قائد جيش بني عيسو بخبره، أنه يسهل عليه شفاء البرص.
أشرق اسمه في البلاد كالشمس، وتجمع كل المرضى من كل الجهات عند بابه.
أتى نعمان الأرامي مع الكثيرين، لينزع عنه قميص البرَص بواسطة أليشع.
أتى قائد الجيش اللابس البرَص، ووقف على بابه، وتوسل ليشفيه أليشع.
أرسل النبي العجيب، وقال له: اغتسلْ في الأردن سبع مرات فتطهر.
غضب نعمان، واحتقر الكلمة التي سمعها، وخرج غاضبًا ومنتقدًا، ثم غادر الموضع.
كان منتقدًا، قال: لماذا لم يخرج إليّ ويشفي مرضي؟
لا تنقص الأنهار في أرض أرام، لو كان الأمر هكذا، أمضى وأَغتسل فأطهر.
القديس مار يعقوب السروجي



أَلَيْسَ أَبَانَةُ وَفَرْفَرُ نَهْرَا دِمَشْقَ أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ مِيَاهِ إِسْرَائِيلَ؟
أَمَا كُنْتُ أَغْتَسِلُ بِهِمَا فَأَطْهُرَ؟
وَرَجَعَ وَمَضَى بِغَيْظٍ. [12]
أبانة: نهر بردَى الحالي Barada، ومنبعه من الجبل الشرقي. ويُظَن أن النهر الآخر فرفر، هو الأعرج الذي يخرج من جبل الشيخ. ويجري نهر أبانة في وسط دمشق. هذان النهران يمدان الأراضي الواقعة حول دمشق بمائهما الغزير، ويجعلان تلك البقاع من أخصب أراضي العالم. بعكس أنهر إسرائيل ويهوذا التي تجري أكثرها في أودية عميقة صخرية.
v عندما بدأ يفكر في نفسه أن لديه في بلده مياهًا أفضل، والتي غالبًا ما كان يستحم بها ولم تطهره من برصه. بتذكره هذا لم يطع أمر النبي، ولكن بناء على نصيحة خدمه وحثِّهم له خضع وغطس. وإذ تطهر أدرك أنه ليست المياه التي تطهر الإنسان، بل النعمة.
v يبدو أنه من الاستحالة للماء أن يغسل الخطايا، وظن نعمان السرياني أن البرص لا يمكن أن يُطهر بالماء. لكن ما كان مستحيلاً، يجعله الله الذي يهبنا نعمة عظيمة ممكنًا. نفس الشيء يبدو مستحيلاً أن تُغفَر الخطايا بالتوبة، لكن المسيح أعطى هذا السلطان لرسله، والذي انتقل خلال العمل الكهنوتي، بهذا صار ما كان مستحيلاً ممكنًا.
القديس أمبروسيوس
فَتَقَدَّمَ عَبِيدُهُ وَكَلَّمُوهُ وَقَالُوا:
يَا أَبَانَا، لَوْ قَالَ لَكَ النَّبِيُّ أَمْرًا عَظِيمًا أَمَا كُنْتَ تَعْمَلُهُ،
فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِذْ قَالَ لَكَ: اغْتَسِلْ وَاطْهُرْ؟ [13]
انصرف نعمان ساخطًا، فقد عاش كل أيامه يحمل بطولة في حياته ومعاركه، فاستصغر أن يُشفَى بعلاجٍ بسيطٍ. إنه لم يقبل علاج الإيمان البسيط. هذا هو موقف الكثيرين، إذ يرفضون عطية الله المجانية، الإيمان البسيط. لا يثقون أن مسيحنا قادر أن يغسل ويُقدِّس، بل ويهب البنوة في مياه المعمودية.
v عندما سمع نعمان أنه يلزمه أن يغتسل في الأردن سبع مرات كان ناقمًا، ولم يرد أن ينصاع للأمر، لكنه سمع مشورة أصدقائه، وقبل أن يغتسل ويتطهر. هذا يعني أنه قبل صليب المسيح. لم يؤمن الأمم بالمسيح عندما تحدث بشخصه، لكن بعد ذلك جاءوا بروح التقوى إلى سرّ العماد بعد كرازة الرسل...
أضف إلى هذا حقيقة عدم لمس أليشع لنعمان نفسه أو تعميده، يظهر أن المسيح لم يأتِ للأمم بنفسه، بل خلال رسله الذين قال لهم: [اذهبوا عمدوا كل الأمم باسم الآب والابن والروح القدس] [راجع مت 19:28].
لاحظ أيضًا أن نعمان، رمز الأمم، استرد صحته في نفس النهر الذي فيه قدس الله عماده فيما بعد...
الحقيقة بأن نعمان اعتقد بأنه كان يمكن أن يسترد صحته من خلال أنهره [12]، تشير إلى أن الجنس البشري ظن أن يعتمد على إرادته واستحقاقاته الذاتية، ولكن بدون نعمة المسيح لا تقدر استحقاقاتهم أن تعطيهم صحة.
الأب قيصريوس أسقف آرل
v أن لكي يتطهر نعمان من مرضين، مرض النفس وذاك الذي للجسد، كان من الضروري أن يُمثل في شخصه تطهير كل الأمم خلال غسل التجديد، الذي يبدأ في نهر الأردن، بكونه والد المعمودية ومنشئها.
القديس مار أفرام السرياني

فَنَزَلَ وَغَطَسَ فِي الأُرْدُنِّ سَبْعَ مَرَّاتٍ حَسَبَ قَوْلِ رَجُلِ الله،
فَرَجَعَ لَحْمُهُ كَلَحْمِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ وَطَهُرَ. [14]
مع غيظه لأنه حسب النبي لم يهتم به، وأن ما طلبه منه أمر يبدو غير معقول، لكنه في وداعةٍ استمع لرأي عبيده الحسن ولم يُصر على غيظه.
اتسم نعمان بقلب طفلٍ سريع الغضب وسريع الرجوع عنه، لم يُصر على غضبه، بل قبل مشورة عبيده الذين وجدوا فيه أبوة، فكانوا يدعونه "أبانا".
"نزل وغطس": نجح في امتحان الإيمان، فحتى الغطسات الست الأولى لم يشعر بأي تغيير فأطاع، وفوجئ في الغطسة السابعة بشفائه. لقد نزل في مياه الأردن، كما نزل أيضًا عن غيظه وكبريائه.
في هجوم العلامة ترتليان على مرقيون الذي كان يحتقر المادة ويرفض أن يدعو السيد المسيح الخالق. كأغلب الغنوسيين يرى فيه أعظم من أن يكون خالق للمادة، يرى في أليشع النبي رمز المادة (مياه الأردن) شفاء نعمان السرياني، وطلب أن يغطس سبع مرات. هذا عمل الخادم أليشع، فكم بالأكثر يكون عمل سيده "ربنا يسوع المسيح" الذي هو الخالق للمادة ويشفي بكلمته.
خلال الفداء يتمتع بميلاد جديد، ويصير المؤمن خليقة جديدة على صورة خالقه، يصير ابنًا لله في مياه المعمودية، باتحاده بالابن الوحيد الجنس، يصير نعمان الجديد، الذي قيل عنه: "فنزل وغطس في الأردن سبع مرات حسب قول رجل الله، فرجع لحمه كلحم صبي صغير وَطَهُرَ" [14]. يتحقق فيه قول السيد المسيح لنيقوديموس: "الحق الحق أقول لك، إن كان أحد لا يُولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو، والمولود من الروح هو روح" (يو 3: 5-6).
v لم يتطهر أحد إلا نعمان السرياني الذي ليس من إسرائيل.
انظر، إن الذين يغتسلون بواسطة أليشع الروحي الذي هو ربنا ومخلصنا يتطهرون في سرّ المعمودية ويغتسلون من وصمة الحرف (الذي للناموس).
لقد قيل لك: قم، اذهب إلى الأردن، واغتسل، فيتجدد جسدك. لقد قام نعمان وذهب واغتسل رمزًا للمعمودية، فصار جسمه كجسم صبي صغير. من هو هذا الصبي؟ إنه ذاك الذي يولد في جرن التجديد.
العلامة أوريجينوس
v تطهير السرياني دون الإسرائيليين له مغزاه في كل أمم العالم، لتطهيرهم في المسيح نورهم (لو 2: 32)، فيُنقعون كمن كانوا في دنس سبع خطايا مميتة: عبادة الأوثان، التجديف، القتل، الزنا، الفسق، شهادة الزور، والغش.
اغتسل في الأردن سبع مرات، كما لو كان مرة عن كل خطية. كل منها لأجل الاحتفال بالتكفير عن سبعة كاملين، ولأن عمل المعمودية الواحدة الكامل ينسب بمهابة إلى المسيح وحده، الذي كان له أن يؤسس يومًا ما على الأرض ليس فقط إعلانًا، بل معمودية تهب فعَّالية مختصرة

العلامة ترتليان

vليس بلا سبب تطهر نعمان القديم المصاب بالبرص بالعماد، إنما كان ذلك إشارة إلينا. فكما نحن كنا مصابين بالبرص بالخطية، وعاجزين عن التطهير، فبالمياه المقدسة واستدعاء الرب نُطهَّر من معاصينا القديمة؛ إذ نتجدد روحيًا كأطفالٍ مولودين حديثًا. وذلك كما أعلن الرب: "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو 3: 5).
القديس إيريناؤس
v بالذبيحة العجيبة أعلن إيليا بوضوح لنا عن طقس العماد السرائري الذي كان يليق أن يؤسَس فيما بعد. فإن النار أُشعلت بالماء المنسكب ثلاث مرات عليها، حتى أنه من الواضح حيث يوجد الماء السري يوجد الروح المُلتهِب الدافئ المشتعل الذي يحرق الأشرار وينير المؤمنين. نعم، فإن تلميذه أليشع أيضًا عندما جاء إليه نعمان السرياني المصاب بالبرص، كمن يتوسل، طهر المريض بغسله في نهر الأردن (2 مل 5)، مشيرا بوضوح إلى ما يحدث بعد ذلك، باستخدام الماء على وجه العموم والغطس في النهر على وجه خاص. فالأردن وحده من بين الأنهار تقبَّل فيه باكورة التقديس والبركة، مانحًا ذلك في قناته إلى كل العالم، كما من ينبوع في الرمز الممنوح له نعمة العماد. هذه إذن إشارات عن عمل الميلاد الجديد في العماد.
القديس غريغوريوس النيسي
v ليست (بركة) سلوام هي التي فتَّحت عيني الأعمى (يو 9: 7)، كما أنه ليست مياه الأردن هي التي طهَّرت نعمان [14]. إنه أمر الرب هو الذي فعل هذا. هكذا أيضًا ليست مياه الكفارة هي التي تطهرنا، بل بالحري الاسم الذي يُنطَق به علينا يهبنا الكفارة.
القديس مار أفرام السرياني
v غطس السرياني سبع مرات تحت الناموس، أما أنتم فاعتمدتم باسم الثالوث.
لقد اعترفتم بالآب. تذكروا أنكم فعلتم هذا، اعترفتم بالابن، واعترفتم بالروح القدس.
لاحظوا تدبير الأمور في هذا الإيمان: لقد متُّم عن العالم، وقمتم لله. وإذ دُفنتم للعالم في هذا العنصر (الماء)، إذ أنتم أموات للخطية، قمتم للحياة الأبدية. لذلك آمنوا أن هذه المياه ليست خالية من القوة[28].
v أنت تخلص العالم، فلتخلص نفس خاطئ واحد!
هذا هو سمو حنوَّك الخاص، الذي به تخلص العالم كله، واحدًا فواحدًا!
أُرسل إيليا إلى أرملة واحدة (1 مل 17: 9).
وطهَّر أليشع إنسانًا واحدًا [14].
أما أنت أيها الرب يسوع تطهر اليوم ألوفًا. كم من كثيرين تطهرهم في مدينة روما؛ وكم من كثيرين بالإسكندرية، وأيضًا بالقسطنطينية! حتى القسطنطينية تتقبل كلمة الله، وتتقبل براهين أحكامك الواضحة.
القديس أمبروسيوس

v عندما نزل نعمان في النهر رمز المعمودية "رجع لحمه كلحم صبى صغير" [14]. لاحظوا أيها الإخوة الأحباء أن هذا الشبه قد كمُل في الشعب المسيحي، إذ تعلمون أن كل الذين يعتمدون لا يزالون يدعَون أطفالاً، سواء كانوا كبارًا أو صغارًا. الذين ُولدوا عتقاء بآدم وحواء، يولدون من جديد كصغارٍ بالمسيح والكنيسة. الميلاد الأول يلد أناسًا للموت، والثاني للحياة. الأول يجلب أبناء الغضب، والثاني يلدهم من جديد كأوانٍ للرحمة. يقول الرسول: "في آدم يموت الجميع" (1 كو 22:15).
لذلك كما أن نعمان وهو رجل كبير صار صبيًا بالغسل سبع مرات، هكذا الأمم مع أنهم عتقاء بسبب خطاياهم السالفة ومصابون بوصمات البرص الكثيرة، تجددوا بنعمة المعمودية بطريقة لا يبقى فيهم برص الخطية الأصلية أو الفعلية... عندئذ يتحقق فيهم ما يخبر به الرسول الكنيسة بخصوص المسيح: [ليقدم لنفسه كنيسة بلا عيب ولا غَضْنَ] (أف 27:5).
الأب قيصريوس أسقف آرل
v [اُستهلك جسده بالعقوبات، ليعود إلى أيام صباه] (أي 33: 25). عندما سقط الإنسان الأول من الله، طُردنا من مباهج الفردوس، وارتبطنا بمآسي هذه الحياة الفانية. ونشعر بألم عقوبتنا مدى خطورة خطأنا الذي ارتكبناه بغواية الحية. فإننا إذ سقطنا إلى هذه الحال، لا نجد شيئًا خارج الله سوى الحزن... فإننا نعاني يوميًا من الحزن في الجسد، وفيه العذاب والموت، لذلك فالرب بتدبيره العجيب يُغيِّر ما حلٌ بنا بارتكابنا الخطية وذلك بوسائط العقوبة....
[اُستهلك جسده بالعقوبات، ليعود إلى أيام صباه]. كأنه يقول: خلال عقوبة موته (موت الإنسان) هبط بعمره المسن، فيرتد إلى أيام صباه، أي يتجدد إلى كمال حياته السابقة، ولا يبقى في الحال الذي سقط إليه، بل بخلاصه يرجع إلى مباهج حالته التي خُلِقَ عليها أصلاً... إذ أُحْضِرْنَا إلى هذه القوة للحياة الجديدة، ليس بقوتنا، وإنما بواسطة المُخَلِّص، ليت الرسول (السيد المسيح) يقول في وساطته لهذا الإنسان الذي تحت العقوبة: [ليعود أيام صباه].
البابا غريغوريوس (الكبير)
أما كان يكفي أن يستحم مرة واحدة في نهر الأردن؟ لا يخضع العمل الروحي، أو الشفاء الروحي للأرقام. هكذا يرى القديس مار يعقوب السروجي، لكن رقم 7 يشير إلى الراحة حيث خلق الله العالم في ستة أيام واستراح في اليوم السابع. وجاء في سفر الأمثال أن الحكمة (كلمة الله) بنَت بيتها، أي الكنيسة، في جمالٍ بارعٍ، وأقامته على سبعة أعمدة. كذلك أوجد الله الزمن قائمًا على الأسبوع الذي يتكون من سبعة أيام. لقد أراد النبي أن يربط معجزة التطهير من البرص بعمل الخلق نفسه. فتطهير الأبرص لم يكن بقوة أليشع وسلطانه الشخصي، إنما من عمل الخالق الذي يجد راحته ومسرته في تطهير البشرية من برص الخطية، وفي من يقدس كل الزمن، ليحيا طاهرًا في العالم بالحاضر، كعربون للقداسة الكاملة في الحياة العتيدة. هذا الذي خلق الزمن لأجل الإنسان ليكون مقدسًا وطاهرًا!

v ذهب واغتسل سبع مرات كما أُمر، ونُزع برصه، وصار طاهرًا بقوة عظمى.
لماذا أمره أن يغتسل سبع مرات، مع أن القوة واحدة لا تخضع للتعداد؟...
قامت الخلائق وتخومها في ستة أيام، وفي اليوم السابع استراح من أعماله البديعة.
ولهذا كُرِّم السبتُ على السبعة أيام، لأنه الإكليل الذي به خُتمت كل الخلائق.
بنت الحكمة لها بيتًا عظيمًا مملوءًا جمالاً، وسندته بسبعة أعمدة ليقوم بها.
في سبعة أيام يسرع العالم نحو التغييرات، وهي تدور فيه كل يوم وتقيمه.
أيام الأسبوع السبعة التي بها يقوم العالم كله، تقف مثل أعمدة وتحمله.
ولهذا علَّم النبي الأرامي سرّ السبت، فيغتسل سبع مرات ويطهر.
فإن طُرح سؤال عن هذا التعداد يأتي سرّ السبت ويدخل ويظهر نفسه.
ومن التوراة ظهر جمال هذا العدد الذي به أقام الخالق العوالم وإبداعها.
تطهير الأرامي كان أعجوبة، ومع الأعجوبة كان يلزم التعليم.
وضع النبي عدد الأيام السبعة، ليصير نافعًا للأراميين ويفيدهم.
فحين يستفسرون عن عدد المرات السبع يعرفون القوة من التوراة صاحبة الكنوز.
ظهر خبر القدرة الخالقة والإبداع، والخالق الذي أقام العوالم في سبعة أيام.
القديس مار يعقوب السروجي
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
فَلَمَّا قَرَأَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَقَالَ
(يوحنا٤: ٣٧) هذَا إِذْ سَمِعَ أَنَّ يَسُوعَ قَدْ جَاءَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجَلِيلِ
سفر الملوك الثاني 19: 1 فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذلِكَ، مَزَّقَ ثِيَابَهُ
سفر اشعياء 37 :1 فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذلِكَ مَزَّقَ ثِيَابَهُ
سفر صموئيل الأول 25: 39 فَلَمَّا سَمِعَ دَاوُدُ أَنَّ نَابَالَ قَدْ مَاتَ قَالَ


الساعة الآن 09:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025